- بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
لقد شكلت معركة سيف القدس الأخيرة .. إنعطافة حادة.. وعلامة فارقة.. ونقلة نوعية في مسار القضية الفلسطينية... من حالة الركود والمراوحة ذات المكان والإحباط واليأس في كافة المناحي جراء الخوض في عملية التسوية السلمية الفاشلة طيلة ثلاثة عقود مضت لم تسفر سوى عن المزيد من التهويد والإستيطان ومزيداً من مسلسلات القتل والإبادة والتطهير العرقي المتواصلة بوتيرة تصاعدية...الى حالة الزهو بالنصر والإقتدار والغلبة حين دكت صواريخ الحق التي صٌنعت بأيدي فلسطينية أوكار الشر والإحتلال وكافة المدن والمنشاّت الصهيونية, وكذلك بترت اليد الموغلة في القمع والقتل والحصار والتجويع والحبس وهدم المنازل وحرق الأطفال الأبرياء وهم أحياء أمام ناظري المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والانسانية الذين لم يحركوا ساكناً إزاء هول تلك المجازر وأعمال القتل والتمثيل بأجساد الشهداء وإحتجازها في مقابر عسكرية رقمية دون الإلتفات الى جملة القوانين والمعاهدات الدولية الناظمة لحقوق الإنسان.
ومما لا شك فيه أن حجم الرد الصهيوني العنيف والمدمر بحق البشر والشجر والحجر والذي تسبب في إستشهاد عشرات الأطفال ومئات الشيوخ والنساء والشباب , وإصابة الاّلاف بالرصاص والغازات السامة وشظايا القنابل المحرمة دوليا , وهدم مئات الأبراج العالية واّلاف المنازل السكنية فوق رؤوس ساكنيها من المدنيين الأبرياء الذين باتوا في العراء تحت أشعة الشمس اللاهبة ..حتى أن مباني الوكالة الدولية إعتذرت عن إيوائهم نظراً للتهديد والوعيد الذي تتلقاه تلك الوكالة من عصابة الإجرام الصهيوني.
وبرغم حجم تلك الخسائر الفادحة التي وقعت على أهلنا في قطاع غزة وصمودهم الأسطوري أمام اّلة القمع والتدمير الصهيوني فقد سٌجل نصراً فلسطينيا باهراً في كافة الميادين والمجالات رغم فارق التسليح وعدم تكافؤ المعركة نظراً للخسائر المادية والمعنوية الهائلة لدى دولة الاحتلال والعدوان بسبب وصول رشقات الصواريخ الفلسطينية أبعد مكان في أجواء كافة مدن ومستعمرات الكيان, مما تسبب في وقف السياحة وإغلاق كافة المصانع والمنشئات الخاصة بالإنتاج الصناعي والزراعي والغذائي بل وفرض حظر التجوال على كافة السكان والمستوطنين اليهود بشكل لا يمكن معه للمجتمع الصهيوني وطبيعة تركيبته تحمل أعباء الخوف ومنع التجوال وفقدان الأمن والسلام الذي إعتادوا على العيش في ظله طيلة سني الإحتلال المنصرمة مع إستثناء نفس الحالة التي تعرضوا لها قبل ثلاثة عقود حين أٌمطرت صواريخ النصر العراقية كافة المدن والمنشاّت الصناعية والعسكرية والنووية .
لقد كشفت أيضاً معركة سيف القدس عن حجم الإنتصار العربي والإقليمي للقضية الفلسطينية العادلة وعن إمكانات الأمة الكامنة , ورأينا لأول مرة كيف توحد الشعب العربي الفلسطيني في كافة أماكن تواجده خلف المعركة ومع المقاومة الباسلة ومع أهلنا في القدس المحتلة, ورأينا أيضا كيف إنتفضت جماهير الأمة وعشائرها من المحيط الى الخليج ومشاهد الحافلات وهي تنقل إشقائنا من العراق الى الحدود بهدف الإنضمام الى جماهير وعشائر الأردن في عملية الزحف المليونية الى فلسطين نصرة لأهلها وناسها ومقدساتها , ورأينا كذلك كيف جابت المسيرات المليونية عديد العواصم العالمية وخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا إنتصاراً للشعب الفلسطيني وحقه في العودة وحق تقرير المصير.
وقد ألقت هذه الحراكات والفعاليات الشعبية مجتمعة بظلالها على حكومات العالم التي تدافعت للإسهام في إيجاد الحلول وإيقاف العدوان على الشعب الفلسطيني , وبذلك أعيد للقضية ألقها وبريقها وعادت مجدداً كقضية مركزية تٌشغل بال سياسيي العالم وهيئات المجتمع الدولي وبشكل يبعث الأمل بتحرك دولي عاجل يضع حداً نهائياً للإحتلال وجوقته الإستيطانية التهويدية التي تمادت في غيها حتى كادت تبتلع القدس ومعظم أراضي الضفة الغربية .. وإزاء جملة المكتسبات التي تحققت بفعل معركة سيف القدس يتطلب منا كفلسطينيين إستثمار هذه الحالة وأن نكون على جاهزية دائمة في التصدي للعدوان وملاحقته بكل الوسائل والأساليب المتاحة ,والعمل بدأب على إيجاد الصيغ الملائمة التي تضمن وحدة الموقف الفلسطيني وإجتماعه على كلمة ورؤيا واحدة خلف قيادة وطنية موحدة.. تمثل الكل الفلسطيني المتعطش للحرية والإستقلال والخلاص من الإحتلال وكافة جرائمه البشعة .. وتضمن الحفاظ على المنجزات والمكتسبات والمراكمة عليها .. وتعمل أيضاً وبشكل حثيث على تشكيل جبهة عربية قومية مساندة ومشاركة تمثل كافة الجماهير العربية التواقة للقتال في فلسطين على طريق كنس الاحتلال والإستعمار وإستعادة كافة الحقوق العربية والفلسطينية المغتصبة .
بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
بيت فوريك –
فلسطين المحتلة
حزيران – 2021م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت