قامت مجموعة من نشطاء التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني في ألمانيا برفع دعوى قضائية ضدّ البرلمان الألماني على إثر القرار الذي مرّره ضد حركة المقاطعة (BDS)، وذلك على أرضية أنّه قرار عنصري وغير ديمقراطي، ويتناقض مع حرية التعبير المكفولة في الدستور الألماني.
وكان البرلمان الألماني (البوندستاغ) قد مرّر قراراً غير ملزم يصف حركة المقاطعة بالعنصرية ومعاداة السامية ويدعو لمحاصرة أنشطتها، الأمر الذي يظهر مدى تورّط البرلمان الألماني في التغطية على جرائم الاحتلال من خلال محاولته وقف نشاط حركة فلسطينية ذات امتداد عالمي نتيجة الضغط الصهيوني عليه.
وحول القضية، قال المحامي أحمد عابد:"رفعت مجموعة النشطاء (BT3P) قضيةً ضدّ قرار البوندستاغ المناهض لحركة المقاطعة (BDS) أمام المحكمة الإدارية في برلين للدفاع عن حرية التعبير لجميع نشطاء حقوق الإنسان، بعد أن أقرّ البرلمان الاتحادي الألماني القرار الذي يُستخدم الآن في جميع أنحاء ألمانيا لحرمان نشطاء حقوق الإنسان الفلسطينيين من أي مرافق عامة أو تمويل.
بتعريف حركة المقاطعة على أنها معادية للسامية، فإن الهدف ليس فقط النشطاء المناهضين للفصل العنصري ولكن جميع الفلسطينيين في ألمانيا. لهذا السبب فإن (BT3P) على استعداد للذهاب إلى أعلى محكمة للدفاع عن حقهم في رفع صوتهم ضد الظلم. على الرغم من أن الدائرة العلمية في البوندستاغ أصدرت بياناً يدعم موقفنا، فقد كلّف البوندستاغ شركة محاماة دولية بالدفاع عن القرار. نتوقع تلقّي هذا الدفاع القانوني بحلول نهاية آذار/مارس. ومن المقرّر صدور الحكم بشأن الحدث في ميونيخ والمتعلّق بمنع دار البلدية من منح نشطاء حركة المقاطعة BDS قاعتها العامة لإحياء أحد أنشطة أسبوع مناهضة الأبارتهايد تحت عنوان "الأبارتهايد الإسرائيلي والتواطؤ الألماني" الأسبوع المقبل. قضيتنا القانونية قوية، وهي تدافع عن الحقوق الديمقراطية للمواطنين الألمان وكذلك الحقوق الإنسانية للفلسطينيين. الفصل العنصري غير مستدام على المدى الطويل".
من جهته، قال كريستوفر جلانتس، أحد المترافعين في القضية: "لقد قمت بجزء ضئيل من التطوع مع حركة التضامن الدولية في تل الرميدة، الخليل. رأيت المستوطنين المتعصبين وجنود الاحتلال المدججين بالسلاح، لقد واجهت الموت العنيف لصديقي الراحل هاشم عزة الذي اختنق بسبب الغاز المسيل للدموع، رأيت أطفال المدارس محتجزين عند نقاط تفتيش عسكرية محصنة. كنت أنا ورفاقي شاهدين على مقتل شابين فلسطينيين بدم بارد على يد الجيش الاحتلال الإسرائيلي، تثير هذه الذكريات والأفكار السؤال التالي: ماذا يمكنك أن تفعل لفلسطين بعد أن عدت إلى وطنك؟
تأتي الإجابة على ذلك السؤال من خلال ما نقوم به من خلال الدعوة ضدّ البرلمان الألماني لإسناد نضال الشعب الفلسطيني من خلال حركة المقاطعة BDS، نحن في الغالب مجرد ممثلين للنضال الفلسطيني من أجل حقوق الإنسان، هذا التقاضي الاستراتيجي فعال للغاية في توسيع المجال العام للقضية الفلسطينية. آمل أن أرى الفلسطينيين أحراراً في حياتي!"
من ناحيتها، تقول جوديث برنستين وهي يهودية ألمانية وجزء من فريق الترافع: "يسعدني أن أكون جزءاً من فريق الترافع ضد البرلمان الألماني لأن القضية الفلسطينية قضية عادلة، الوقت حاسم بالنسبة للفلسطينيين، احتلال أراضيهم من أجل المستعمرات غير الشرعية، والتطهير العرقي المستمر، والإذلال اليومي، وتعذيب وقتل الكثير من المدنيين الأبرياء - كل هذه أمور لا تطاق ويجب إيقافها.
تعرضت أنا وزوجي للهجوم والإهانة بشكل متكرر بسبب هذا الموقف السياسي، تقديراً لالتزامنا بحقوق الفلسطينيين. تُوفي زوجي راينر مؤخراً، وقبل وفاته بفترة وجيزة، قال: "سأستمر في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين على الرغم من جميع العداوات التي قد تنتج عن ذلك".
ويقول الفلسطيني المقيم في ألمانيا، أمير علي: "نحن كفلسطينيين مقيمين في ألمانيا لن نظل صامتين بعد الآن. إن محاولات المسؤولين والسياسيين الألمان تشويه سمعة الفلسطينيين ليست مدعومة بالحجج، بل بالعنصرية تجاه الفلسطينيين والعرب والمسلمين".
وتواصل حكومة الاحتلال حربها على حركة المقاطعة (BDS) موظّفةً شتى أدوات الترهيب في محاولة لوقف نشاطاتها في أوروبا والولايات المتحدة، وذلك من خلال قرارات قانونية من حكومات وبرلمانات ومحاكم متورطة في التغطية على جرائم نظام الاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية، مرّرت أكثر من ست وعشرين ولاية قراراتٍ من شأنها قمع نشاط حركة المقاطعة بصيغ مختلفة، واستخدام مصطلحات ومفردات غير مباشرة مثل وقف التمويل الحكومي عن الهيئات التي تدعم حركة المقاطعة، أو تنضمّ لها، أو لإحدى حملاتها، وذلك بوسم الحركة على أنّها "معادية للسامية"، والذي لا يعدو كونه افتراء يهدف لتشويه سمعة الحركة. أمّا في فرنسا، فقد أقرّت المحكمة العليا الفرنسية بتجريم الدعوة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، الأمر الذي دفع بشركاء الحركة في فرنسا برفع دعوةٍ قانونية ضدّ المحكمة العليا في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي بدورها أقرّت بأنّ نشاطات حركة المقاطعة مكفولة بقوانين حماية حرية الرأي والتعبير، وأنّ قرار المحكمة العليا الفرنسية يعدّ انتهاكاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.