لعامين، عَمل مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية بغزة والممول من صندوق قطر للتنمية بإيقاع مستمر، فلم يدخر أحد من العاملين فيه جهدًا، لتُفتحَ نوافذُ العزيمة وتَمضي الخُطى وتُسمع الكلمات، ولعامين بقيت الأبواب مشرعة بغير كلل سعيًا لمساعدة من وجدوا ضالتهم فيه لترسم الابتسامة وتصبح الأماني واقعًا.
ويقول مدير عام مستشفى حمد الدكتور رأفت لبد بعد مرور عامين على تشغيل المستشفى أن وجود مستشفى بهذا الحجم والتجهيزات والطاقم العامل إضافة نوعية للمجتمع والمنظومة الصحية في قطاع غزة.
ويتابع لبد "تتميز خدمات المستشفى بأنها تُقدم وفقًا للاحتياج الدقيق للمريض وبجودة عالية وإمكانيات متقدمة من خلال أقسام المستشفى الرئيسية الثلاثة ( قسم التأهيل الطبي – قسم الأطراف الصناعية – قسم السمع والتوازن".
وانُشئ مستشفى حمد للتأهيل والأطراف الصناعية عام 2016م، حيث وجه سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني اللجنة القطرية لإنشاء مستشفى متخصص بتركيب الأطراف الصناعية والتأهيل في قطاع غزة، ليستكمل صندوق قطر للتنمية مسيرة العطاء ويقوم بتشغيل المستشفى في 22 ابريل 2019م.
ويطمح المستشفى حسب لبد أن يكون في طليعة مقدمي خدمات الأطراف الصناعية والتأهيل الوظيفي والسمعي ليس فقط في قطاع غزة بل على مستوى فلسطين والدول المجاورة من خلال تقديم الخدمات بمعايير دولية وعالمية معتمدة.
ويضيف "نسعى أيضًا لأن نكون منارة للتعليم في مجال الأطراف والتأهيل والسمع لكل مقدمي الخدمات في قطاع غزة"، ويتابع "فمن خلال بورد الطب الطبيعي والتأهيل وبرنامج بكالوريوس السمع والنطق التي نسعى لتنفيذها بالشراكة مع الجامعات المحلية يمكننا أن نخرّج كوادر جديدة ذات كفاءة عالية".
ودعا لبد جميع المرضى وذويهم لعدم التردد في التوجه السريع لمستشفى حمد، فالتدخل الطبي الفوري في حالات فقد السمع والتأهيل والبتر يساعد في الوصول إلى نتائج علاجية أفضل.
وعن التحديات التي تواجه المستشفى فيرى لبد أن إغلاق المعابر والحصار والوضع المادي المتردي في قطاع غزة يؤثر على مدى الاستفادة من خدمات المستشفى.
يشرح " فصعوبة الحركة والتنقل تعرقل دخول بعض المواد الطبية الضرورية في مجالي تركيب الأطراف وتأهيل السمع، كما أنها تقيد عملية ابتعاث أفراد من الطاقم الطبي للحصول على التدريب في الخارج أو حتى استقدام مدربين".
ويقدم المستشفى خدمات التأهيل للمرضى من ذوي الاعاقة الحركية والإدراكية والسمعية لتطوير قدراتهم وامكانياتهم بهدف استعادة استقلاليتهم في الأنشطة الحياتية وإعادة اندماجهم في المجتمع بشكل فعال.
وبلغ مجموع الخدمات المقدمة في المستشفى منذ تشغيله نحو 129 ألف خدمة، ووصل عدد المستفيدين لنحو 14 ألف مستفيد، حيث بلغت الخدمات المقدمة في قسم الأطراف الصناعية بالمستشفى 4385، أما قسم السمع والتوازن فقدم 37148 خدمة بينما قدم قسم التأهيل 87497 خدمة.
أمل جديد
وفي إحدى غرف التأهيل بالمستشفى تتلقى الشابة آيات ستوم جلسة علاجية، وتقول "يتابع المستشفى حالتي منذ بداية تشغيله قبل عامين، وانا ممتنة جدًا فقد منحني العلاج هنا الأمل، اتلقى رعاية ممتازة، فالمستشفى يساعدني على الاحتفاظ بمستوى أعلى من اللياقة".
تتذكر آيات (30 عامًا) "كنت اعيش حياة طبيعية، حصلت على دبلوم في تأهيل المعاقين وعملت لأربع سنوات في هذا المجال"، تتابع "فجأة بدأت أشعر بأن خطواتي تثقل شيئًا فشيئًا، وشعرت بعجز كبير إلى أن فقدت القدرة على الحركة تمامًا"، "عرفت بأني مصابة بالتصلب اللويحي وتم تحويل حالتي لمستشفى حمد"
أما طارق جلهوم (21 عامًا) الذي أصيب خلال مشاركته في مسيرات العودة التي انطلقت قبل نحو ثلاثة أعوام على الحدود الشرقية لقطاع غزة، ما أدى لبتر في ساقه الأيسر.
يقول الشاب الذي جاء للمستشفى لمتابعة حالة طرفه الصناعي، "سمعت بمستشفى حمد وقررت أن اتقدم بطلبٍ للحصول على العلاج فيها، وبدأ الأمل يعود إليّ بعد أن هاتفني قسم الأطراف الصناعية لتحديد الموعد الأول".
"وبعد عدة جلسات تأهيلية حصلت أخيرًا على طرف صناعي مناسب ومريح"، استعدت ثقتي بنفسي، فأنا اتحرك بشكل طبيعي، وامارس انشطتي اليومية دون عائق".
يتابع طارق "لقد تسببت الإصابة لي بألم كبير على الصعيدين النفسي والجسدي، أما اليوم فأصبحت أفضل بكثير، لقد تزوجت منذ نحو شهرين كما أنني سأبدأ مشروعي الخاص".
أما الطفلة يقين برهوم فقد اكتشف جدّاها عندما كانت تبلغ ثمانية أشهر أن لديها فقدًا شديدًا بالسمع، وأنها بحاجة لسماعة أذن طبية ورغم ذلك لم تستطع لعامين أن تسمع شيئًا.
وفي ابريل 2017، أجرت الطفلة يقين برهوم عملية زراعة قوقعة في مستشفى حمد بغزة ضمن الفوج الثاني.
ومنذ إجراء العملية حتى الآن تتلقى يقين في المستشفى تدريبًا سمعيًا ولفظيًا بشكل أسبوعي، ما ساهم في تحسن مهارتها اللغوية بشكل كبير.
وتقول أم يقين انها سعيدة جدا بما وصلت له حالة ابنتها، فقد كانت قد فقدت الأمل بأن تسمع ابنتها يومًا، وشكرت ام يقين كل من كان سببا في تحسن يقين وتطور قدراتها.
تجربة وأمنيات
وعن تجربة العمل في المستشفى، يقول رئيس قسم الأطراف الصناعية أحمد العبسي إنه سعيد بجعل رسالة المستشفى الانسانية واقعًا، والعمل حيث يكون المريض هو محور العمل، ورضاه عن خدماتنا هو غايتنا الأساسية.
ويتابع "تربطني علاقة محبة وتعاون مع زملائي في القسم والمستشفى بشكل عام، ونعمل سويًا على تقديم خدماتنا للمرضى بجودة واتقان، واليوم، بعد عامين فأنا أتمنى أن يُكمل مستشفى سمو الشيخ حمد مشواره وأن يستمر العطاء".
فيما عبرت الشابة أمل الهوبي من قسم التمريض عن فخرها بالعمل بالمستشفى، وانه شكّل نقلة نوعية لها في حياتها المهنية، تتذكر بحماس "فور ان قرأت اعلان الوظيفة، تقدمت لها وكلي أمل بأن أكون جزءًا من طاقم عمل مشروع جديد وضخم كمستشفى حمد".
تتابع "الحمد لله تم قبولي، وبدأت بالعمل منذ الايام الاولى لتشغيل المستشفى، والآن لدي علاقة قوية مع أغلب العاملين هنا، يجمعنا حب العمل وكثير من لحظات التحدي"، وتتمنى أمل "ان تستمر المستشفى وتكبر أكثر وتصل لكل من يحتاج العون والمساعدة".