- عمر حلمي الغول
بعد إستمزاج الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين أراء الكتل الحزبية ال12 في الكنيست ال24 بشأن تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، إنحازت كتل اليمين والحريديم المتطرفة لصالح رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو، وحصل على دعم 52 نائبا، في حين حصل منافسه يئير لبيد، زعيم المعارضة على دعم 45 نائبا، مما منح الألوية في التكليف للفاسد بيبي، الذي بدأت محاكمته امس الاثنين الموافق 5/4/2021 على تهم قضايا الفساد الاربعة. واعلن ريفلين في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء الموافق 6 نيسان / ابريل الحالي عن تفويض المقيم في شارع بلفور. بيد انه قال، انه "لا يمكن لأحد المرشحين تشكيل حكومة تحظى بثقة الكنيست." وأضاف مشددا على أن "اي مرشح لا يملك فرصة حقيقية لتشكيل الحكومة." وبحسب قناة "مكان" الإسرائيلية، في حال فشل زعيم الليكود من تشكيل الحكومة خلال ال28 يوما القادمة، اما ان يفوضه لإسبوعين إضافيين أو يكلف مرشحا آخر لمدة 28 يوما، او إعادة التفويض للكنيست.
وسيمنح الكنيست مدة 3 اسابيع بعد نقل التفويض له، بهدف التوافق على مرشح من بينهم يحظى على ثقة اغلبية 61 عضو، وستكون امام مرشح التوافق (ان تمكنوا من ايجاده) فرصة اسبوعين لتشكيل الحكومة. وإن لم يتفقوا على مرشح توافقي، وهو الإحتمال الأكبر خلال مهلة الاسابيع الثلاثة سيتم التوجه للانتخابات الخامسة خلال اقل من عامين، التي يفترض ان تكون في 14 سبتمبر القادم.
ويبدو السيناريو الأخير، هو الأكثر ترجيحا، وانسجاما مع لوحة المشهد الحزبي الإسرائيلية. ويعود الإستنتاج للتعقيد الموجود في المواءمة مع الكتل والأحزاب المشكلة للكنيست الجديد. فنتنياهو يمكن ان يتمكن (إن تمكن من ذلك) من حشد 59 مقعدا في حال تراجع بينت عن خيار المنافسة على تشكيل الحكومة، ودعم الحاوي الفاسد، مع ذلك سيحتاج إلى مقعدين للحصول على ثقة 61 نائبا، وهو ما يفرض عليه وعلى كتل اليمين والحريديم المتطرفين القبول بدعم القائمة العربية الموحدة، بزعامة منصور عباس من الخارج، وهو ما اكده رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية للرئيس ريفلين. غير ان الإستعصاء يتمثل بموقف بتسليئل سموتريتش، زعيم الصهيونية الدينية، الذي رفض من حيث المبدأ دعم "راعم" من الخارج لإعتبارات ايديولوجية عنصرية.
وفي حال فشل الرجل الفاسد في تشكيل الحكومة، وهو الافتراض الواقعي، فإن الرئيس الإسرائيلي سيكلف بالضرورة لبيد، زعيم "يوجد مستقبل"، إن لم يتنازل لصالح بينت فيما إذا توافقا على الشراكة، وهذا الأمر مستبعد، لإن حاضنة زعيم "يمينا" هو اليمين المتطرف، ولا يقبل القسمة على الشراكة مع لبيد. المهم سيحصد رئيس "يش عتيد" على 57 مقعدا في حال دعمه حزب "امل جديد" و" يمينا" بالإضافة لحزب "ازرق ابيض" و"يسرائيل بيتينو" وحزب العمل وميرتس، وبالتالي سيحتاج لدعم للموحدة او جزء من القائمة المشتركة الثلاثية من الخارج. والخيار الثالث هو ترشيح شخص آخر من الليكود بديلا عن نتنياهو، وعقد صفقة مع ساكن شارع بلفور ليتولى رئاسة الدولة الصهيونية مقابل ترك رئاسة الحكومة. ولا يوجد وفق الصورة القائمة سوى هذة السيناريوهات الثلاث.
ورغم ما نلاحظه من تشدد زائد من قبل قوى اليمين الصهيوني المتطرف الفاشي، إلا ان المعروف عن القوى الصهيونية المختلفة تاريخيا انها كاذبة حتى النخاع، ويمكن ان تدخل في لعبة السمسرة على حساب المواقف الأيديولوجية، ولا يوجد ضابط يلزمها لا فكري ولا سياسي. اضف إلى ان قوى الحريديم ممثلة بكل من حزبي "شاس" و"يهتدوت هتوراة" تعمل بتوجيهات من حليفهم المركزي، نتنياهو على فكفكة مواقف "يمينا" بزعامة بينت أولا للعودة لحاضنتة الأساسية، وكذلك الأمر مع جدعون ساعر، زعيم حزب "امل جديد" لذات الهدف؛ وثانيا لإقناع الصهيونية الدينية ويمينا لقبول دعم الحركة الإسلامية الجنوبية من الخارج، الجاهزة والمستعدة لتقديم العون لبيبي.
مع ذلك، فإن طريق تشكيل حكومة جديدة برئاسة اي من المتنافسين الرئيسيين نتنياهو ولبيد محفوفة بالمخاطر والتعقيدات المختلفة، منها اولا عدم قدرة اي منهما على تقديم الرشوة الحكومية والمالية الكفيلة باغراء اي من قوى الإستعصاء الصهيونية؛ ثانيا إمكانية اتخاذ المحكمة قرارا ضد نتنياهو في قضايا الفساد المتهم بها، مما سيقوض فرصته مرة وإلى الأبد في تشكيل حكومة؛ ثالثا الرغبة من قبل بينت وساعر بتصفية حساب مع نتنياهو، على إعتبار أن دوره في قيادة اليمين المتطرف إنتهى، ويجب ان يخلي الموقع برغبته او رغما عنه. وقادم الأيام وحده يملك التقرير فيما ستؤول اليه الأمور في الساحة الإسرائيلية.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت