البرلمان الأوروبي وادعاءاته "غير الموضوعية" بحق أونروا

بقلم: علي هويدي

علي هويدي
  • علي هويدي*

وكأن أعضاء البرلمان الأوروبي الذين اتخذوا القرار بأن مناهج "الأونروا" "تُدرّس وتنشر خطاب كراهية وتشجع العنف داخل مدارسها"، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر.. وكأن مدارس "الأونروا" أو المدارس الحكومية أو المدارس الخاصة في الضفة الغربية بما فيها شرق القدس المحتلة وغزة تحتاج إلى منهاج دراسي لكي تترجم ما قاله تقرير البرلمان الأوروبي، لكن ألا يشاهد ويعايش أعضاء البرلمان الاوروبي سلوك وتصرفات الإحتلال اليومية بحق الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية وهو يمارس أبشع أنواع التمييز العنصري، وهي التي يعترف هو نفسه بها بأنها محتلة، وهم الموجودون هناك على أرض الواقع.. ؟!

 

إن أفضل وسيلة للتعلم هي الممارسة بشقيها السلبي والإيجابي؛ شعبنا الفلسطيني بأطفاله وشيبه وشبابه يعيش حالة الظلم والاضطهاد والقهر يومياً وعلى مدار الساعة والمسؤول هو الإحتلال وأدواته ليس إلا.. لذلك فإن المنهاج الحقيقي للحقد والكراهية وعدم التسامح والكفر بحقوق الإنسان الذي يتعلمه طلابنا هو بسبب السلوك السادي والشاذ العملي اليومي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي بحقهم..

 

فعن أي تسامح ومفاهيم لاعنفية يتحدث البرلمان ويريد من أجيالنا أن يتشربوه والاحتلال جاثم على ارضنا ويغتصب ويصادر ممتلكاتنا ويقتل أبناءنا وآباءنا وأمهاتنا وأخواننا وأخواتنا أمام أعيننا..، وعن أي تسامح يتحدث والاحتلال يقتحم بيوتنا ويعتقل ويعتدي على نسائنا وعلى الأطفال والشيوخ بغير حق..

 

عن أي تسامح يتحدث والاحتلال يطردنا من منزلنا الذي ولد فيه الأجداد وأجداد الأجداد ويعطيه لمستوطن غازٍ جاء من أقاصي الدنيا ليستمتع هو في خيراتنا وممتلكاتنا.. أولا يكفي ما يجري لحي الشيخ جراح في القدس من شاهد حي على جرائم الإحتلال.

 

عن أي تسامح يتحدث والإحتلال وضع الجدار والأسلاك الشائكة ويوجه المياه العادمة لقتل محصول الفلسطينيين ومزروعاتهم..، وعن أي تسامح يتحدث وقد تستيقظ في الصباح الباكر لترى الغزاة المستوطنين وقد أحرقوا زيتونك ومحصولك ومنعوا عنك مياه الري ومياه الشرب ويعتدون عليك بالعصي وبالهراوات وقنابل الفلفل والغاز والرصاص المطاطي والحي وأمام أعين جنود الإحتلال دون أن يحرك ساكناً..

 

عن أي تسامح يتحدث البرلمان ووجود أكثر من 800 حاجز عسكري للإحتلال يقطع أوصال الضفة ويعيق حركة العمال والتنقل وذهاب وإياب الطلاب إلى مدارسهم، وبوجود حوالي 800 الف مستوطن ومئات المستوطنات التي تخنق القرى والمدن الفلسطينية..

 

عن أي تسامح يتحدث وينكل الاحتلال بالأسرى والمعتقلين جهارا نهارا، ويمارس الاعتقال الاداري غير القانوني ولا يتورع عن سجن الأطفال في جرائم موصوفة..، وعن أي تسامح يتحدث ويجبر الإحتلال الفلسطيني على هدم منزله بيديه وأمام أعين أطفاله وعائلته بحجة لا ترخيص للبناء والأرض أرضه.

 

هذا هو المنهاج الحقيقي الذي يتعلم منه شعبنا عموما وأجيالنا خصوصاً الحقد والكراهية بحق الإحتلال وليس بحاجة إلى المدارس أو الكتب، ونسأل أي برلماني أوروبي من الذين وقعوا على القرار، هل ترضى بالاحتلال لبلدك؟ وهل ترضى وتتعايش مع من يريد أن يزيف تاريخك ويصادر وجودك ويشوه ثقافتك ويحاول أن يسلبك هويتك ؟! عن أي تسامح يتحدث والبرلمان الأوروبي يكتفي بالزيارات التضامنية والبيانات الاستنكارية دون أي إجراءات عملية عقابية بحق الاحتلال..

 

قرار البرلمان الأوروبي سياسي بامتياز، ويهدف إلى المزيد من إضعاف الوكالة ومحاصرتها والتشكيك بمصداقيتها خدمة لأجندة الإحتلال التي باتت معروفة، ولا يستند إلى أي حجج وإثباتات وبراهين علمية، ويكفي العودة إلى تقييم أداء "الأونروا" في حزيران/يونيو 2019، فإن شبكة تقييم أداء المنظمات متعددة الأطراف (موبان) والتي تتألف من 18 دولة قد قيّمت أداء "الأونروا"، وجاء في التقييم ".. وأثنى التقييم على الأونروا لإدارتها القوية وهيكلها التنظيمي القوي والمرن ورؤيتها الإستراتيجية وفعالية تقديمها لخدماتها علاوة على مقدرة والتزام قوتها العاملة ونهجها الإسترتيجي في حشد الموارد". وأكد التقييم أيضا "على قوة نهج الوكالة تجاه النتائج والمخاطر والإدارة المالية". وخلص التقييم إلى "أن الأونروا في وضع جيد فريد يؤهلها لضمان أن الإحتياجات الإنسانية واحتياجات التنمية البشرية واحتياجات الحماية للاجئي فلسطين ملباة".

 

وقد شارك في عملية التقييم 11 دولة من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي: بلجيكا والدانمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيرلندا وإيطاليا ولوكسمبورج وهولندا والسويد والمملكة المتحدة.

 

إدعاء البرلمان الأوروبي هو غير موضوعي وقد جانب الصواب، وقد خسر من خلاله مصداقيته والقيم الإنسانية وقيم الأمم المتحدة التي يدعي بأنه مؤمن بها والأجدى به التراجع عن ما ذكر، والتخلص من النفوذ المسيطر عليه والعمل على انهاء الإحتلال.. فانتهاء الحقد والكراهية لا يكون فقط بزوال الإحتلال، بل وباسترجاع الحقوق.

 

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

بتاريخ 6/5/2021

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت