- عمر حلمي الغول
مازلنا في دوامة نتائج الإنتخابات الإسرائيلية للكنيست ال24، التي انتجت ازمة في الأزمة، ولم تفتح الأبواب المواربة، بل ضيقت حدة الإغلاق. والأزمة في المشهد الإسرائيلي العام لا تقتصر على احزاب وكتل وقوى الحركة الصهيونية، إنما طالت القوى والكتل الفلسطينية العربية، التي كان للقائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس الدور الرئيس في تعميق الأزمة داخل البيت الفلسطيني في داخل الداخل، عندما إتخذ سلسلة من الموقف السياسية والبرلمانية والإعلامية المتناقضة مع مصالح ووحدة الشعب الفلسطيني وادواته حتى توجها بالإنشقاق عن القائمة المشتركة عشية الانتخابات الاخيرة، بما في ذلك فائض الاصوات رفض توقيع الإتفاق بشأنها.
وإدعى النائب الإخواني، أنه يشق طريق جديد، إختار له عنوانا براقا: "انه لا يمين ولا يسار" و"ليس في جيب احد"، وهذا غير صحيح، لانه يقف في عمق اليمين الديني المتطرف. كما إفترض انه وحركته الإسلامية الجنوبية، يعمل من اجل مصالح الجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة؛ ويعبر عن همومها ومشاكلها، وسيعمل على الربط بين البعدين الوطني والمطلبي.
سالغي عقلي، وموقفي عميق الوضوح من كل جماعة الإخوان المسلمين، وساذهب للتعامل بمرونة عالية، ولن استحضر مواقف منصور عباس في دعم وإسناد رئيس حكومة إسرائيل الفاسد، نتنياهو، ودعمه لتمرير القانون الفرنسي، لإنقاذ حليفه من السجن، ولا موقفه غير المشرف من أسرى الحرية أمام الفضائيات الإسرائيلية، ولا دوره التقسيمي والتفتيتي للقائمة المشتركة، ولا إنعكاسات ذلك على الجماهير الفلسطينية في مناطق ال48، ولا تداعياتها على الكل الفلسطيني في الوطن والشتات. ساعتبر كل ما تقدم غير موجود، وكأنه لم يكن.
وساتوجه للنائب منصور وحركته ولمازن غنايم، الذي فاز في المقعد الثاني بقائمته، وتخلى عن حزبه التاريخي التجمع الوطني الديمقراطي اولا بالتهنئة بتجاوز نسبة الحسم، والحصول على اربع مقاعد في الكنيست الجديدة، وثانيا في ضوء التركيبة القائمة في البرلمان الإسرائيلي ارجو للقائمة الموحدة ان تتمكن من ترجمة وتجسيد رؤاها في خدمة مصالح الجماهير، وان تربط بين البعدين الإجتماعي والسياسي، بين المطلبي والوطني العام. لا سيما وان للقائمة دور هام في تشكيل اي حكومة إسرائيلية جديدة، لإنها رغما عن سموتيريتش وبن غفير وبينت وساعر وغيرهم تلعب دور بيضة القبان مع القائمة المشتركة الثلاثية بزعامة ايمن عودة، وبالتالي يستطيع امام المسجد النائب ان يفرض شروطه، ويملي رغباته على نتنياهو، حليفه المعلن، أو على لبيد، إن اراد ان يمنح حكومة الشفاء من نتنياهو فرصة الولادة، واشك ان يحيد الدكتور منصور عن خيار نتنياهو، رغم رفض حزب الفاشية الصهيونية لأية علاقة مع القائمة الموحدة، مع ان الواقع يؤكد دون دعم منصور لا يمكن لحكومة برئاسة نتنياهو رؤية النور، أو شق وإختطاف بعض النواب من حزبي أمل جديد ويمينا، والأخيرة ليست سهلة، وإن كانت ليست صعبة إرتباطا بالقراءة الواقعية لإنتهازية ورخص النواب الصهاينة أدعياء العقيدة الدينية الصهيونية.
لكن الخيار الأسهل والمتوفر باليد دون جهد، هو القائمة الموحدة، وعليه يمكن لبراغماتية وفنون الساحر نتنياهو ان تحدث إختراقا في إستعصاء حزب الصهيونية الدينية، والقبول بدعم قائمة الدكتور عباس غنايم، وهنا يبرز دورهم في وضع شروطهم على نتنياهو، ومنها ما اعلنه زعيم القائمة، أولا محاربة الإرهاب في المدن والبلدات الفلسطينية، ووضع الموازنات الكفيلة؛ ثانيا دعم موازنات المجالس القطرية، وإعادة النظر في الخرائط الهيكيلية للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية؛ ثالثا الإعتراف بالقرى البدوية غير المعترف بها، ووقف عمليات الهدم المتوالية لقرية العراقيب وغيرها؛ رابعا إلغاء قانون كامينتس، وقانون "القومية الأساس للدولة اليهودية"؛ خامسا الالتزام باستحقاقات التسوية السياسية، ووقف سياسات الضم والتهويد والمصادرة والهدم ونهب العقارات في العاصمة الفلسطينية الأبدية، القدس، والكف عن سياسة تقويض وتدمير المسجد الأقصى ... إلخ
السؤال أو الأسئلة المطروحة على الدكتور منصور، هل يستطيع تحقيق اي من تلك المطالب والأهداف؟ وهل هذا خياره، ام لا؟ وهل يقرن القول بالفعل ام مجرد شعارات تقتصر على ايام الحملة الانتخابية؟ وماذا لو لم يفعل شيئا من ذلك؟ وهل سيعمل لترميم الجسور مع القائمة المشتركة الثلاثية ام سيبقى الطلاق قائما تنفيذا لرغبات رئيس الحكومة الفاسد؟
آمل ان يفاجئنا منصور عباس بانجازات على الأرض، ليفقأ عيوننا، ويكذب تقديراتنا وحساباتنا، وينتصر لقضايا الشعب الوطنية والمطلبية. عندئذ جميعنا سيرفع القبعة للنائب الإخواني، ولكن ان لم يفعل، فلا يلومنا احد في دفاعنا عن خيارنا وقراءتنا الواقعية لمسار وسلوك ووظيفة جماعة الإخوان المسلمين اينما كانوا في الدنيا.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت