كرمت الهيئة العامة للشباب والثقافة بغزة، يوم الأحد، الأديب الفلسطيني الراحل هارون هاشم رشيد، بمناسبة اليوم العالمي للشعر والذي يصادف سنويًا الثاني والعشرين من مارس/آذار، وضمن مشروع "عاش هنا".
وحضر حفل التكريم، رئيس الهيئة الأستاذ أحمد محيسن، ومدير عام العمل الأهلي والآداب الأستاذ سامي أبو وطفة، ومدير عام الفنون الأستاذ عاطف عسقول، ومدير عام الرقابة الأستاذ عارف بكر، بالإضافة إلى أسرة الراحل، وضيف الحفل وكيل وزارة الثقافة الأسبق الأستاذ مصطفى الصواف.
وفي كلمة له، قال محيسن "إن مشروع عاش هنا يهدف إلى تكريم المبدعين الراحلين من أبناء الشعب الفلسطيني، تقديرًا لإسهاماتهم المؤثرة في العمل الوطني ودورهم الريادي في النهوض بالثقافة الفلسطينية ونشرها ونقلها إلى العالم"، مشيرًا إلى أنه سيتم من خلال المشروع تكريم (20) شخصية ثقافية، من شعراء وأدباء وفنانين ومؤرخين من قطاع غزة.
وأضاف: "يُعد الشاعر رشيد من أبرز شعراء قطاع غزة، وهو الذي جعل من قضايا اللجوء والهجرة وحق العودة أبرز منطلقات أعماله الأدبية، واستطاع ببراعة أن يوظف الشعر في خدمة قضاياه الوطنية، وتميزت أشعاره بروح الثورة والتمرد ورفض الظلم، وأبدع في تجسيد أوجاع وآلام وأحلام أبناء شعبه وتضحياتهم، فتغنى بتضحيات الشهداء، وشد أزر الأسرى، وساند المقاتلين الأبطال".
وتابع: "جسد الراحل أروع صور الانتماء للأرض والقضية، وقدم على مدار سنوات طويلة تجربة وطنية وثقافية راسخة ومتميزة من خلال نشاطه الأدبي والصحفي وساهم في نقل القضية الفلسطينية إلى المحافل الدولية"، داعيًا الشعراء والمبدعين الشباب للحذو حذو الشاعر الراحل في تبني القضايا الوطنية من خلال أعمالهم الإبداعية.
من جانبه قال الصواف: "استطاع الشاعر رشيد من خلال أعماله الأدبية أن يعزز الوعي الوطني لدى أبناء الشعب الفلسطيني في مرحلة حساسة من تاريخ القضية الفلسطينية مع حلول النكبة، وزاد انتشارها وتأثيرها مع زيادة وتيرة اعتداءات قوات الاحتلال وتغولها"، مشيرًا إلى أن الشاعر تميز بتفاعله مع الأحداث التي مرت بها فلسطين وشعبها.
ولفت الصواف إلى أن أعمال رشيد تخطت حدود فلسطين، لما اتسمت به من لغة مباشرة وبسيطة تخاطب القلب والعقل بصورة فريدة، مبينًا أنه تم اعتماد عدد من قصائده في المناهج التعليمية في عدد من الدول العربية.
من جانبها تحدثت الحاجة سهام حول علاقتها المميزة بشقيقها الشاعر هارون رشيد، وأبرز المحطات التاريخية التي مر بها، لافتة إلى أنه كان له دور وطني مميز منذ صغره حيث شارك في استقبال أبناء شعبه المهاجرين من الأراضي المحتلة عام 1948 إلى قطاع غزة عند شاطئ البحر، وتطوع لمساعدتهم والوقوف إلى جانبهم وشد أزرهم ورفع روحهم المعنوية من خلال نظم القصائد الشعرية.
يذكر أن الشاعر الراحل هارون هاشم رشيد ولد في حي الزيتون بمدينة غزة عام 1927، أنهى دراسته الثانوية فيها عام 1947، وحصل على شهادة المعلمين العليا بعد حصوله على الدبلوم العالي لتدريب المعلّمين من كليّة غزة، وعمل في سلك التعليم.
في عام 1954 انتقل للعمل في المجال الإعلامي فتولي رئاسة مكتب إذاعة "صوت العرب" المصرية في غزة عام 1954 لعدة سنوات، وبعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية كان مشرفًا على إعلامها في قطاع غزة حتى عام 1967.
بعد احتلال قطاع غزة عام 1967 انتقل إلى القاهرة بعد مضايقات من قوات الاحتلال، وعّين رئيسا لمكتب منظمة التحرير هناك، ثم عمل لمدة ثلاثين عاما مندوبًا دائمًا لفلسطين في اللجنة الدائمة للإعلام العربي واللجنة الدائمة للشؤون المالية والإدارية بالجامعة العربية. إضافة إلى ذلك واصل نشاطه في الكتابة والصحافة والتأليف والشعر.
صدر للشاعر رشيد قرابة عشرين ديواناً شعرياً، أبرزها عودة الغرباء، وغزة في خط النار، وحتى يعود شعبنا، وسفينة الغضب، ورسالتان، ورحلة العاصفة، وفدائيون، ومفكرة عاشق، ويوميات الصمود والحزن، والنقش في الظلام، وثورة الحجارة، وطيور الجنة، ووردة على جبين القدس، وتغنى بأشعاره عدد من أكبر الفنانين العرب مثل محمد فوزي وكارم محمود ومحمد قنديل ومحمد عبده وطلال مداح، وأشهرها قصيدة سنرجع يومًا التي غنتها الفنانة اللبنانية فيروز.
وكتب أيضا عدة مسرحيات شعرية، أبرزها مسرحية "السؤال" بطولة كرم مطاوع وسهير المرشدي، وبعد حرب 1973 كتب مسرحية "سقوط بارليف" وقٌدمت على المسرح القومي بالقاهرة، ومسرحية "عصافير الشوك"، وكتب العديد من المسلسلات والسباعيات لإذاعة "صوت العرب" المصرية وعدد من الإذاعات العربية، ونُشرت له دراسات متعددة منها "الكلمة المقاتلة في فلسطين.
أطلق عليه النقاد العديد من الألقاب منها "شاعر العودة"، و"شاعر الثورة"، و"المؤرخ الشعري للقضية الفلسطينية"، وأشهرها "شاعر القرار 194" نسبة إلى قرار الأمم المتحدة الذي أقرت به حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948، وأطلق عليه اللقب بسبب كثرة استعماله مفردات العودة في أشعاره.
نال عدة جوائز تقديرية منها: وسام القدس عام 1990، والجائزة الأولى للمسرح الشعري من المنظمة العربية للتربية والثقافة الألكسو عام 1977، والجائزة الأولى للقصيدة العربية من إذاعة لندن عام 1988، ووسام الثقافة والفنون والإبداع.
رحل بتاريخ 27 يوليو 2020 في مدينة ميسيساغا الكندية، عن عمر ناهز 93 عاماً، قضى غالبيتها مغترباً في خدمة القضية الفلسطينية.
وفي نهاية الحفل تم إزاحة الستار عن لوحة مذهبة زينت جدار منزل العائلة نقش عليها اسمه وتاريخ ميلاده ووفاته.