أعلن جيش تشاد عبر التلفزيون الرسمي يوم الثلاثاء مقتل الرئيس إدريس ديبي الذي يحكم البلاد منذ 30 عاماً متأثرا بجروح أصيب بها على خط المواجهة في معارك ضد المتمردين في شمال البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقال المتحدث باسم الجيش التشادي الجنرال عزم برماندوا أغونا، في بيان تلاه عبر التلفزيون الرسمي، إن "رئيس الجمهورية إدريس ديبي إيتنو لفظ أنفاسه الأخيرة مدافعاً عن وحدة وسلامة الأراضي في ساحة المعركة".
وأضاف "نعلن ببالغ الأسى للشعب التشادي نبأ وفاة ماريشال تشاد الثلاثاء في 20 أبريل 2021".
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت السلطات المحلية حل الجمعية الوطنية والحكومة التشادية وإنشاء مجلس عسكري بقيادة نجله محمد إدريس ديبي.
وكان الرئيس إدريس ديبي، فاز بولاية رئاسية سادسة في الانتخابات التي أجريت في تشاد في 11 أبريل الجاري، وذلك بعد حصد نحو 79.32% من أصوات الناخبين الذين بلغت نسبة مشاركتهم في الاقتراع 64,81%.
وترشح 9 أشخاص لمواجهة ديبي إلا أن ثلاثة منهم انسحبوا ودعوا إلى مقاطعة الاقتراع، فيما أبقت المحكمة العليا على أسمائهم على بطاقات الاقتراع.
من هو إدريس ديبي :
إدريس ديبي (69 عاما) ضابط عسكري التحق بأكاديمية الضباط في العاصمة نجامينا عندما كان شابا، أرسل بعد ذلك إلى فرنسا، حيث تدرب كطيار هناك ثم عاد إلى بلاده في عام 1979، حيث كانت تشاد في قبضة أمراء الحرب المتناحرين.
ربط ديبي نفسه بحسين حبري وكوفئ بمنصب قائد الجيش بعد أن قام حبري في 7 يونيو/حزيران عام 1982 بانقلاب عسكري على الرئيس كوكوني عويدي، وأصبح الرئيس الثامن لتشاد، وألغى منصب رئيس الوزراء وأعقب ذلك فترة من الاضطراب.
لكن في عام 1989، اختلف ديبي مع رئيسه المصاب بجنون العظمة بشكل متزايد، والذي اتهمه بالتخطيط لانقلاب ففر ديبي إلى السودان، حيث قام بتجميع جماعة متمردة مسلحة، "حركة الإنقاذ الوطني"، التي تلقت دعما من ليبيا والسودان، وبدأ الهجوم ضد حسين حبري ودخلت قواته نجامينا دون معارضة في ديسمبر/كانون الأول عام 1990.
لدى وصول ديبي إلى السلطة بعد أن قاد انقلابا عسكريا أطاح فيه بسلفه الرئيس العسكري حسين حبري، تفاءل التشاديون خيرا بالرئيس الجديد، خصوصا أن سلفه حبري حكم البلاد بالحديد والنار وحابى أبناء قبيلته (دازا) بمنح أفرادها معظم المناصب المهمة، وشاع الفساد في إدارات الدولة واستمر العنف.
وذكرت تقارير منظمات حقوق الإنسان أن نحو 40 ألف مواطن على الأقل قتلوا طوال فترة حكم حبري على خلفيات سياسية أشعلت نيرانها نعرات قبلية.
دستور وتعديلات
لم يرض الكثير من القبائل التشادية عن تهميشها، فدعمت قبيلة الزغاوة الجنرال إدريس ديبي الذي ينتمي إليها في انقلابه، وأعاد ديبي التعددية السياسية وتصالحت الفصائل المسلحة فيما بينها، وأصدر دستورا جديدا حظي بموافقة المواطنين في استفتاء عام 1990.
وبعد 6 سنوات من استيلائه على السلطة، تم انتخاب ديبي رئيسًا للدولة في أول تصويت متعدد الأحزاب في تشاد عام 1996، ولم يتوقف فوزه في الانتخابات الرئاسية الخمس التي تلت ذلك.
أعيد انتخاب ديبي عام 2001، وبعد أن أزال استفتاء عام 2005 حد الفترتين من الدستور، واصل ديبي سلسلة انتصاراته الانتخابية، واكتسح الانتخابات الرئاسية في أعوام 2006 و2011 و2016، ولم يأبه بسحب المعارضة الرئيسية مشاركتها في انتخابات عامي 2006 و2011، غاضبة من تغيير الدستور الذي مكن الجندي السابق من تجديد ولايته تباعا.
عدلت تشاد دستورها مرة أخرى في 2018، ووسعت سلطات الرئيس وزادت فترة الولاية الرئاسية من 5 إلى 6 سنوات، ويسمح هذا التعديل لديبي بالبقاء في السلطة حتى عام 2033، لكنه يمنع المرشحين الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما من الترشح لمنصب الرئيس.
رتبة المشير
لم يكن غريبا والحال كذلك، أن يسعى الرئيس ديبي إلى نيل رتبة عسكرية غير مسبوقة في بلاده لم ينلها أحد من قبل، ففي يونيو/حزيران عام 2020 عقدت الجمعية الوطنية (البرلمان) جلسة استثنائية لمنح ديبي رتبة مارشال (المشير)، وهي رتبة تُعطى في حالة الحرب فقط.
وأعلن البرلمان التشادي ترقية ديبي إلى رتبة مشير "نظرا لجهوده في محاربة الإرهاب والانتصارات العسكرية المتعددة التي حصدها داخل البلاد وخارجها"، كما اعتبر حزب الأغلبية "الحركة الوطنية للإنقاذ" أن ديبي "يستحق مثل هذا التكريم نظرا لقيمته التي لا جدال فيها كرجل دولة".
وبعد نحو شهرين من قرار البرلمان، أقيم في "قصر الديمقراطية" بالعاصمة نجامينا احتفال تاريخي كبير لم تشهد تشاد مثله طوال تاريخها، لتوشيح ديبي برتبة مارشال تشاد، من قبل ممثلي الشعب في الجمعية الوطنية، وألقى فيه خطابا مطولا أبرز ما جاء فيه قوله إنه سبق ورفض 4 مقترحات سابقة لترقيته إلى أن اقتنع أخيرا بقبولها.
دعم غربي
يكتسب ديبي سمعة باعتباره الحليف القوي للغرب في منطقة الساحل، رغم اتهامات بالاستبداد والفشل في تخفيف حدة الفقر، ويحظى ديبي بدعم قوي من فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، التي استخدمت القوة العسكرية في عامي 2008 و2019 للمساعدة في هزيمة المتمردين الذين حاولوا الإطاحة به.
وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي أمام البرلمان في عام 2019 "لقد قمنا بحماية حليف رئيسي تماما في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل"، حيث يعمل الجيش التشادي أيضا ضمن تحالف دول الساحل الخمس ضد المسلحين الذين يستهدفون مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ويعتبر بناء على ذلك حليفا مهما لعملية "برخان" الفرنسية في المنطقة.
تتكون قاعدة سلطة ديبي، الجيش، بشكل أساسي من قوات من جماعة الزغاوة العرقية التي ينتمي إليها الرئيس ويقودها الموالون. كما يرجع مراقبون الفضل في فترة حكمه الطويلة إلى "دهائه السياسي وبراعته كخبير تكتيكي، مقابل الانقسامات المتكررة لمنافسيه ومعارضيه في بلد متعدد العرقيات والانتماءات القبلية".
أما معارضو الرئيس ديبي ومنتقدوه فيقولون "إن نهجه الماكر والقاسي ساعده في أن يصبح أحد أقدم القادة في العالم، ويحاول إقامة "ملكية" في تشاد التي يعتبر سكانها البالغ عددهم 17 مليون نسمة من أفقر سكان العالم، ولديها أعلى مستويات الجوع في العالم، حيث يعاني 14% منهم سوء التغذية، بينما يعاني 24% انعدام الأمن الغذائي، ووفقًا لبيانات البنك الدولي، فإن حوالي 40% من أطفال تشاد الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات معرضون لخطر توقف النمو.
هذه الأرقام عن الوضع الاقتصادي في تشاد خامس أكبر بلد في أفريقيا من حيث المساحة ( 1.284 مليون كلم مربع) تبدو صادمة، كونها منتجا رئيسيا للنفط، تنتج الدولة 1.5 مليار برميل من النفط سنويا، مما يجعلها واحدة من أكبر احتياطيات النفط في أفريقيا.
تتهم المعارضة التشادية ديبي باستخدام عائدات النفط لبناء شبكات المحسوبية وقمع المعارضة، كذلك استخدام الحرب ضد المتشددين في منطقة الساحل للحصول على دعم من الدول الغربية، وفي الآونة الأخيرة خرجت احتجاجات في عدة مدن تشادية تطالب ديبي بالرحيل ومغادرة السلطة، ووضع حد للظلم الاجتماعي والاقتصادي، وحث زعماء المعارضة أنصارهم على مقاطعة الانتخابات.
وفاز الرئيس إدريس ديبي، فاز بولاية رئاسية سادسة في الانتخابات التي أجريت في تشاد في 11 أبريل الجاري، وذلك بعد حصد نحو 79.32% من أصوات الناخبين الذين بلغت نسبة مشاركتهم في الاقتراع 64,81%.
وترشح 9 أشخاص لمواجهة ديبي إلا أن ثلاثة منهم انسحبوا ودعوا إلى مقاطعة الاقتراع، فيما أبقت المحكمة العليا على أسمائهم على بطاقات الاقتراع.