- نبيلة منيب
الأمين العام للحزب الإشتراكي الموحد
منسقة فيدرالية اليسار الديمقراطي
-الرباط-
■ تمر القضية الفلسطينية في ظروف صعبة، في مواجهة «صفقة العار» ومسلسلات التطبيع وغطرسة وعنصرية العدو الصهيوني، وكل المحاولات اليائسة لتصفية القضية.. وفي ظل الأزمة السياسية العالمية التي عرّت، وبشكل غير مسبوق، على شروخ النظام العالمي الذي وصل إلى أزمة أصبحت تفرض وملاحية إعادة النظر فيه بل وضرورة تجاوزه، فإن هذا الوضع يفرض علينا تقوية وعي قوانا وشعوبنا وأن نكون في التفكير وتوليد الأفكار والفعل وتقوية التضامن
فالأزمة ليست فقط اقتصادية أو صحية أو بيئية ، وتركيع الدول وسلب سيادتها، تحت ضغط المديونية والتدخل والنهب الممنهج للخيرات، واتساع الفوارق الاجتماعية والمناطقية وتكريس التبعية والعبودية الجديدة. ولكنه عمل مخطط له من قبل الأوليغارشية العالمية المحتكرة للسلطة من مجموعات اقتصادية ومالية ومجموعات الإعلام الرقمي والتواصل (الغافام)، لفرض السلطوية ووضع البشرية تحت ضغط الخوف والترهيب الذي يشلّ العقل قبل الجسم، وفرض الحجر الصحّي، أو إن صحّ التعبير "فرض الإقامة الجبرية" على الناس، كمقياس لمدى طاعتهم وخضوعهم. وهكذا تفرض السلطوية والتضييق على الحريات، والتحضير لقوانين ضرب الحريات حتى لا تبقى لا حرية ولا ديمقراطية ولا إمكانية للتضامن الحقيقي.
الرهانات والتحديات
إن اللحظة تتطلب وعيا كاملا للرهانات والتحديات، والذي يجب أن يشمل فئات شعبية مناضلة واسعة، لكي تشكل الكتلة الحرجة القادرة على الفعل و الضغط لإيقاف المنحى التراجعي، و لكي نفعل باتجاه تقدم الديمقراطية والمساهمة في التأسيس للعالم السياسي الجديد، من أجل الدفاع عن الصالح العام. دفاعا عن تحرر الشعوب وتحقيق العدالة الاجتماعية، وصيانة حق الشعوب في تقرير مصيرها واسترجاع حقوقها وكرامتها.
لذلك يجب التفكير والعمل، مع الحفاظ على الأمل والتفاؤل كما قال غرامشي “ هناك تشاؤم الذكاء و تفاؤل الإرادة”، هذا الأخير الذي يعطي توازنا لتشاؤم الذكاء. ولأن الحق يعلو و لا يعلى عليه، وأن الشعوب ستنتصر مهما طال الأمد، فالمفتاح هو أن نجسد الأفكار والقيم التي ندافع عنها، وأن نبتكر طريقة للتواصل والتعاون بيننا والدفاع عن مواقفنا بالمقاومة و التضامن.
خطط تسريع تصفية القضية الفلسطينية
إننا أمام استغلال الأوضاع المتأزمة من أجل تسريع تصفية القضية الفلسطينية، في محاولة يائسة لاستكمال أشواط “صفقة العار” و دفع الأنظمة الفاسدة و الضعيفة نحو تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، والتي تحت خدعة ربط علاقات اقتصادية ستستفيد منها هذه الدول، الغارقة في المديونية وعطالة شبابها، و فقر و تهميش فئات واسعة من شعبها، نتيجة فساد وجشع نخبها الحاكمة و زواج السلطة و المال و الريع، فإن هذه الدول لن نستفيد في ظلّ علاقات اقتصادية، غير متكافئة، ستحوّل الدول المطبّعة إلى سوق ، وتمهد لنهب الخيرات بسط يد الكيان الصهيوني على العديد من المجالات. وما هو أخطر، هو إبرام شراكات في مجال التربية والتكوين لتزوير الحقائق التاريخية، وفرض تقارب وتسامح مزيّف مع الكيان الصهيوني. لهذا فالمقاومة، يجب أن تكون على عدّة واجهات وهي تمرّ بالضرورة عبر معركة مقاومة التطبيع التربوي، وفرض تضمين المناهج المدرسية دراسة التاريخ الحقيقي والحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني.
نحو التعبئة الأوسع
إننا إذ نحيي استمرار المقاومة الفلسطينية الباسلة في وجه الإستعمار الإستيطاني والعدوان الصهيوني الهمجي المتواصل الذي يقوده الثنائي الصهيوني ـ الامبريالي وحلفائه بتواطؤ الرجعية العربية، نؤكد على ضرورة محاربة الاستسلام والإحباط، والعمل على خلق تعبئة واسعة، وجبهات للدعم الشعبي المغاربي والعربي ، لتستمر مقاومة الإمبريالية والصهيونية وعالم يكيل بمكيالين ويتكلم لغة الغطرسة و الإستبداد، ولغة المصالح الجيواستراتيجية، ويعمل اليوم على تجاوز أزمته المزمنة وذلك بإخراج” نظام عالمي جديد” كي لا يتغير شيء عبر مسلسلات الخداع و ضمنها “مسلسل التطبيع”،
إن التصدّي لهذا المخطط الجهنمي، ودعم نضال الشعب الفلسطيني، يتطلب من الشعوب العربية و المغاربية نهضة حقيقية تعتمد الوعي بمصيرها المشترك أمام محاصرة إرادة الشعوب في التحرر و الانعتاق، وذلك عبر العمل على رفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، تحت أي ذريعة كانت، والانتفاض ضدّ سياسة التخويف” والتركيع.
كما أن على اليسار المغاربي والعربي أن يعمل على أن يؤهل نفسه لخوض المعارك المستقبلية، والتي ستكون حاسمة ليشكل الجواب السياسي للانتفاضات الشعبية والاجتماعية الرافضة للاستبداد والفساد، والتواقة للتحرر وللحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وأن يبدع أشكالاً جديدة للتضامن مع القضايا العادلة وجمع الدعم لها، ون يقود معركة مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأن يكون مساهما في خلق ميزان قوى جديد ينتصر للسلام والعدل ولفرض احترام القانون وإرادة الشعوب وعلى رأسها إرادة وحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية المشروعة.
إذ ننحني إجلالا أمام أرواح الشهداء الزكية ونحيي صمود الشعب الفلسطيني ونؤكد دعمنا اللامشروط لكل أشكال المقاومة و استعدادنا لنصرة الشعب الفلسطيني،
ـ نعلن مساندتنا لكل المساعي الداعية إلى توحيد الصف الفلسطيني وتقوية جبهته الداخلية وبناء الوحدة الوطنية
ـ نجدد دعوتنا المنتظم الدولي إلى تحمّل مسؤولياته من أجل وضع الثنائي الصهيو ـ امبريالي أمام مسؤولياته والعمل على إنصاف الشعب الفلسطيني وحقه في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس اللاجئين و تحرير الأسرى
ـ نذكّر بالأهمية القصوى لمواجهة كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني باعتباره خيانة وندعو إلى ضرورة وقف كل تعاون أمني معه أوحتى علمي، كما نطالب بتقديم المجرمين الصهاينة أمام محكمة العدل الدولية
ونجدد عزمنا على التعاون ومواصلة النضال على كل الواجهات الممكنة والضغط الميداني ليحصل التغيير الديمقراطي، وأن نعمل على التوحيد والتشبيك حتى نقوي مواقفنا وفعلنا وقدرتنا على الدفاع على مصالحنا و مقدساتنا وتحرر شعوبنا والإنتصار للقضية الفلسطينية العادلة■
تحية الصمود لمقاومة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت