- بقلم علي بدوان
في فلسطين، وفي مدينة حيفا بالذات، كان معمل الدمشقيان (اصفر وخطيب) للبلاط والرخام والموازييك، ومن شركائهم في فلسطين، كان ايضاً الدمشقي (عيد الحموي). الذي عاد وافتتح معملاً للرخام والموزاييك بدمشق بعد نكبة فلسطين بالقرب من جادة (عين الكرش) في المكان المقابل لمعهد (هورزون) عند الإستدارة باتجاه مبنى النفوس والجوازات، وهو المبنى المتواضع ومن طبقة واحدة مع مساحة أرضية واسعة نسبياً، والذي مازال قائماً حتى الآن، ودون سكان، سوى محل صغير لبيع أسطوانات الغاز. كما عاد الشريكان (أصفر وخطيب) ليفتتحان معملاً مماثلاً بدمشق.
معظم العاملين و "المعلمية" كانوا من فلسطين، في معمل (اصفر وخطيب) ومعمل (عيد الحموي)، إضافة لمعمل الدمشقي (عزت طرحو ـــ أبو زهير)، الذي أقامه في منطقة المزرعة بدمشق قبل انتشار البناء الواسع في تلك المنطقة، وتحديداً خلف البنك المركزي.
إذاً، كان معظم (المعلمية) من فلسطين، ومنهم المرحوم شعبان الأسود، وعمي المرحوم أنيس (أبو عمر)، ومجموعة من الحيفاويين واليافاويين، ووالدي الذي اتقن هذه المهنة بسرعة الى جانب مهنته الأصلية في فلسطيني كميكانيكي في سكة حديد حيفا، وفي ورشة إضافية كان يعمل بها بعد الظهر في حيفا. بما في ذلك اصلاح الآلات الزراعية، ومنها الآلات التي كانت تعود لصديقة أيام البلاد نجيب المرعي (من عائلة طميش) من بلدة (أم الفحم) والتي كان يُشغّلها في المواسم في أراضيه الزراعية في منطقة المثلث في فلسطين.
كان المرحوم والدي والدمشقي صاحب معمل الرخام والموزاييك (عيد الحموي) أصدقاء من فلسطين، فامتهن المرحوم والدي، المهنة الإضافية الثانية بدمشق بعد النكبة في المعمل الجديد لــ (عيد الحموي)، في صناعة البلاط والرخام والموازييك، وافتتح معمله الأول باليرموك 1959 وحتى بدايات سبعينيات القرن الماضي، ليعمل أولياً (دون تطوير كبير في مستوى انتشار انتاج المعمل) باعتبار أن العودة لفلسطين آتية وقريبة، ولاضرورة لـــ (الشد) بالعمل أكثر فأكثر. فقد استطاع أن يجني مبالغ من المال وارباحاً جيدة، الاّ أن ايمانه القاطع، وثقته بالعودة الى فلسطين، جعلته كمن ينثر تلك الأموال التي سقطت عليه من ارباح معمله الصغير في كل اتجاه، دون أن يدخر شيئاً منها، ودون أن يحاول حتى شراء منزلٍ بالرغم من امتلاكه في تلك الفترة لثمن أكثر من منزل وسط مدينة دمشق نتيجة نجاحه في عمله.
كان شقيقي الكبير عبد الرحمن (مواليد حيفا وداي الصليب عام 1946)، ومحمد (ولد في الأيام الأولى للخروج من حيفا في عنبتا قضاء طولكرم عام 1948) ممن التقطوا المهنة بسرعة فائقة. فانتظموا بها في المعمل الأول عند مداخل مخيم اليرموك، والباقي من الأخوة والأشقاء في المدارس والجامعة لمواصلة التعليم.
إذاً، معمل الرخام والبلاط والموزاييك كان الأول في مخيم اليرموك، أقيم من قبل والدي، وعلى مداخل المخيم تقريباً، وكان جل انتاجه لليرموك والمناطق القريبة المحيطة. في مهنة كانت تدر بشكلٍ جيد على أصحابها، خاصة اذا تم تطوير الإنتاج وتسويقه أكثر فأكثر. وهنا أقول بأن شقيقي عبد الرحمن ومحمد، التقطا فنون هذا العمل، واستمرا به في خدمة الأقارب والعائلة بعد اغلاق المعمل نتيجة مرض الوالد، وتأثرة الصحي بغبار العمل (الإسمنت الأبيض والأسود)، خاصة وأنه كان شره في حرق التبغ (سجائر نوع حمراء ذات التبغ الأصلي). بعد اغلاق المعمل تم بيعه، وبيع موجوداته من أدوات العمل الى المرحوم الدمشقي (عادل اللبني ـــ أبو عزات) من (حي الميدان/القاعة) الذي قام بنقله الى مكانٍ أخر، وجاء بمجموعة من (المعلمية) والعمال للعمل به.
بعد وفاة الوالد، رحمه الله، ووجود معظم أقاربنا في فلسطين المحتلة عام 1948 في حيفا وغيرها، وفلسطين المحتلة عام 1967 في بلدة عتيل قضاء طولكرم وغيرها، بات شقيقي عبد الرحمن الأكبر سناً بيننا في سوريا، وهو المولود (كما اسلفنا) في وادي الصليب في حيفا. فناله لقب عميد العائلة في سوريا. أطال الله بعمره وأعمار جميع أشقائي ورحم والدينا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت