لجأت شركة محلية لخدمة التوصيل "الديليفري" في قطاع غزة إلى استخدام الدراجات الهوائية بديلا عن الدراجات النارية كونها صديقة للبيئة في خروج عن المألوف لأول مرة.
وتقدم الشركة التي تحمل اسم "مستر ديليفري" خدمات التوصيل لزبائنها في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع المحاصر إسرائيليا منذ أكثر من 14 عاما ويعاني من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة.
ويقول الثلاثيني عماد يوسف أحد مالكي الشركة لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن فكرة استبدال الدراجات النارية بالهوائية جاءت بعد "ملاحظته إقبال الشبان الكبير على احتوائها واعتمادهم عليها في تنقلاتهم اليومية".
ويضيف يوسف، والد لطفلين، أن القطاع "بات مكتظا بالدراجات النارية والسيارات ما يسبب تلوث الهواء نتيجة العوادم التي يخلفها حرق الوقود، بالإضافة إلى تلوث التربة جراء تساقط الزيوت من المركبات أثناء سيرها".
وينوه الشاب الثلاثيني إلى أن "العدد الكبير من السيارات والدراجات النارية تسبب في تقاعس فئة كبيرة من الناس عن الحركة وممارسة الرياضة، مما أثر سلبا على وضعهم الصحي وحياتهم اليومية بالإضافة إلى إصابتهم بالسمنة".
ويشير يوسف إلى سعادته البالغة لرؤية مجموعات شبابية يركبون الدراجات الهوائية ويمارسون الرياضة في الشوارع العامة، لافتا إلى أن إقبال الشباب جاء نتيجة الإغلاقات الأخيرة التي فرضتها السلطات المحلية للحد من انتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
ويقول "عندما رأيت الشبان وهو يقودون دراجاتهم الهوائية، تساءلت ماذا لو أنني استبدلت الدراجات النارية التي تعمل في شركتي بدراجات هوائية، تسمح للشبان بممارسة الرياضة وأيضا جني المال".
ويتابع يوسف بأنه عرض الفكرة على شركائه فأبدوا موافقتهم "على الفور" كونها ستكون سابقة من نوعها، مشيرا إلى أنه بدأ باستقطاب أصحاب الدراجات الهوائية العاطلين عن العمل للانضمام إلى الشركة.
ويتناوب حوالي 21 شابا لدى الشركة من بينهم أصحاب دراجات هوائية، على العمل لمدة 8 ساعات يوميا، يقومون بتقديم خدمات التوصيل في فترة زمنية أقصاها 10 دقائق فقط.
وأتاحت تلك المناوبة الفرصة لأصحاب الدراجات الهوائية لجني حوالي 25 - 30 شيقلا يوميا (الدولار الأمريكي الواحد يساوى نحو 3.50 شيقل)، تساعدهم على مصاريفهم اليومية.
وتقدر عدد الطلبات التي يقدمونها الشباب بحوالي 300 طلبية يوميا، في نطاق لا يتعدى كيلو متر مربع من مكان الشركة، على أمل أن تتوسع تقديم الخدمات في المستقبل القريب.
وعادة ما يضع الشبان الذين يقدمون خدمة التوصيل طلبات الزبائن في حقيبة مربعة يحملونها على ظهورهم أثناء ركوبهم الدراجات الهوائية.
ووجد العشريني أحمد أبو زايد من رفح ضالته بالحصول على عمل بعد محاولات حثيثة سابقة دون تمكنه من ذلك بسبب شح توفر فرص العمل للشباب في القطاع الذي يعاني من ارتفاع نسب البطالة فيه.
ويقول أبو زايد لـ((شينخوا)) إن عمله "الجديد والممتع وفر له إمكانية مساعدة والده في المصاريف اليومية، خاصة في ظل تفشي الفقر بين غالبية سكان القطاع نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية في السنوات الأخيرة.
ويضيف، بأنه ليس مضطرا لدفع مصاريف تشغيلية على الدراجة الهوائية، على عكس ما تحتاجه الدراجة النارية من وقود وصيانة دورية قد تستهلك جزءا كبيرا من المردود المالي.
ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للشاب علاء أبو العنين (22 عاما) الذي يساعد والده في إعالة أسرته المكونة من ثمانية أفراد.
ويقول العشريني أبو العنين لـ((شينخوا))، إنه إلى جانب جني المال يتفادى احتمالية التعرض لحوادث سير مع مركبات أخرى في حال كان سريعا أثناء القيادة.
ويوضح "لقد شهدنا في السنوات الأخيرة حوادث سير كثيرة جزء ليس بالبسيط كانت ما بين سائقي الدراجات النارية والسيارات مما كانت تتسبب بالموت أو الإعاقة في أغلب الأحيان".
وإلى جانب ذلك، يسعى العاملون من الشباب إلى تعزيز فكرة خلق روتين يومي يكون صديقا للبيئة وبنفس الوقت يفيدهم ماديا وصحيا على الصعيد الشخصي.
وأبدت الخمسينية سهام أبو عامر من رفح رضاها عن خدمة التوصيل باستخدام الدراجات الهوائية في مسقط رأسها، كونها أرخص من تلك التي يتم تقديمها باستخدام الدراجات النارية.
وتقول أبو عامر لـ((شينخوا)) "لم أعد مضطرة أن أتحمل شم روائح الوقود المحترق من الدراجة النارية، التي تؤثر سلبا على عملية التنفس عندي، بالإضافة إلى أنني أقوم بتوفير ثلاثة شواقل في كل طلبية".
وتأمل أبو عامر أن يتم تطبيق "فكرة التوصيل بالدراجات الهوائية في كافة محافظات القطاع، وأن يتم تحويل معظم المشاريع الربحية إلى مشاريع صديقة للبيئة".