القانون الدولي بين التشاؤم والتفاؤل

بقلم: حنا عيسى

حنا عيسى

بقلم: الدكتور حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي

لا شك أن المراقب العادي يمكن تضليله بسهولة بالنسبة لوضع القانون الدولي الحالي بواسطة المعلومات التي يحصل عليها من الصحف ووسائل الأعلام الأخرى. فالاعتداء على البلدان المجاورة الضعيفة وخرق شروط المعاهدة أو الاتفاقية. والتهم بان القانون يقف إلى جانب القوي على حساب الضعيف.

والتدخل في شؤون البلاد الأخرى الداخلية، كل هذه الأشياء تؤثر تأثيرا مباشرا في شعور عامة الناس ووعيهم. ولذا فقد أدى هذا إلى خلق شعور يتسم بالتشاؤم بصدد فعالية أحكام قانون الأمم. وهو شعور يردد صدى أقوال سوروكين التي تنم عن اليأس والقنوط حين قال:

"لا الوازع الخلقي والأدبي.. ولا القانون القضائي، ولا الاتفاقيات والمعاهدات لها قوة الحجة والقدرة على الإقناع. فالعلاقات الدولية تتحكم فيها العدمية أو "الهلستية"وهو مبدأ يدعو إلى نبذ العقائد الدينية واللجوء إلى الديكتاتورية وسياسية الاغتيال والإرهاب".

لكن الصورة الحقيقية لا تعكس هذه الآراء الكئيبة عن القانون الدولي. فهناك حقيقة لا تزال قائمة وهي أن مبادئ القانون الدولي المقبولة، تتقبل بها دول العالم باستمرار وان مخالفة هذه المبادئ أو القواعد تشكل حالات استثنائية.

فالمئات من المعاهدات والاتفاقيات التي تتناول كل موضوع ومسالة يمكن أن يتخيلها الإنسان، هي معاهدات واتفاقيات تتقبل بها الدول الموقعة عليها، وتحترم الدول في كل أنحاء العالم الأنظمة التي تتعلق بالامتيازات الممنوحة لأعضاء البعثات الدبلوماسية. والألوف من الادعاءات التي قدمتها دولة ضد أخرى مطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها، نظرت فيها المحاكم الخاصة وقضت على الدولة المخالفة بدفع التعويضات إلى الدولة المتضررة.

وقد أدخلت مجموعة كبيرة من قواعد القانون الدولي في القوانين المحلية لعدة دول ونفذتها محاكم هذه الدول وحكوماتها. وأخيرا فان القانون الدولي يقدم مجموعة من الإجراءات لتسوية النزاعات بين الدول وهي إجراءات كانت لا تزال تستخدم في العديد من المناسبات.

ومن ناحية أخرى فان القانون الدولي ليس غير كامل في معالجة العلاقات بين الدول فحسب بل انه يعاني من عدة نقائص ونقط ضعف حالت دون تطوير وخلق نظام قانوني للمجتمع الدولي.فهناك خلافات خطيرة كثيرة ليست قانونية في طبيعتها.ولذا فان أكثرية هذه الخلافات لا يمكن أن تحل بسهولة بالطرق القانونية.فالكثير من الخلافات تنشا عندما يكون الطرفان المتنازعان يعملان وفقا لأنظمة القانون ولا يمكن تبنى أي حل قانوني للخلافات القائمة بينهما .كذلك فان دولة حرة في أن تقبل أو ترفض التحديد القانوني لحقوقها, نظرا للناحية الاختيارية لصلاحية القانون.

وقد أدى هذا إلى تحديد نطاق القانون بالنسبة لخلافات بسيطة، والى استثناء المصالح الحيوية من فعالية تطبيق القانون. وفي الوقت ذاته فان رعايا القانون الدولي، أعضاء أسرة الأمم، يشكلون السلطة النهائية لتفسير القانون ولتقرير ماذا تعني قاعدة قانونية بالنسبة لكل منهم، ولتطبيق القاعدة عن طريق القانون الوطني إذا دعت الحاجة إلى ذلك وعن طريق الإجراءات الحكومية. وهنا أيضا تلعب المصالح الوطنية الحيوية دورا كبيرا في تقرير السبل التي يجب على دولة كبرى إتباعه.

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت