قراءة في كلمة أمين عام حركة الجهاد الإسلامي

بقلم: رامز مصطفى

رامز مصطفى
  • رامز مصطفى
  • كاتب فلسطيني

حظيت الكلمة التي ألقاها أمين حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين المجاهد زياد النخالة ، أمام المجتمعين في ملتقى القدس النقابي في العاصمة السورية دمشق ، والذي دعا إليه تجمع القدس النقابي في حركة الجهاد ، باهتمام واسع لدى الأوساط الشعبية والفصائل الفلسطينية ، لما تضمنته من مواقف قد خلت من أية مدارة أو مسايرة أو مواربة ، لتلك العناوين التي اشتملت عليها الكلمة ، وفيما طرحه من مواقف مباشرة ، وإن كانت ليست الأولى ، لكنها الأكثر وضوحاً ، والتي لا تقبل التأويل أو الاجتهاد . ومن خلال القراءة للكلمة سجلنا الآتي :-
 1. أهمية الكلمة في توقيتها ، أنها وجهت جملة من الرسائل في أكثر من اتجاه .وهي جاءت بين توقيتين . الأول ، بعد انتهاء الجولتين الأخيرتين من الحوارات في القاهرة ، فشلت في تحقيق الخروج من مستنقع الانقسام ، بعد أن كُرِّستا من أجل ترتيب إنجاز الانتخابات التشريعية التي تخلو من أية مكاسب بالمعنى الوطني ، اللهمّ سوى تجديد شرعية من يسعى ورائها استجابة لمطلب دولي وإقليمي . وثانياً ، قبل موعد انجاز استحقاق انتخابات المجلس التشريعي ، المشكوك في تأجيلها أو إلغائها بحسب ما صرّح به عدد من مسؤولي الفصائل ، وما تسرّب في وسائل الإعلام .
 2. أن يُخصص في بداية كلمته الحديث عن سورية ، من خلال التأكيد على أهمية دورها في الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية ، واحتضان أبنائها ، ودعم مقاومة شعبها بمختلف فصائله . إنما ليُدلل على أهمية ومحورية الدور السوري في إدامة الصراع مع العدو الصهيوني . مُسقطاً بذلك ما يحاوله البعض الرسمي العربي المتنفذ ، بأنّ الصراع هو صراع فلسطيني مع الاحتلال ، وحتى تقزيمه إلى نزاع ليس إلاّ .
 3. في عرضه السياسي المكثّف ، قدّم أمين حركة الجهاد ، مقاومة الاحتلال الصهيوني على ما دونها ، وتحديداً ما يتعلق بالانتخابات ، التي هي تكريس عملي لشرعية الكيان ، بعد أن تمّ التنازل عن 78 بالمائة من أرض فلسطين بموجب اتفاقات " أوسلو " . وهو اليوم يحتل كامل الضفة الغربية ويحاصر قطاع غزة ، ويهوّد القدس التي تعاني من هجمة ممنهجة لحسم الصراع عليها . ومؤكداً في الوقت عينه ، على أنّ الانتخابات هي تطاحن وتناطح للفوز بسلطة لا حول ولا قوة لها ، طالما أنّ كل متعلقات ومقدرات الشعب الفلسطيني بيد الكيان وتحت سيطرته . وكأنّ هذه الانتخابات هي أم المعارك ، بينما هي تلهي عن أساسيات النضال الوطني الفلسطيني ، ومسرحية لتضليل الشعب الفلسطيني ، على أنها إنجاز وطني .
 4. تعمده الحديث بصراحة ، وتسمية الاشياء بمسمايتها ، أسلوب طالما افتقدته الساحة الفلسطينية منذ زمنٍ بعيد ، وللإنصاف فقد شكلت كلمة الدكتور طلال ناجي في جلسة الحوار في أذار الماضي أيضاً في وضوحها وتحميلها المسؤوليات علامة فارقة بين كل كلمات المتحدثين . فقد حمّل أبو طارق نخالة في كلمته الفصائل التي وافقت على الإنخراط بالانتخابات ، المسؤولية من خلفية أنها لم تتمكن من صياغة برنامج وطني يجمع ويوحد تحت مظلته الكل الفلسطيني . وبالتالي دعوته الشعب الفلسطيني بما فيهم أبناء حركة الجهاد وأنصارها إلى الالتزام بمواقفهم الرافضة لتلك الانتخابات ، وإلى وعي طبيعة الصراع مع المشروع الصهيوني ، الذي سيبقى صراعنا معه على التاريخ والأرض والرواية .
 5. بتقديري أنّ الرسالة الأبلغ كانت لمن يتهمون حركة الجهاد بأنها لا تفهم بالسياسة أو العمل السياسي ، فسياسة الجهاد التي تلتزمها هي القائمة أولاً ، على مقاومة الاحتلال ومواجهته ، وتوحيد طاقات شعبنا في تلك المقاومة . وثانياً ، في رفض الجهاد الاعتراف بالعدو الذي يحتل أرضنا ومقدساتنا . وهذا ما دفعنا لرفض الانخراط في تلك الانتخابات التي لا نرى فيها إلاّ تجديد لشرعية " أوسلو " اللعين ، ولشرعية سلطة تنازلت عن حقنا التاريخي في فلسطين ، ولأنها تأتي من ضمن برنامج وتحول خطير يُسهل على الاحتلال ضم الضفة الغربية والقدس .
 6. والرسالة الأخيرة كانت لتلك الدول التي تتسابق لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني ، في مطالبتها الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني بدل الهرولة نحو التطبيع مع العدو التاريخي لأمتنا ، والذي أصبح يدخل تحت رايات التطبيع بثبات ، إلى نسيج الوطن العربي وبنيته .
هذه الكلمة مؤكد أنّ لها مفاعليها ، بين من يرى فيها عين الصواب بما تضمنته من مواقف واضحة ، خصوصاً لدى الجمهور الفاسطيني ، وتحديداً اللاجئين الفلسطينيين ، الذين خصهم بأنهم يتعرضون للتهميش وإدارة الظهر . وبين من سيرى فيها ، على أنها اقتناص لفرص التميز مع الأخرين في الساحة الفلسطينية ، الذين يدوِّرون الزوايا مع السلطة التي لا زالت تتمسك برؤيتها القائمة على المفاوضات وحل الدولتين والرباعية الدولية . وهذا موقف يتناقض مع انخراط الجهاد في كل الحوارات التي شهدتها الساحة الفلسطينية منذ العام 2003 وحتى حوارات القاهرة الأخيرة في أذار الماضي .

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت