يلا نحكي: نحتاج قيادة

بقلم: جهاد حرب

جهاد حرب
  • جهاد حرب

صمتت آلة المعركة العسكرية في سماء قطاع غزة وارضه، فيما ما زالت المعركة الميدانية في التجمعات الفلسطينية بين البحر والنهر مستمرة وموحدة ميدانيا. وفي الوقت ذاته بدأت المعركة الأوسع على مستويين؛ الآني: بتهيئة الظروف لإعادة إعمار قطاع غزة بالسرعة القصوى وترميم آثاراها وتداعياتها الاجتماعية والصحية والاقتصادية. وبعيدة المدى: باستثمار التحولات الجارية على الصعيد العالمي بتأثير المعركة العسكرية وتضحيات الشعب الفلسطيني وتعظيم هذه التحولات باتجاه عملية سياسية محددة المعالم لإنهاء الاستعمار الإسرائيلي الاستيطاني الإحلالي.  

كما بدأت المعركة الداخلية على مستويين مركزيين؛ الأول: باستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام بخطوات واضحة وبدون تلكأ، والثاني بإعادة الاعتبار للمقاومة الفلسطينية بتطوير أدواتها وتأطيرها بما تحمله من قوة دفع في مواجهة الاحتلال وإسناد لأي تحرك سياسي.

مما لا شك فيه أن إتمام المعركة الداخلية يلعب دورا في الإسراع بإعادة الإعمار في قطاع غزة من جهة، وتقوي أي قيادة سياسية تروم دحر الاستعمار وحكوماته الفاشية من جهة ثانية، وتستعيد قوى الفعل الفلسطيني سواء باستثمار قواه الحية وطاقات الشباب الهائلة كما أبرزته موجة المواجهة الحالية، دون التقليل من أهمية أخذهم لزمام المبادرة وقيادة الفعل وتعزيز مكانتهم المأمولة في قيادة الشعب الفلسطيني، والجاليات الفلسطينية في الشتات من جهة ثالثة، وتوسيع التضامن الدولي والتحولات في الرأي العام الدولي وفي المؤسسات البرلمانية، بشكل خاص في الساحة الامريكية، للتعامل مع اصل المشكلة المتمثلة بالاستعمار الاستيطاني الإحلالي وليست تبعاته من جهة رابعة.

إن إعادة ترتيب الأوراق وأدوات القوة الكامنة لدى الفلسطينيين تحتاج إلى قيادة؛ تتقدم الصفوف ولا تختبأ، وتفتح الطريق ولا تغلق الآفاق، تسعى للخروج من المأزق ولا تعمق الازمات، تنهض من تحت الركام كطائر الفينيق ولا تدفع الناس إلى اليأس، تطلق العنان للإبداع بأشكال المقاومة ولا تعطل المبادرة، تساعد على فتح الأبواب والمساحات والحوارات ولا تغلق نوافذها، تجترح الحلول ولا تأزم المشاكل، تعالج الجراح ولا تعمقها، تتجاوز الآلام ولا تتوقف عندها، تسمو وتترفع ولا تقف عند الصغائر والضغائن، تسمع للشعب لا لحاشية منعزلة.

نحتاج إلى قيادة شرعية مساءلة وفاعله مستجيبة لاحتياجات الناس ومساندة لهم وداعمة لحقوقهم، وقيادة قادرة على إدارة الدولة بعين رجل الدولة وليس بعين السياسي الراغب بتحقيق دوامة في الساحة السياسية، وقيادة تعمل للصالح العام وليس لمصلحة فئة أو أشخاص محددين، وقيادة تتيح تكافؤ الفرص أمام المواطنين لا قيادة تحرص على دفن الكفاءات الوطنية، وقيادة تبني نظاما ديمقراطيا لا نظاما استبداديا منعزلا يتفرد باتخاذ القرار ويمتنع عن الانفتاح مع المجتمع المدني ومنظماته، وقيادة تخلق نظاما يسعى للعدل والإنصاف لا نظاما للظلم والجور.

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت