- كتب : محمد بسام جودة
لا غرابة أن يتم فصل الدكتور ناصر القدوة من حركة فتح ولجنتها المركزية بقرار جائر، وهو الذي تربي وترعرع في هذه الحركة وتتدرج في قيادتها بدءاً من العمل في حركة الشبيبة الفتحاوية إلي الاتحاد العام لطلبة فلسطين إلي ممثل الدبلوماسية الفلسطينية وعضوية المجلس الثوري وصولاً لعضوية اللجنة المركزية ، هذا القائد الفتحاوي الأغر الذي ارتبط اسمه دوما، بخاله، الزعيم الفلسطيني التاريخي، ياسر عرفات وانتمي للحركة إيماناً وقناعة بتاريخها وبرنامجها الكفاحي و النضالي، كحركة تحرر وطني تستوعب الجميع ، ويختلف فيها الجميع علي قاعدة أن الاختلاف في الرأي علي الدوام كان منهجاً ديمقراطياً وصحياً وحق مكفول لكل من ينتمي لهذه الحركة الكبيرة والرائدة إلا في زمن الرئيس محمود عباس الذي حول هذه الحركة من حركة تحرر وطني إلي امبراطورية فرعونية في عهده ، لا قول ولا عمل ولا حرية فيها لأحد دون وصاية سلطته فهو الآمر الناهي في كل شيء ، كيف لا وهو يمارس أسوء أنواع الديكتاتورية والغطرسة في تجلياتها التي لا تقبل موقف أو رأي أو اختلاف ويحارب فيها كل من يعترض طريقه نحو الهيمنة والتفرد والاستحواذ علي هذه الحركة العظيمة التي جبلت بدماء آلاف الشهداء وعذابات الأسري في السجون الاسرائيلية .
إن سياسة الاختطاف و الاستقواء والهيمنة والتفرد بالقرارات التي يصر الرئيس عباس أن يمارسها وينتهجها في قيادته لهذه الحركة ، لا يمكن لها أن تنتج سوي التدمير والخراب والتفكك، فليس من أبجديات وبرنامج هذه الحركة وسلوكها التنظيمي أن نجد فيها زعيماً أو قائداً يبطش ويمارس كل أنواع الاقصاء والابعاد والتهميش والعنجهية السلوكية والقمع المنظم لكل من يخالفه أو يتعارض معه في الرأي و الموقف أو يدعو لتصويب مسار هذه الحركة واصلاحها ، فمنذ أن عرفت فتح قبل أكثر من 25 عاماً ، ومنذ أن عملت في شبيبتها أيام المدرسة وحتي الجامعة لم أعهد هذه السياسة التي لا نجدها إلا في حكم وشريعة الغاب وسيطرة العقلية الفردية في اتخاذ القرارات وعدم تقبل الرأي الآخر واحكام القبضة القمعية واشاعة لغة الكراهية للهيمنة علي هذه الحركة ومقدراتها ومن فيها ، علي قاعدة أنا ربكم الأعلى .
لذلك أعتقد أن استمرار هذه السياسة التعسفية والقرارات الجائرة والسلوك العدواني وهذه العنجهية في القيادة التي ينتهجها الرئيس عباس وبعض من حوله من المتنفذين في قيادة هذه الحركة ، لن تحل اشكاليات فتح والخلافات والتصدعات الموجودة بداخلها وأن المضي بهذه الطريقة لمعالجة هذه الاشكاليات لن تفلح في الحفاظ علي تماسك ووحدة هذه الحركة ، وأنه بدون مراجعة حقيقية وشاملة لسياسة فتح وسلوكها ، ودون وقف لسياسة الفصل التعسفي والاقصاء بحق اعضاء وكوادر وقيادات فتحاوية عديدة ممن يختلفوا مع هذه المنهجية وهذه العقلية في التعامل مع أقطاب المعارضة داخل الحركة أو يختلفوا في الرأي والسلوك وإدارة الشأن التنظيمي والوطني فيها، فإننا سنشهد المزيد من الانقسامات والاستقالات والتشرذم بداخلها، وسيتم هدم المعبد علي رؤوس الجميع إذا لم يتم وقف هذه المهزلة وهذا الانحراف الخطير والرداءة في عقلية من يقود هذه الحركة ، والخاسر هنا ليس أشخاص بقدر ما هو خسارة لهذه الحركة الكبيرة في كل الساحات والميادين ، والرابحون حصراً هم خصوم هذه الحركة وأعدائها ولا عزاء للشامتين والمتربصين.
وللحديث بقية ،،،
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت