التسويك والشباب المسوكه

بقلم: علي بدوان

التسويك
  • علي بدوان

التسويك على الزوايا، ورؤوس الحارات الرئيسية وحتى الفرعية في مخيم اليرموك فلسفة تحوّلت مع الأيام والسنوات الطويلة لتراث (مخيمجي) بإمتياز له خصوصياته المغايرة لظاهرة التسويك من أي مكان أخر.
التسويك، فيه الكثير من الإيجابيات والكثير من السلبيات، وفيه الكثير من المعاني والدلالات الدفينة في ثقافة الشعب المنكوب منذ عقودٍ خارج حدود الوطن الفلسطيني.

التسويك، حالة ظاهرية، لكن عُمقها وباطنها إجتماعي تأتت من واقع فريد تكمُنُ فيه تفاصيل حياة النكبة ومابعدها، وحتى تفاصيل يوميات فتيان وشباب اليرموك، وحتى رجالاته الذين ينتقلون مع طور السنوات من التسويك إلى الجلوس أمام أبواب المحلات التجارية وحتى رؤوس الحارات، بعد أن إنتهت الجلسات على المصاطب مع إنتهاء وأفول عصرها بين الحارات.

التسويك، تعبير إجتماعي صارخ في سوسيولوجيا الفرادة المجتمعية المتوالدة عن عُسر الحال أو عن تَرف الحال، وظاهرة تستحق الدراسة لواقع اليرموك والمخيم بشكل عام. فهي ظاهره لاتعني البطالة كما يعتقد البعد وإن كان فيها شيئاً من هذا، لكنها تحمِلُ بطياتها مزيج من التمرد الخلاّق والأخلاق والنخوه والكرامة والدفاع عن الناس والحارة والمخيم والأهل والجيران والأحباب والأصدقاء والضيوف والمارين ..... وأحياناً تَصطَبِغ بنمط من (الشقاوة والتمرد) التي تقترب من حدود (الزعرنة) والتي تجعل منها قرفاً ونفوراً مقيتاً، وسلوكاً إجتماعياً فجاً وغير مقبول، يعكس صورة قبيحة لخيوط مخفية في مصائب إجتماعية وحتى إقتصادية في واقع موجود بين دواخل المجتمع حتى لوكانت بحدودها الضيقة أسوة بكل مجتمعات الأرض من أقصاها لأقصاها والتي تزخر بأمراضٍ ومصائب إجتماعية حتى في ظل رقي البعض منها كما هو حال المدن الكبرى في الولايات المتحدة وغرب أوربة على سبيل المثال التي تزخر بمجموعات تتناطح في سلوكها الإنحطاطي المُشبع بروح الفاشية الإجتماعية ...

تتسع تلك الظاهرة وتضيق أحياناً، وتتوارثها مجموعات الشباب تباعاً، فمنهم على موعد على تلك السوكة بإنتظار الحلوين والصبايا خاصة على دواخل حارات شارع اليرموك الرئيسي ساعات المساء، في تسويكة هي تسويك الحَبِيبة والعشاق، لشبابٍ وفتيان في عمر الورود باتت قصات شعورهم على الموديل وهم يتنافسون، يتمخترون ويتبخترون في حضور شبوبيتهم. ولشبابٍ وفتيانٍ آخرين مفتولي الأذرع بنقوشها الملونة التي تسمى بـ (الوشم).

التسويك ووقفة التسويكة، لها طقوسها التي تتطور متل الكراسي وتنكة نار الحطب في الشتاء وكاسة الشاي، وصولاً لزمن إنتشار (الأركيلة) اللعينة كالنار في الهشيم. هي ظاهرة منتشرة في اليرموك على زوايا شارع لوبية وشارع صفد وشارع حيفا وزوايا شارع اليرموك على إمتداه الطويل وخاصة منها سوكة اللورد، والوسيم، ومخبز حمدان، والريجة، وسوك شارع فلسطين وحتى داخل الحارات المختلفة من حارة الفدائية وصولاً لحارات حي التقدم وحديقة الطلائع ... إلخ.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت