- بقلم علي بدوان ... عضو اتحاد الكتاب العرب
يبلغ عدد مدارس وكالة هيئة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) في سوريا (120) مدارس (ابتدائية + إعدادية) من أصل (639) مدرسة تابعة للوكالة في مناطق عملياتها الخمس، موزعة في جميع مناطق ومخيمات تواجد اللاجئين. بينما تقع أعباء الدراسة في المرحلة الثانوية على كاهل وزارة التربية السورية التي تنتشر مدارسها في عموم المخيمات والتجمعات الفلسطينية وبالجوار منها، حيث مجانية التعليم بالنسبة للجميع في سوريا.
وعلى سبيل المثال، بلغ عدد التلاميذ والطلاب من اللاجئين الفلسطينيين الدارسين في مدارس وكالة الاونروا في سوريا ما مجموعه بحدود (90) ألف طالب وطالبة حتى نهاية العام الدراسي 2009/2010 . وتبلغ نسبة الطالبات والتلميذات (48,5%) والباقي من التلاميذ والطلاب وفق إحصائيات وكالة الاونروا في تقريرها الصادر في حزيران/ يونيو2010.
ويتلقى (79%) من الطلاب الفلسطينيين في سوريا بالمرحلة الابتدائية تعليمهم في مدارس الاونروا، و )21%) في المدارس الحكومية السورية، بينما تستأثر مدارس الاونروا على (84%) منهم في المرحلة الإعدادية. بالإضافة إلى ذلك، فان وكالة الأونروا تقوم برعاية بحدود (1000) طالب يتلقون تدريباً مهنياً في مركز التدريب المهني الوحيد التابع للاونروا في سوريا والمعروف اختصاراً باسم معهد (دي تي سي) الواقع في منطقة المزة بدمشق حيث أنشئ عام 1961 بتبرع خاص من ألمانيا الإتحادية وإنكلترا بهدف توفير فرص التدريب الفني والمهني للشبان الفلسطينيين، ومن أجل مساعدتهم في تأمين مستقبلهم ومساعدة عائلاتهم بالإعتماد على أنفسهم، ويوفر المركز التدريب الفني للذكور والإناث من حملة الشهادة الثانوية من خلال إختصاصات مُتعددة منها : مساعد صيدلي، فني تحليل مخبري، إلكترون وكمبيوتر، مساعد مهندس مدني، مساعد مهندس ديكور وتصميم داخلي، مساعد مهندس معماري، إدارة أعمال. والتدريب المهني لحملة الشهادة الإعدادية وبالاختصاصات التالية : راديو وتلفزيون، ميكانيك سيارات، تكييف وتبريد، ميكانيك الديزل ومعدات البناء، دهان هياكل السيارات، تسوية وخراطة، التسوية الآلية ومنجور الألمنيوم، صيانة الآلات المكتبية، كهرباء السيارات، اللحام الكهربائي والاكسجيني، تمديدات صحية وتدفئة مركزية، نجارة وتصنيع أثاث، كهرباء، تصفيح معدني. إلى ذلك فان الجامعات السورية في مختلف المدن، والمعاهد الصناعية والفنية والمهنية التابعة لوزارة التعليم العالي السورية وباقي الوزارات، تستحوذ على أعداد كبيرة من الطلبة الفلسطينيين الحائزين على الشهادة الثانوية وذلك في مختلف الفروع والإختصاصات. ويلاحظ من كشوف وإحصائيات وكالة الأونروا التخفيض المستمر لموازنة التعليم في سياق التحول المستمر لوظيفة الأونروا ، بالرغم من إزدياد عدد الطلاب، وإستمرار حالة الإكتظاظ الأمر الذي يُشكّل المشكلة الكبرى في مدارس الأونروا خاصة في بعض المخيمات والتجمعات الفلسطينية في مخيم اليرموك قبل الأزمة، ومنطقة ركن الدين ومنطقة المزة بدمشق حيث يصل تعداد الطلاب إلى أكثر مـــن (55) طالب في الشعبة الدراسية الواحدة، بينما يبلغ على المتوسط (44) طالب في الشعبة الدراسية الواحدة، وتعمل أغلبية المدارس بنظام الفترتين بنسبة (90%) من مباني مدارس الاونروا، مما يحرم الطلاب الانشطة المضافة اللاصفية، اضافة إلى بعض المدارس مستأجرة وتفتقر إلى المرافق المساعدة على سير وإتمام العملية التعليمية.
ومن جانب آخر (وقبل محنة اليرموك التي تردت فيها اوضاع لاجئي فلسطين في سوريا)، فان الأمية تكاد تكون متراجعة جداً قياساً بالتجمعات الفلسطينية في الأردن، لبنان، الضفة الغربية، قطاع غزة. فهي لا تتعدى (9,7%)، لذا يُعتبر مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا مجتمعاً حضارياً من ناحية التحصيل العلمي، فكانت نسبة المتعلمين الحائزين على شهادة التعليم الابتدائية فما فوق بنسبة (71%) منهم الحاصلين على الشهادات العليا (23%)، ونسبة الشهادة الابتدائية (32%) … الخ . كما يرتفع مجموع الطلاب الفلسطينيين في الجامعات السورية سنوياً بشكل مضطرد. ويمكن العودة إلى بعض المجموعات الإحصائية ذات الصلة لالقاء نظرة على توزع الطلبة الفلسطينيين في مختلف كليات الجامعات السورية، فمثلاً (وقبل المحنة السورية) في العام 2010 كانت نسبة المسجلين في كليات الاداب (31,8%) وفي كليات التجارة والاقتصاد (9,7%)، وفي كليات التربية (4,6%) وفي كليات الحقوق والقانون الدولي (7,3%)، وفي كليات العلوم (13,4%)، وفي كليات الهندسة (17,8%) وفي كليات الطب البشري (6,4%)، وفي كليات الصيدلة (2%) وفي كليات طب الاسنان (3,2%) وفي كليات الزراعة (1,7%) وفي كليات الشريعة (1,2%) وفي كليات الطب البيطري (0,4%) وفي كليات الفنون الجميلة (0,4%) وذلك من العدد الإجمالي للطلبة الفلسطينيين المسجلين في مختلف كليات الجامعات السورية.
بذا فالحالة التي تولّدت عن ظروف النكبة، وتوفر فرص التعليم والدراسة ضمن مدارس الاونروا، والمدارس الحكومية السورية، والقبول الطبيعي للطلبة الفلسطينيين في الجامعات السورية، ومجانية التعليم، شكّلت عوامل مجتمعة دفعت بالحالة التعليمية داخل مجتمع اللاجئين نحو التطور والارتقاء، وميزت مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا عن غيره من التجمعات الفلسطينية اللاجئة.
في العام الماضي 2019، ورغم مأساة الواقع الفلسطيني في سوريا، فقد تخرج 26 طالباً وطالبة بتفوق من كلية الطب البشري من المخيمات الفلسطينية في سورية. فكانت إرادة الحياة لدى الفلسطينيين في سورية تثبت يوماً بعد يوم أنها الأقوى والأبقى من الواقع السوداوي والمحن والمصائب التي توالت عليهم، فهم لم يستسلموا لليأس وحالة الإحباط التي عاشوها، بل كان ذلك محفزاً ليبدعوا ويتألقوا في كافة المجالات الأدبية والفنية والرياضية والعلمية. حيث استطاعوا المنافسة والاجتهاد وحفر مستقبلهم بأيديهم جاعلين من جراحهم ومأساتهم وسيلة لنزف إبداعاتهم وتحويل الألم إلى أمل.
ومن بين من تخرج العام الماضي من كليات الطب البشري وبتفوق، عشرة أطباء من أبناء مخيم النيرب في حلب هم : سالي سامر كيالي، نور حسام ساعد، بشرى مصطفى عبد الرحمن، نور عمر حوراني، روان شكيب كعبور، علي أحمد منصور، تسنيم مصطفى ميعاري، آمنة زياد أبو حميدة، وئام لبيب بدر، محمد عبد القادر الصفدي، وثمانية من أبناء مخيم_اليرموك بدمشق هم: راما جمعة منصور، رزان فادي حجو، أحمد ماجد عمرين، آية يحيى عشماوي، وئام محمد قاسم، نور الهدى عيسى، معن نزار فياض، كرم نبيل عودة، وثلاثة من سكان مدينة حلب هم: أحمد رامي رحمة، و خالد قضباشي، وبيسان تمام فاعور. في حين تخرج سبعة آخرين من مناطق ومخيمات متعددة في سورية وهم: ياسر أيمن خميس من سكان حرستا، عفراء محمد علي من أبناء مخيم خان الشيح، نسرين ابراهيم رحيمة من أبناء مخيم السيدة زينب، محمد عبد المنعم الجرادات من سكان زملكا بريف دمشق، خالد وليد عيسى من أبناء مخيم درعا، ميار توفيق صالح من أبناء مخيم العائدين حماة، ويمان ناصر شناتي من سكان مدينة حمص.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت