- د.خالد معالي
فورا، انعكس تأجيل الانتخابات الفلسطينية على المزاج العام، وبقي حال الضفة الغربية ليس كما هو من ناحية الوضع الفلسطيني، وان بدا ظاهريا غير ذلك، عدا عن أن التأجيل أعطى دفعة قوية للتوسع الاستيطاني وأريحيته، واعتقالات يومية، وطرد وتهجير من الأرض وتهويد القدس، ودفعة قوية لتهجير أهل القدس، وحي الشيخ جراح، سيكون أول دفعه على حساب تأجيل الانتخابات المؤلم والموجع.
تابعت ما يكتبه صحفيو ومفكروا دولة الاحتلال حول الانتخابات الفلسطينية، فكانت النتيجة أو وضع ألضفة الغربية يرونه مريح ومن المجازفة تغيير المعادلة، فبقاء الحال بنظرهم اقل كلفة من أي تغيرات قد تحصل كنتيجة لما ستفرزه الانتخابات- أيا كان - وكان مؤشرا لهم ما يحدث في القدس من ناحية ما لا يريدونه.
المزاج العام وعملية تشكيل الرأي في دولة الاحتلال يؤخذ به ويعمل، بعكس العرب عموما، ومن كان الاستنتاج المنطقي هو تعطيل الانتخابات، وهو ما حصل، وليبقى الوضع مريح لهم دون مغامرات جديدة، او تغيرات لم يحسبوا حسابها من ناحية تصاعد للمقاومة، هكذا هي حساباتهم وتقديراتهم.
وهكذا منع الاحتلال تصويت القدس،وتأجلت العملية برمتها، وهو ما يعني أن 90% ممن يتوقون للانتخاب من الشعب الفلسطيني تم إحباطهم وسألبهم حقهم بالانتخاب، دون يدفع الاحتلال ثمنا لذلك.
اكثر انعكاس خطورة للتأجيل، وأول المستفيدين من عملية التأجيل هو الاستيطان، فالاستيطان بقي وتمدد، وتوسع يومي، ولا يوجد سوى بيانات السحب والاستنكار ومسيرات سلمية لا تغني ولا تسمن جوع.
ما بعد التأجيل يضعف اسبابه، فقد كان الأولى أن ينتزع حق تصويت القدس انتزاعا من حلق الاحتلال، لا أن يكون مرهون بموافقة المحتل المغتصب وتحت سمعه وبصره، وتصوير موافقة المحتل بأنها نصر للفلسطينيين غير معقول، فيما لو حصل وهو لم يحصل ولن يحصل مستقبلا.
هل يعقل أن يقبل محتل غاصب أن يكون هناك انتخابات نزيهة في شعب واقع تحت احتلاله؟! فهو يعلم علم اليقين انها ستفرز ما لن يكون على مقاسه، ومن هنا عطل، وسيبقى يعطل، الا في حالة واحدة ان خلص لاستنتاج ان الانتخابات ستكون لصالحه، وقتها يفعلها ويسمح، وهو امر منطقيا وعقليا لا يحصل، الا في حالة انتخابات على مقاسه ومزاجه ومن يريد ترشيحا وانتخابا.
ما الذي سيتغير على الضفة الغربية بعد عملية التأجيل؟ّ ستزداد لهيبا، فمليون شاب فقدوا حقهم بالانتخاب، وهؤلاء شريحة من الصعب ترويضها، ولذلك منطقيا سنرى تصاعد في المقاومة، وهو تصاعد تلقائي وليس بحاجة لتحريض، لان كثر الضغط يولد انفجار.
سيكون عنوان المواجهة القادمة ليس تناقضات داخلية تتصاعد وان كان الاحتلال يريد ذلك، الا ان القوى الفلسطينية، على قدر من الوعي ان تحول الطاقات والمواجهات مع التناقض الرئيس وهو الاحتلال، كما ان جيل الشباب لديه من الوعي ما يكفي لتوجيه الطاقات ضد الاحتلال، والاحتلال يدرك ذلك، ولكن كعادة الطغاة يركنون لقوتهم وبطشهم، وما علموا ان القوة والبطش له حدود، وإلا انقلب على صاحبة وبالا.
في المحصلة، عندما تفقد الشعوب حق من حقوقها، فانه تلقائيا تصعد قوى وتخبو قوى، ومن يصعد، هو من يكون له طروحات وبرامج واقعية قابلة للتحقيق، وليس شعارات وبرامج اوهن من بيت العنكبوت، ثبت فشلها وما عادت تقدر على مواكبة الحدث، وانقاذ الشعب الواقع تحت الاحتلال وتحقيق طموحاته.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت