- د. طلال الشريف
في تقديري رغم كل الجدل والغموض والضباب حول حالة حركة فتح فإن حقيقة الصراع هو "على فتح" وليس "في فتح".
الاقليم والعالم والعرب، ما عدا قطر وتركيا، يريدون فتح أن تستعيد قوتها وتظل قادرة على مواجهة الثقافات الأخرى الجديد منها، وما يستجد، في المنطقة ويمتد أثره حول للعالم.
بقيت حركة فتح على الدوام مركز التصدي الأول لتغيير الثقافة العربية، بحكم خصوصية القضية الفلسطينية وإشعاعاتها، وانطلاق التأثير على الجماهير العربية، رغم عدم صنع فتح للسياسة في المنطقة، لكنها أي فتح عملت كقاطرة للعرب من وإلى القضية الفلسطينية.
ولأن فتح لا تصنع سياسة كما دول كبرى في المنطقة إلا أنها كانت ولازالت تشكل موقعا متقدما جدا منذ نشأتها في التأثير على الثقافة العربية لمواجهة المشاريع الأخرى اليسارية والاسلامية واحيانا المتطرفة منها، ولذلك نرى الحفاظ على فتح أصبح ديدن العرب المواجهين للاسلاميين في هذه المرحلة والمرحلة القادمة.
ولأن ثقافات المنطقة، كل يريد ثقافته أن تسود لتحمي مصالحها، نرى صراعا كبيرا في انتخابات فلسطين هذه المرة، وهي صراعات دول عدة وليس صراعات تنطيماتنا الفلسطينية ويتمحور الصراع في أفق دخول الإسلاميين لمنظمة التحرير لأول مرة في تاريخ المنطقة.
فلسطينيا، الآن، يهرب المواطن الفلسطيني من التفاعل مع الانحياز أو حسم الموقف سواء لفكرة أو لجماعة كالسابق رغم الإنقسام الحادث شكلا ومضمونا وأدى لحالة استقطاب حادة بين فتح وحماس والذي أكدته حالة رفض شديدة داخل الحزبين للقائمة المشتركة، وهو التعبير الحقيقي على الصراع الحاد على الثقافة التي تنتهجها دول المنطقة، وهو مناقض لحالة التوافق التي جرت ببن القيادتين لعمل قائمة مشتركة لمصالح ضيقة دون فهم لتلك التحولات.
.. حالة غريبة تجتاح الشعب الفلسطيني طغت شكليا عليها الرغبة في التغيير واجراء الانتخابات، حيث الغالبية جنحت نحو الوسطية ومواقف حمالة لأوجه كثيرة وهنا سؤال عابر.. هل نجحت أفكار ال NGOs في تغيير قوة الجماعة إلى الفردية؟ .. انتبهوا انتبهوا سنرى صحة الظاهرة الخطيرة في صندوق الانتخابات.
في المجتمع الفلسطيني رغم الحشد الموسع للجميع هناك تغيير من قوة الجماعة إلى الفردية المسؤول عنها حركة فتح التي تشكل دائما التغيير في مجتمعنا ..
هل بدأت هذه الظاهرة حين شكل الرئيس عباس أول وزارة بعد الانقلاب وأبعد عنها الفتحاويين؟ وحتى الآن تلك العملية مازالت جارية وتتضح أكثر في تشكيل القوائم كلها وخاصة قائمة فتح وعدم الرضا عن منع الرئيس أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري من الترشح .. والسبب الخفي هو ما يحدث في فتح بأنه ليس صراعاً "في فتح" بل هو صراع "على فتح" لو دققتم عميقاً.
هذا التغيير من قوة الجماعة إلى قوة الفرد هو سبب الخلافات داخل فتح بعد غياب ياسر عرفات وهو ليس سطحيا في فكر رئيس حركة فتح محمود عباس فهو فكر مختلف تماما عن ياسر عرفات بالرغم من فردية عرفات إلا أنه كان يحمل قوة الجماعة الفتحاوية فكانت فتح قوية أما عباس فهو يؤمن من الأصل بتميزه بالبعد عن قوة الجماعة متشبها بفكر ال NGOs، ولذلك كرس الفردية في فتح كلها ولم يحملهم كقوة جماعية، وهذا ما يحدث في فتح الآن وكذاك المجتمع الفلسطيني كله متأثرين بفتح .. وعودة ارتفاع شعبية فتح لا تشير لقوة الجماعة ذاتها، بل تشير لتوجه المجتمع كله نحو بديل كبير الحجم لمواجهة حماس لتلتقي مع رغبة العرب والأقليم في مواجهة الاسلاميين ولكن دون اعلان فظ هذه المرة عن ذلك بوضوح.
والانتصار هو ليس الأغلبية في الانتخابات القادمة ستكون لحركة فتح عباس بل ظهور تيار جذوره فتحاوية وامتداده عربي تتوافق عليه غالبية العرب في شكل الصراع الجديد القادم لمواصلة الأصل في الصراع مع المشروع الصهيوني، كما طبيعته الأصلية في أنه صراع عربي صهيوني أربكه الإسلام السياسي فترة من الزمن وجاري اعادته للأصل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت