- محمد سيف الدولة
قامت (اسرائيل) يوم الاحد 11 ابريل 2021 بشن عدوان الكترونى على منشأة "نطنز" النووية الايرانية، فالحقت بها أضرارا بالغة، واعلنت إيران بانها ستحتفظ لنفسها بحق الرد المناسب فى الوقت والمكان المناسب.
ليضاف عدوانا جديدا الى قوائم وسلاسل الاعتداءات الاسرائيلية التى لم تتوقف منذ تأسيس دولة الكيان.
ان (اسرائيل) كيان استعمارى باطل ليس له أو لوجوده أى شرعية من اى نوع، ولكنها مع ذلك القوة الاقليمية الوحيدة التى انتزعت لنفسها حق العربدة فى مشارق المنطقة ومغاربها بدون اى رد أو ردع او تعقيب.
فبالاضافة الى الاحتلال والمذابح وجرائم الحرب والابادة والاغتيال التى ترتكبها كل يوم فى فلسطين 1948ـ 2021، لم تتوان عن الاعتداء على كل من ترى انه يمثل خطرا عليها وعلى امنها المزعوم، من اول الاعتداء على الاراضى المصرية 1955 و1956 و1967، والاراضى السورية 1967 – 2021، واللبنانية 1978 و1982 و1996 و2006، والتونسية 1985 و1988 و2016، وقصفها للمصانع العسكرية السودانية، وتدمير المفاعل النووى العراقى 1981 واغتيال علماء الذرة المصريين والعرب وعديد من قيادات المقاومة الفلسطينية فى الخارج ... الخ.
***
صحيح ان مصر وعديد من الدول العربية قد تصدت بقوة لهذه العربدة الصهيونية 1948 -1973، وتمكنت من ردعها وعلى الاخص فى حرب اكتوبر، قبل ان تقرر القيادة السياسية المصرية الانسحاب من مواجهة (اسرائيل) وتوقع معها معاهدة صلح وسلام وتطبيع عام 1979، لتترك الساحة ضعيفة وشبه خاليه امام التغول والهيمنة الاسرائيلية، حيث وجدت الدولة السورية نفسها بعد الانسحاب المصرى عاجزة وحدها عن تحرير الجولان المحتل او الرد على الاعتداءات التى زادت فى السنوات الاخيرة، واكتفت بسلسلة من التصريحات عن حق الرد فى الوقت المناسب!
كما استطاعت المقاومة اللبنانية عبر نضال طويل وتضحيات كبرى، ان تؤسس ميزان ردع متوازن مع العدو، جعله لا يجرؤ على تكرار عدوان 2006. وكذلك فعلت المقاومة الفلسطينية فى غزة فى السنوات العشر الماضية.
ولكن لم يتمكن اى طرف عربى او اقليمى حتى يومنا هذا وعلى امتداد العقود السبعة الماضية من ايقاف العربدة الاسرائيلية وقطع يدها العدوانية الطولى من المحيط الى الخليج.
ان بلادنا غارقة فى صراعات عربية/عربية، او عربية/ايرانية او تركية، ولكن حين يتعلق الامر بالصهاينة والامريكان، فإن الجميع يتوعد بالرد، ولكن أحدا لا يرد.
***
وفى المقابل وبالمقارنة مع العربدة الاسرائيلية، نجد دولة بحجم مصر، وبسبب أربعة عقود من التبعية وكامب ديفيد، تقف عاجزة منذ 10 سنوات هى والسودان عن التصدى للصلف الاثيوبى فى سد النهضة والمخاطر الوجودية التى يمثلها.
ولو كنا قد طبقنا النهج (الاسرائيلى) فى قواعد الردع والاشتباك، لما كان لهذا السد وجود منذ ايامه الاولى، ولكننا للاسف لم نفعل رغم ان وجودنا مشروع وحقوقنا ثابتة وقضايانا عادلة، على العكس تماما من دولة الاحتلال العدوانية والباطلة.
ولن أتعرض هنا بطبيعة الحال لتلك المحميات الامريكية التى هرول حكامها للتطبيع والتحالف مع (اسرائيل)، لارضاء السيد الامريكى حفاظا على عروشهم، والذين قال عنهم ترامب انها دول انظمة ستسقط خلال اسبوع واحد اذا رفعت امريكا الحماية عنها.
***
لقد آن الأوان على دول المنطقة وانظمتها، أن تتحرر من عقدة الخوف من (اسرائيل) ومن الرعب من الولايات المتحدة ومن مجتمعها الدولى، وأن تطلق سراح شعوبها وتسترد الثقة فيها وتعتمد عليها وتشركها فى معارك المصير، وأن تتعلم المواجهة والرد والردع. فان لم تفعل فسنسقط جميعا فى سلاسل العبودية لعقود طويلة قادمة.
*****
القاهرة فى 12 ابريل 2021
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت