- إبراهيم أبراش
شاركت في الندوة التي نظمها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الدكتور ناصر القدوة عبر تقنية الزوم يوم أمس الثاني من مارس حول الانتخابات، وفي هذا اللقاء الذي شارك فيه حوالي 230 شخصية متعددة الاتجاهات السياسية، أعلن الدكتور ناصر عن تشكيل الملتقى الوطني الديمقراطي الذي سيخوض الانتخابات التشريعية بقائمة مستقلة ستكون مفتوحة أمام الجميع بما فيهم مروان البرغوثي ومؤيديه وجماعة دحلان بدون محمد دحلان، مستبعداً حركة حماس ومن ينتمي تنظيمياً لها، كما طرح الدكتور ناصر 22 نقطة كأساس للبرنامج السياسي للملتقى.
بشكل عام فإن الساحة الفلسطينية وطبيعة النظام السياسي لا يتعارض مع تشكيل ملتقى أو حزب أو تجمع جديد بعد وصول التنظيمات والفصائل القائمة لطريق شبه مسدود وباتت المراهنة عليها فقط كمنطلق للتغيير والتجديد واستنهاض الحالة الوطنية كمن يراهن على سراب، بسبب ترهلها وارتهاناتها الخارجية وبعد انكشاف توجهات عند بعض القوى النافذة في الطبقة السياسية الحاكمة في غزة والضفة لتوظيف الانتخابات لتجديد شرعيتهم المتآكلة واقتسام مغانم سلطة تحت الاحتلال ملتزمة بالإملاءات الأمريكية والإسرائيلية، وقطع الطريق على أي مساع وطنية جادة لإحداث تغيير وطني حقيقي .
سيكون للملتقي الوطني الديمقراطي مصداقية أكبر إن كان هدف القائمين عليه ليس فقط الحصول على عضوية في المجلس التشريعي، بل إحداث تغيير جذري في النظام السياسي وهذا ما أكد عليه الدكتور ناصر، حتى وإن كنت أعتقد أن التغيير الجذري يجب أن يبدأ بمنظمة التحرير، مجلساً وطنياً ولجنة تنفيذية ورئاسة، لأن المنظمة عنوان الشرعية وليس المجلس التشريعي ولأنه يمكن لقيادة الشعب المتمثلة في الرئيس أبو مازن واللجنة التنفيذية أن تعطل بل وتلغي كل مخرجات الانتخابات التشريعية إن جاءت على غير رؤيتها السياسية وتعارضت مع المصلحة الوطنية من وجهة نظرها.
المشكلة لا تكمن في تشكيل ملتقى أو جماعة سياسية جديدة ، بل في تعدد القوائم ذات المرجعية أو التوجهات الوطنية التي تتنافس في هذه الانتخابات التشريعية وخصوصاً القوائم المحسوبة على حركة فتح أو ستنزل باسم حركة فتح، وحتى الآن وحسب علمي توجد خمس قوائم مؤكدة: الأولى الرئيسة التي يقوم على تشكيها عضوا اللجنة المركزية جبريل الرجوب وحسين الشيخ ويدعمها الرئيس أبو مازن، والثانية قائمة مروان البرغوثي، والثالثة قائمة ناصر القدوة أو الملتقى الوطني الديمقراطي، والرابعة قائمة محمد دحلان، وربما قائمة خامسة يشكلها نبيل عمرو، والحبل على الجرار كما يقول المثل.
من الممكن أن يكون تعدد القوائم الوطنية الفتحاوية أمراً محموداً وخطوة ذكية لو كانت في سياق تفاهم ضمني بين القائمين على هذه القوائم واللجنة المركزية والرئيس بهدف استقطاب كل عناصر حركة فتح بما فيهم الغاضبين أو المستائين من ممارسات اللجنة المركزية للحركة أو بعض عناصرها، أيضاً استقطاب المواطنين المستقلين أو غير الحزبيين، والمستائين من تنظيماتهم السياسية الدينية أو اليسارية، حتى وإن كان هذا التعدد سيشتت الأصوات. في اعتقادي أن هذا التشتت لن يكون مضراً إن كان هناك تفاهمات مسبقة كما أشرنا حيث سيتم تجميع كل الفائزين في الانتخابات في تكتل برلماني واحد، وهذا التعدد سيكون أقل ضرراً مما لو نزلت حركة فتح بقائمة واحدة دون توافق داخلي، لأنه في هذه الحالة الأخيرة هناك احتمال عدم فوزها بأغلبية مريحة في الانتخابات.
أما إن لم تنجح حركة فتح في لملمة أوضاعها والتوافق على قائمة واحدة وتنافست عدة قوائم دون تنسيق فلن تفوز أية قائمة بعدد مقبول من الأصوات وسيكون الفائز في هذه الانتخابات هي حركة حماس، كما ستتزايد الخلافات بين الفائزين في القوائم الفتحاوية حيث سيُحَمِل كل طرف فتحاوي بقية الأطراف بالمسؤولية عن الفشل .
مع استمرار الأمل بوحدة حركة فتح وتوافقها على قائمة فتحاوية وطنية مشتركة، إلا أن التخوفات ما زالت قائمة من نتائج كارثية للانتخابات ليس فقط على حركة فتح بل وعلى القضية الوطنية برمتها. وتجنباً لما هو أسوأ وكاقتراح للخروج من المأزق الذي تواجهه حركة فتح أقترح على القيادات القائمة علي تشكيل قوائم فتحاوية أن لا تكون على رأس هذه القوائم أو ضمنها وبهذا تُبعد كل الشبهات والمزاعم بأنها تسعى من تشكيل القوائم الى الحصول على عضوية التشريعي فقط، كما أنه بالامتناع عن وجودها في القوائم تنسجم وتلتزم بقرار الرئيس أبو مازن بالأشخاص الممنوعين من الترشح للانتخابات وبهذا تحافظ على وحدة حركة فتح ولو نظرياً.
واخيراً ومع مرور كل يوم تتزايد حالة القلق من الانتخابات وعلى الانتخابات، وحالة القلق لم تعُد من التدخلات والضغوط والاشتراطات الخارجية، بل من عدم نضوج الوضع الداخلي وخصوصاً الفتحاوي والتراجع التدريجي عن كل ما سبق من حديث عن وجود تفاهمات بين حركتي فتح وحماس. ومع ذلك فالشعب ما زال يراهن على أن تشكل الانتخابات مخرجاً من المأزق والطريق المسدود للنظام السياسي، ولأن فشل إجراء الانتخابات أو فشل الالتزام بمخرجاتها يعني العودة لوضع أسوأ من الوضع الراهن، كما أُعيد التأكيد بأن غالبية الشعب ما زالت تراهن على حركة فتح ومنظمة التحرير، فعليهما تقع المسؤولية في حالة النجاح وفي حالة الفشل .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت