لماذا نحتفل باليوم العالمي للصليب والهلال من كل عام ؟!

بقلم: خالد أحمد

خالد أحمد
  •      خالد أحمد/ منسق إعلامي   

تحتفل جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني مع نظيراتها في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في أكثر من (184) بلداً حول العالم باليوم العالمي للصليب الأحمر والهلال الأحمر والذي يصادف الثامن من أيار مايو من كل عام وهو ذكرى ميلاد "هنري دونان" المعروف بأنه أبو الصليب الأحمر والهلال الأحمر الذي ولد في مثل هذا اليوم وذلك تكريماً له على ما قام به خدمة للإنسانية .

وجون هنري دونان الذي ولد في جنيف (1828م-1910م) هو رجل أعمال سويسري وناشط اجتماعي من عائلة بروتستانتية كالفينية اتسمت بالتدين والنزوع إلى الإحسان عُرف المثقف الإنساني والذي سيصبح فيما بعد مؤسس منظمة الصليب الأحمر الدولي  بمآثره في مجال الإنقاذ وحماية الأرواح البشرية، ما جعله أول من يحصل على جائزة نوبل للسلام في 1901م مناصفة مع الفرنسي "فردريك باسي" .

وتعود القصة حينما كان دونان في رحلة تجارية في إيطاليا رمت به الأقدار إلى قرية كستليوني ديلا بيف في  اليوم الرابع والعشرين من شهر حزيران يونيو 1859م وهو اليوم الذي وقعت فيه معركة دامية بين الجيش الإمبراطوري النمساوي والاتحاد الفرنسي السرديني من جهة أخرى بالقرب من مدينة صغيرة تقع شمال إيطاليا تدعى "سولفرينو" وبعد ست عشرة ساعة من القتال، غصّت ساحة المعركة بما يقارب من (40) ألف ضحية في الميدان، بين قتيل وجريح عانى فيها الجرحى من نقص الرعاية الطبية واتضح أن الخدمات الطبية العسكرية غير كافية فكان من الطبيعي جداً أن يحاول دونان المساعدة في تخفيف آلام الجرحى و معاناتهم ،و قد أمكنه تحقيق ذلك لما كان يتمتع به من سجية و تقاليد و تدريب .

وغيرت هذه التجربة مسار حياة دونان  تماماً  فمنذ ذلك الوقت أصبحت أنشطته التجارية واهتماماته الأخرى ثانوية إذ أنه سعى إلى إيجاد وسيلة يمكن من خلالها منع تلك المعاناة بشكل ما أو على الأقل التخفيف منها حال حدوثها .

ومن هول الصدمة بادر دونان لتنظيم السكان المدنيين خاصة النساء لمد يد العون والمساعدة للجنود الجرحى والمرضى ،ونظراً لنقص المواد والمستلزمات الكافية  قام دونان بشرائها بنفسه ، وساعد كذلك في إنشاء مستشفيات مؤقتة ، وتمكن من أقناع السكان كي يقوموا برعاية الجرحى بدون اعتبار لجانبهم في الصراع عملاً بالشعار "Tutti fratelli"        (الكل أشقاء) كما نجح في الحصول على إفراج عن الأطباء النمساويين الذين أسرهم الفرنسيين .

عقب عودته إلى جنيف في أوائل شهر يوليو من العام ذاته ، قرر دونان تأليف كتاب سجل فيه ذكرياته وتجاربه عن أهوال الحرب والذي عنونه ب "تذكار سولفرينو" بالفرنسية                (Un Souvenir de Solferino) وطبع منه (1600) نسخة عام 1862م على  نفقته ووزع الكتاب على العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة في أوروبا  ووصف في الكتاب قصوة الحرب وبشاعتها، كما وجه نداء إلى أصحاب النوايا الطيبة بضرورة إنشاء جمعيات إغاثة وقت السلم من ممرضين وممرضات مستعدين لرعاية الجرحى وقت الحرب ، والاعتراف بأولئك  المتطوعين وحمايتهم بموجب اتفاق دولي.

وفي العام 1863م تشكلت لجنة من خمسة أشخاص لبحث إمكانية تحويل أفكار دونان إلى واقع وأنشأت هذه اللجنة التي ضمت "غوستاف موانييه" و"غيوم- هنري دوفور" و"لوي أبيا" و"تيودور مونوار" ، فضلاً عن دونان نفسه "اللجنة الدولية لإغاثة الجرحى" التي أصبحت فيما بعد "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" .

 

 

 

 

بعد تأسيس اللجنة شرع مؤسسوها الخمسة في تحويل الأفكار التي طرحها كتاب دونان إلى واقع وبدعوة منهم أوفدت ست عشرة دولة وأربع جمعيات إنسانية ممثلين لها إلى المؤتمر الدولي الذي افتتح في جنيف في 26 تشرين أول أكتوبر 1863م وتمخض عن هذا المؤتمر اعتماد الشارة المميزة "شارة الصليب على خلفية بيضاء" وهي عكس العلم الوطني السويسري تقديراً للدولة المضيفة والذي ولدت من خلاله مؤسسة الصليب الأحمر.

ولإضفاء الطابع الرسمي على حماية الخدمات الطبية في ميدان القتال والحصول على اعتراف دولي بالصليب الأحمر ومثله العليا عقدت الحكومة السويسرية مؤتمراً دبلوماسيًا في جنيف عام 1864م شارك فيه ممثلو اثنتي عشرة حكومة واعتمدوا معاهدة بعنوان "اتفاقية جنيف لتحسين حال جرحى الجيوش في الميدان" ، والتي غدت أولى معاهدات القانون الإنساني وعقدت مؤتمرات أخرى لاحقًا وسعت نطاق القانون الأساسي ليشمل فئات أخرى من الضحايا كأسرى الحرب مثلا .

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية عقد مؤتمر دبلوماسي دامت مداولاته أربعة أشهر واعتمدت على اثره اتفاقيات جنيف الأربع في 1949م التي عززت حماية المدنيين في أوقات الحرب وأُلحقت هذه الاتفاقيات في 1977م ببروتوكولين إضافيين .

أما بخصوص استخدام شارة الهلال عوضاً عن شارة الصليب فقد حدث ذلك عندما قررت الإمبراطورية العثمانية في عام 1876م استخدام شارة هلال أحمر كبديل عن الصليب الأحمر وحذا حذوها العديد من الدول فاعترف بالهلال الأحمر رسميًا عام 1929م

ولحل مسألة انتشار الشارات للدول التي لا تفضل استخدام الشارتين القائمتين تم إنشاء شارة  ثالثة في العام 2005م وهي عبارة عن كريستالة ( بلورة ) .

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت