- اعداد دكتور يوسف يونس (باحث مختص في الشؤون السياسية – نائب رئيس مركز الناطور للدراسات)
– الملخص –
-
يواجه النظام السياسي الإسرائيلي أزمة بنيوية تجعله عاجزا عن إفراز أحزاب سياسية كبيرة، تتمتع بالتجانس اللازم لتمكينها من تحقيق أغلبية برلمانية، وتعكس نتائج الانتخابات الحالية حالة التشرذم حيث يلاحظ ازدياد عدد القوائم التي تجاوزت نسبة الحسم (3.25%)، حيث فازت 13 قائمة، في مقابل 8 قوائم في الانتخابات السابقة ، في مؤشر على تفكك المشهد الحزبي الإسرائيلي، فقد تفككت القائمة العربية المشتركة إلى قائمتين، وقائمة “يمينا” تفككت إلى قائمتين، يمينا والصهيونية الدينية، وانشق جدعون ساعر عن حزب الليكود، وتفكك تحالف “أزرق أبيض” إلى حزبين “أزرق أبيض” و ”يوجد مستقبل”، وتفكك تحالف حزب العمل- ميرتس إلى قائمتين (العمل و ميرتس).
-
وعلى الرغم من سيطرة القوى اليمينية على المشهد السياسي وحصولها على أكثر من ثلثي مقاعد الكنيست، الا انها غير قادرة على تشكيل حكومة مستقرة تجمع بين تلك التناقضات الايدلوجية والدينية، تكون قادرة على مواجهة التحديات المنتظرة التي ستواجهها دولة اسرائيل. وسيسعى “نفتالي بينيت” لاستغلال هذه الازمة السياسية لتعزيز موقعه في زعامة معسكر اليمين.
-
ظاهرة صعود قوى اليمين الديني والعلماني، وقوى التطرف والعنصرية، والتي أصبحت تسيطر على المشهد السياسي الإسرائيلي، جاءت بفعل حالة الجمود الحزبي التي تعيشها إسرائيل، والتي ادت الى تعميق الأزمات السياسية والاجتماعية واقتصادية، ودفعت بالكثيرين إلى اليأس وفقدان الثقة، ما دفع المصوتون اليهود للتصويت للأحزاب المتطرفة.
-
مع غياب التهديدات الامنية الخارجية التي تواجهها دولة اسرائيل، ونجاح استراتيجية نتنياهو في استراتيجية “إدارة الصراع”، وتراجع التهديدات التي تؤرّق المجتمع الإسرائيلي وتدفعه نحو التماسك والوحدة، ما أفسح المجال لبروز انقسامات المجتمع الاسرائيلي وتصاعد الخلافات الداخلية بين مكوناته والتي يتوقع ان تتعمق تلك التناقضات الداخليّة في المنظور القريب.
-
يحتدم الصراع في اسرائيل ما بين المعسكرات اليمينية المتنافسة، والتي تتوزع ما بين تيار يرى بضرورة بناء دولة استيطانيّة موسّعة، ويعارض إقامة دولة فلسطينيّة، وتيار اخر يعتبر انه نظرا لعوامل داخلية وإقليمية ودولية يجب الاكتفاء بدولة استيطانيّة استعماريّة مُقلَّصة، وإقامة دولة فلسطينيّة خاضعة للسيطرة الأمنيّة الإسرائيليّة. يمكن القول أنه من هم المؤشرات التي يمكن استخلاصها من نتائج انتخابات الكنيست في السنوات الاخيرة هو هيمنة اليمين الاستيطاني على الحكم في إسرائيل، وهو ما يؤكد أن إسرائيل قد ستتجه للتحول لدولة عنصرية.
-
في ضوء المشاورات الائتلافية التي اجراها الرئيس الاسرائيلي رؤوبين ريفلين، ويمكن تصور احتمالات تشكيل الحكومة الاسرائيلية وفق أحد السيناريوهات التالية :
-
السيناريو الاول : يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة يمينية، بدعم القائمة الموحدة، بأغلبية 63 مقعدا : الليكود (30 مقعدا)، شاس (9 مقاعد)، يهوديت هتوراة (7 مقاعد)، الصهيونية الدينية (6 مقاعد)، يمينا (7 مقاعد)، اضافة الى دعم القائمة الموحدة (4 مقاعد). وهذا الاحتمال سيؤدي الى خلافات داخل معسكر نتنياهو، الذي سيخشى خسارة قاعدته اليمينية، والحكومة ستكون غير مستقرة، بسبب خضوعها لابتزاز مكوناتها. وهو ما قد يضطر نتنياهو الى الاحتمال الثاني بالتحالف مع ساعر أو غانتس، مستغلا حالة التخبط التي يعيشها المعسكر المعارض، الا ان هذا الخيار يتعارض مع عداء غانتس وساعر لنتنياهو ، باعتباره المسؤول عن الازمة السياسية التي تعيشها اسرائيل، ولكن قد تشكل قدرة نتنياهو على اختراق الأحزاب المعارضة واستقطاب بعض أعضائها، فرصة جيدة لتجاوز الازمة وتشكيل الحكومة.
-
السيناريو الثاني : بعد فشل نتنياهو، يقوم رئيس الدولة بنقل الامر للكنيست لتشكيل الحكومة خلال 21 يوما، وينجح “يائير لبيد” بتشكيل الحكومة ، وفق احد احتمالين: حكومة تضم 67 عضو كنيست : (17 يوجد مستقبل ، 8 ازرق ابيض، 7 العمل، 7 اسرائيل بيتنا، 6 امل جديد، 6 ميرتس، 9 شاس، 7 يهوديت هتوراة ). هذا الاحتمال سيؤدي الى تخلص لبيد من أطماع بينيت ولكنه سيحتاج لبراعة سياسية كبيرة للجمع بين تناقضات الحكومة. وسيشجع استقطاب جدعون ساعر، باعتباره احد رموز التيار اليميني، المتدينين للانضمام للحكومة، ولكن قد يكون هناك عقبات تتمثل في عداءهم مع لبيد وليبرمان ، وتخوفاتهم من فقدان المكاسب التي حصلوا عليها بفضل تحالفهم مع نتنياهو. ولذلك فان سنكون امام الاحتمال الثاني وهو تشكيل حكومة مصالحة وطنية بأغلبية 65 عضو كنيست: (17 يوجد مستقبل ، 8 ازرق ابيض، 7 يمينا، 7 العمل، 7 اسرائيل بيتنا، 6 امل جديد، 6 ميرتس، 7 يهوديت هتوراة )، وبينما لا تعارض يهوديت هتوراة هذا الاحتمال، فانه سيتطلب الاتفاق بين بينيت ولبيد على موضوع التناوب على رئاسة الحكومة.
-
السيناريو الثالث : في حال فشل الجميع وعدم تشكيل الحكومة، سيتم العودة إلى صناديق الاقتراع، وستبقى الحكومة الحالية لتسيير الأعمال برئاسة نتنياهو. الذي يراهن على كسب الوقت، حيث سيبقى رئيسا للحكومة الانتقالية ، حتى 17 نوفمبر / تشرين ثاني ، موعد تنفيذ اتفاق التناوب مع بيني غانتس، وفق الاتفاق الائتلافي بينهما والذي لا يزال ساريًا. وسيعزز هذا السيناريو من ازمة النظام السياسي الاسرائيلي، اضافة الى التكاليف الباهظة التي سيتحملها الاقتصاد الاسرائيلي ، وستفقد الاحزاب القدرة على مواصلة مسيرتها السياسية بسبب التكاليف التي تتحملها تلك الاحزاب في حملاتها الانتخابية.
- لقراء الدراسة كاملة هنا
المصدر: -
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت