ما بعد تأجيل الانتخابات؟

بقلم: أشرف أبو خصيوان

ashraf jamal
  • أشرف أبوخصيوان
  • **كاتب وباحث سياسي  

نُدرك أننا أُصبنا بالصدمة من قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية، وندرك أيضا أن السلطة المطلقة هي المفسدة المطلقة التي نادى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مراراً وتكراراً بأهمية تجسيد نظام سياسي وديمقراطي فلسطيني، إلا أنه فشل في تطبيق ذلك لعوامل مختلفة منها الانتخابات في مدينة القدس، وحجم وقوة الخصوم، وأخرها عدم رغبته مغادرة النظام السياسي من باب الانتخابات لمصلحة تجسيد حُكم الرجل الواحد للسلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية.


لقد نال الشعب الفلسطيني شرف المحاولة في اجراء الانتخابات، وكُنا نعلم أن اللعب على وتر الديمقراطية هو مرهون بمدى تجاوب الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية والدولية بأن تكون مُجمعة على عقد تلك الانتخابات، إلا أنه ووفقاً لحديث الرئيس عباس، في الاجتماع الأخير في مقر المقاطعة قُبيل البدء في الدعاية الانتخابية في ليلة 30/4/2021م، أعلن الرئيس عن رفض إسرائيل اجراء الانتخابات في مدينة القدس، وذلك من خلال رسالة شفوية، فقد وُجد المبرر للإلغاء، وسط صمت دولي وغياب للصوت العربي المُنادي بتجديد الشرعيات وإشاعة الحريات في المجتمع الفلسطيني، فقد كشفت محاولة اجراء الانتخابات عن مدى تعطش المواطن الفلسطيني للتغير وكان ذلك واضحاً من خلال العدد الكبير للقوائم المترشحة للانتخابات والتي بلغ عددها 36 قائمة انتخابية تُمثل الغالبية العظمى من الفصائل والأحزاب والتكتلات والقوائم الشبابية والمستقلين وغيرهم، وطمعاً في احداث التغيير فقد تم التأجيل لأجل غير مسمى، وسط دعوات بضرورة الإعلان عن موعد جديد للانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.

 

إلا أن ذلك لم يحدث، لماذا؟ لأننا فشلنا في معركة اجراء الانتخابات ونجحنا في معركة التأجيل أو الإلغاء إن صح التعبير، فقد فشلت الدبلوماسية الفلسطينية في ممارسة الضغط الكافي لإجبار إسرائيل على القَبول بإجراء الانتخابات، وتم الانسحاب من المعركة من قبل أن تبدأ أصلاً، وتم إحالة الأمر للرئيس عباس كي يُقرر التأجيل بعيداً عن طموح ورغبة أبناء الشعب الفلسطيني.


من ربح في الجولة الماضية، هي تلك القوائم التي استطاعت أن تتجاوز الشروط والطعون سواء من لجنة الانتخابات أو من محكمة الانتخابات، ومن خسر هو الشعب الفلسطيني فرصة حقيقية لإحداث التغيير المنشود بعد أن أُرهق من سنوات الانقسام والحصار في قطاع غزة، وتعاظم قوة الاحتلال في الضفة الغربية والقدس لصالح المشاريع الاستيطانية.


في فقه الانتخابات، يجب أن تكون دورية ومتزامنة، ولا تحتاج إلى مرسوم رئاسي بل تحتاج إلى موعد محدد يتم الاجراء دون النظر لرغبات الرئيس وأهوائه وميوله وعواطفه، ودون وضع العصا في دواليبها، وهذا مربط الفرس أن تكون الانتخابات للربح والخسارة لا أن تكون للمناكفة السياسية وللتربص بالأخرين، وأن تكون حلاً لمشاكل وعقد المواطن لا أن تكون سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب، لقد أصبنا الذهول من قرار التأجيل وأصابنا أكثر لأن الفرصة التي حظينا بها خلال الأشهر الماضية ربما لا نحظى بها على الأقل خلال السنوات الماضية، لقد جسد الرئيس أبو مازن قولاً واحداً بإلغاء الانتخابات، بأنها مثل "عود الكبريت لا يشتعل إلا مرة واحدة".  


بالعودة إلى عنوان المقال، وقد انكشفت عورة النظام السياسي الفلسطيني وقيادته، بأنها لا تريد انتخابات، وخيبت آمال الطبقات السياسية والاجتماعية الفلسطينية، وعادت بنا من جديد إلى مربع الانقسام، وربما إلى الانفصال، طالماً بقي الحال في قطاع غزة تحديداً تحت حكم حركة حماس التي تُعاني الحصار ويعاني سكان غزة الفقر، فإن الُمرجح تشكيل حكومة وحدة وطنية في الضفة الغربية بمشاركة بعض القوى السياسية الفلسطينية القريبة من فكر منظمة التحرير.

 

أما في غزة، فالتوقعات تُشير إلى تشكيل مجلس انقاذ وطني بقيادة فصائل وتكتلات سياسية فلسطينية بمشاركة حركة حماس، من أجل تعويم فكرة إدارة قطاع غزة، وتتخلى حركة حماس عن جزء من الحكم، لصالح جلب المزيد من المشاريع الدولية والدعم الدولي لمشاريع البنية التحتية ومحاربة الفقر والبطالة، وتوفير الكهرباء والماء والغداء، وبذلك يكون النظام السياسي الفلسطيني في الضفة والقطاع انقسم إلى فريقين، فريق تمثله حركة فتح ومنظمة التحرير وأنصارها في الضفة الغربية، وفريق تمثله حماس وقوى وفصائل فلسطينية تعارض سياسة منظمة التحرير في قطاع غزة، وبذلك يتعمق الانقسام أكثر فأكثر.

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت