- * المحامي علي أبوهلال
في الوقت الذي تتواصل فيه انتهاكات سلطات الاحتلال في القدس المحتلة وخاصة في شهر رمضان المبارك، وتتصاعد فيه الاعتداءات الاسرائيلية ضد المقدسيين والمقدسات الإسلامية، تبنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، قرارا بالإجماع بشأن مدينة القدس القديمة وأسوارها. حيث تبنى المجلس التنفيذي لمنظمة (اليونسكو) يوم الأربعاء الماضي الخامس عشر من شهر نيسان/ابريل الجاري خلال دورته رقم 211 بالإجماع قراراً حول مدينة القدس القديمة وأسوارها.
نص القرار على " تسمية المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف كمترادفين لمعنى واحد". وأعاد القرار التأكيد " على اعتبار جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير طابع المدينة المقدسة ووضعها القانوني لاغية وباطلة"، وطالب القرار إسرائيل "السلطة القائمة بالاحتلال" بوقف انتهاكاتها وإجراءاتها أحادية الجانب غير القانونية ضد المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، وفي البلدة القديمة للقدس وأسوارها.
كما أكد " على قرارات المجلس التنفيذي التسعة عشر وقرارات لجنة التراث العالمي العشرة الخاصة بالقدس والتي عبرت جميعها عن الأسف نتيجة فشل إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، في وقف أعمال الحفر وإقامة الأنفاق وكافة الأعمال غير القانونية والمدانة في القدس الشرقية وفق قواعد القانون الدولي"، وأشار الى أن " القرار ثبت المكتسبات في القرارات السابقة على وجه الخصوص تثبيت تسمية المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف كمترادفين لمعنى واحد".
وطالب القرار " بالإسراع في تعيين ممثل دائم للمديرية العامة في البلدة القديمة للقدس لرصد كافة الإجراءات ضمن اختصاصات المنظمة وإرسال بعثة الرصد التفاعلي من (اليونسكو) إلى القدس لرصد جميع الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال بموجب القانون الدولي".
ويذكر أن سلطات الاحتلال صعدت من اعتداءاتها على المسجد الأقصى والموظفين العاملين فيه، حيث قامت خلال الأسبوع الماضي بقطع أسلاك سماعات المسجد الخارجية من الجهة الغربية، والتعرض لموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، وتخريب أقفال الأبواب، والسماح بإدخال المتطرفين تحت حماية الشرطة.
كما منعت المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى، للصلاة فيه وإقامة الشعائر الدينية خلال شهر رمضان المبارك، وقامت بنصب الحواجز والمتاريس على بوابات البلدة القديمة، واعتدت على المقدسيين في شوارع القدس المحتلة، وقد لقيت هذه الممارسات إدانة دولية واسعة، خاصة أنها تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ومبادئ حقوق الانسان.
وعلى الرغم من عدم استجابة حكومة الاحتلال للمواقف الدولية، التي تطالبها بالكف عن هذه الانتهاكات الخطيرة التي تطال القدس والمقدسيين والمقدسات الإسلامية والمسيحية، إلا أن قرارات اليونسكو تعبر عن إدانة المجتمع الدولي لهذه الانتهاكات، وتثبت الحقوق الدينية والسياسية للشعب الفلسطيني والمسلمين والمسيحيين في القدس المحتلة، على الرغم من تنكر حكومة الاحتلال لهذه الحقوق.
قرارات اليونسكو يحب أن تجد طريقها إلى التنفيذ حتى تشكل رادعا وكابحا لحكومة الاحتلال لوقف ممارساتها وانتهاكاتها التي تمس الأماكن الدينية والتاريخية والأثرية، وجميع الأعيان الثقافية الأخرى، سواء في القدس أو الخليل أو بيت لحم وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة.
ومن هنا تأتي أهمية وضرورة القيام بجهد عربي واسلامي ودولي، لدى الهيئات والمؤسسات الدولية ذات الصلة من أجل تنفيذ قرارات منظمة اليونسكو، لأنها تفتقر إلى جهاز تنفيذي، وتقوم برفع كل قراراتها وتوصياتها إلى هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة التي تمتلك الصفة والقدرة التنفيذية وخاصة مجلس الأمن الدولي.
ورغم ذلك تكتسب قرارات منظمة اليونسكو أهمية كبيرة في إدانة انتهاكات الاحتلال، وممارساته التي تشكل خرقا صارخا للقانون الدولي وقواعد حقوق الانسان، وتشكل ازعاجا مستمرا ومتواصلا للاحتلال وممارساته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت