أكد برلمان البحر الأبيض المتوسط بإجماع أعضائه أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد أمام الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي للعيش في أمن وسلام، دولة فلسطين المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل القائمة، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
جاء ذلك في نهاية أعمال الدورة الخامسة عشرة لبرلمان البحر الأبيض المتوسط التي عقدت افتراضيا واستمرت يومين، بمشاركة وفد فلسطين الذي ضم عضو المجلس الوطني، نائب رئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط بلال قاسم رئيسا للوفد، وأعضاء المجلس جهاد أبو زنيد وعمر حمايل ومنذر مرعي، ومستشار الوفد خالد عياد.
وأكد البرلمان الذي يضم في عضويته 33 برلماناً من الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، بما فيها فلسطين، ضرورة اجراء الانتخابات الفلسطينية لتعزيز دور المؤسسات في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس الشرقية، وفقا للاتفاقات السابقة بين الجانبين.
وبعد عرض تقارير وتوصيات اللجنة المعنية بحقوق الانسان وحماية المرأة من العنف، أكد الوفد الفلسطيني في مداخلات أعضائه، بأن المرأة الفلسطينية تعاني منذ زمن بعيد من عنف وعدوان الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس عمليات القتل والاعتقال والتهجير القسري ضد النساء والفتيات الفلسطينيات، داعيا المجتمعين إلى إلزام دولة الاحتلال بقرارات الشرعية الدولية ومواثيق حقوق الانسان لوضع حد للانتهاكات الاحتلالية التي تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات.
كما أكدت مداخلات الوفد حول توصيات أخرى للجنة تتصل بكيفية استغلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لحماية حقوق الإنسان، ان الشعب الفلسطيني مع كل وسيلة وآلية ومنصة وأداة هدفها حماية حقوق الإنسان لأننا نعاني من انتهاكات حقوقنا ونعيش تحت الاحتلال منذ 73 عاما، ودائما نطالب بتفعيل وانفاذ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف والاعلان العالمي لحقوق الانسان من اجل حماية حقوق الإنسان، ونتمسك بالشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال.
وأوضحت المداخلات إن الحصول التقنية التكنولوجية هي جزء من حقوق الإنسان، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يحرم الفلسطينيين من هذه الحقوق، نتيجة تحكمه بالبنية التحتية المعلوماتية والتكنولوجية لفلسطين، إضافة إلى الرقابة والتعدي على الخصوصية عبر التعقّب بمختلف أشكاله.
وطالبت برلمان البحر الأبيض المتوسط الضغط على إسرائيل لإزالة القيود التي تعيق تطوير القطاع التكنولوجي الفلسطيني، مبينا ان الاحتلال يمنع الحصول على تقنيات الحديثة G4 و 5G، فضلا عن محاربة وتقييد المحتوى الفلسطيني من قبل وسائل التواصل الاجتماعي كـ"فيسبوك"، لحسابات عن هجمة ناشطين فلسطينيين ودوليين مؤيدين لفلسطين أثناء العدوان الأخير على القدس وغزة.
وأكد الوفد الفلسطيني أن الاحتلال يستغل تفوقه التكنولوجي لتكريس احتلاله لفلسطين ونظامه العنصري ضد الشعب الفلسطيني الذي أكده تقرير "هيومن رايتس وتش" الاخير، ويستغل الذكاء الاصطناعي ايضا لقتل اغتيال الفلسطينيين واقتحامات المقدسات وتزوير التاريخ والهوية الفلسطينية، داعيا برلمان البحر الأبيض المتوسط إلى بناء شراكة بين دول الاتحاد الأوروبي الاعضاء لدعم قطاع البرمجيات والذكاء الاصطناعي في فلسطين.
كما أشار الوفد الفلسطيني الى ان الاحتلال يرفض الالتزام بتوصيات مجلس حقوق الإنسان ويرفض التعاون مع اللجنة المشكلة من قبل المجلس للتحقيق في انتهاكات وجرائم الاحتلال التي حدثت خلال العدوان الاسرائيلي الاخير على الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وغزة واراضي عام 1948، وعلى أعضاء برلمان البحر الأبيض المتوسط الاسهام لإلزام الاحتلال الإسرائيلي على التعاون مع هذه اللجنة لمعاقبة المعتدي وإنصاف الضحايا من الشعب الفلسطيني.
وأوضح الوفد الفلسطيني في تعقيبه على تقرير وتوصيات لجنة التعاون الاقتصادي التي تركزت حول الأثر الاقتصادي لكوفيد 19 في المنطقة، أن الاقتصاد الفلسطيني تعرض لتأثيرات حادة خلال جائحة كورونا بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وأدى ذلك إلى نقص في الأمن الغذائي ونقص مواد التموين وانحدار الوضع الصحي. وكل ذلك ناتج عن تحكم إسرائيل بالاقتصاد الفلسطيني وعليه فإننا نتجه كفلسطينيين للانفكاك عنه وندعو المجتمعين إلى مساعدتنا بذلك.
كما أشار الوفد الفلسطيني في تعليقه على ما ورد في تقرير وتوصيات التغيرات المناخية والبيئية، الى أن الاحتلال الإسرائيلي يشن حرب شاملة ضد البيئة الفلسطينية من حيث السيطرة على الثروات الطبيعية في الأراضي المحتلة واستغلالها واستخدامها وبيعها ومنع الفلسطينيين من استغلال ثرواتهم الطبيعة والاستفادة منها وكذلك قيام الاحتلال بإلقاء وتخزين ودفن المخلفات الصناعية والنفايات الخطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والاعتداء على الأراضي الفلسطينية الخضراء وتصحيرها، داعيا المجتمعين التوجه بخطاب موحد ضد تلك الإجراءات الإسرائيلية وما لها أثر سلبي على بيئة منطقة البحر الأبيض المتوسط.
واكد الوفد الفلسطيني في تعقيبه على تقرير وتوصيات لجنة التعاون السياسي وقضايا الأمن، التي تناولت آخر التطورات في الشرق الأوسط، أن استمرار احتلال إسرائيل لأراضي دولة فلسطين وبناء المستوطنات هو السبب الحقيقي والوحيد لعدم احراز تقدم عملية السلام في الشرق الأوسط وفقا لقرارات الشرعية ذات الصلة، وهو الحل الذي يعترف به المجتمع الدولي على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها مدينة القدس الشرقية.
وقال الوفد الفلسطيني: إنه أثناء العدوان الأخير على الشعب الفلسطيني والمجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين خاصة في قطاع غزة، والتهجير القسري والتطهير العرقي وتدنيس المقدسات والاعتداء على المصلين فيها وصلت رسالة للعالم أن الفلسطينيون يعانون من العنصرية والاضطهاد وان الاحتلال يسعى لتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية، وانه مستمر في النضال ضد هذا الاحتلال ومستوطنيه حتى التحرر الكامل.
كما أشار أكد الوفد الفلسطيني ان شعبنا احوج ما يكون للسلام العادل المبني على قرارات الشرعية الدولية لأننا نعاني من استمرار الاحتلال الذي يرفض الانصياع لهذه القرارات، مؤكدا حقنا الكامل في الدفاع عن أنفسنا وعن حقوقنا ورد العدوان الإسرائيلي عن منازلنا واطفالنا ومياهنا وارضنا ومقدساتنا.
كما طالب الوفد الفلسطيني أعضاء برلمان البحر المتوسط إدانة كافة القوانين العنصرية التي يصدرها "الكنيست" الإسرائيلي واخرها مصادقته بتاريخ 10-5-2021، على مشروع قانون يلزم الحكومة الإسرائيلية منح مكانة قانونية وشرعنة 124 بؤرة استيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
كما دعا الوفد خلال مداخلاته والتعديلات التي طالب بها على التوصيات محل النقاش، الى إدانة الاحتلال بجريمة التهجير القسري التي يمارسها خاصة في مدينة القدس المحتلة واحيائه في الشيخ جراح وبلدة سلوان في بطن الهوى والبستان وغيرها التي تصنف على انها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي يجب ان يحاكم المعتدي أمامها ويعاقب إنصافا للضحايا من أبناء الشعب الفلسطيني.
وأضاف الوفد ردا على ادعاءات ممثل "الكنسيت" الإسرائيلي في هذا الاجتماع الافتراضي، ان إسرائيل لو كانت جادة في السلام لدفعت استحقاقاته، ولو كانت جادة في السلام لما استمر احتلالها 54 عاما منذ عام 1967، ولكن إسرائيل بدلا من ذلك تسعى لتكريس احتلالها وحرمان شعبنا من حقه في العيش في دولته وعاصمتها القدس كما اقرت ذلك مئات القرارات الأممية، بل تسعى لمنع ذلك من خلال عمليات الضم للأرض الفلسطينية وبناء المستوطنات فيها.
وحول الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، أكد الوفد الفلسطيني ان شعبنا يعاني منذ اكثر من 73 عاما من شتى أنواع الإرهاب المنظم الذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، وللأسف الشديد نجد البعض يدافع عن هذا الإرهاب الذي كشف العدوان الأخير عن وجهه البشع في قتل اكثر من 60 طفلا فلسطينيا تحت ركام من منازلهم التي دمرتها طائرات الاف 16 الإسرائيلية، فضلا عن إبادة عائلات بأكملها كعائلة ابوعوف وعائلة الكولك في قطاع غزة.
واكد الوفد الفلسطيني ان معاناة الشعب الفلسطيني وانتهاك حقوقه الأساسية، لن تتوقف الا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيه وتمكينه من تقرير مصيره والعيش بدولته المستقلة كباقي شعوب الأرض، داعيا لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته وحماية اطفاله ونسائه وممتلكاته من إرهاب الدولة الإسرائيلية، وفقا لما جاء في اتفاقية جنيف الرابعة، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2018.
وفي نهاية اعمال الدورة التي اختتمت مساء اليوم الجمعة 4-6-2021، أعاد برلمان البحر الأبيض المتوسط انتخاب عضو المجلس الوطني الفلسطيني بلال قاسم نائبا لرئيس البرلمان لسنتين قادمتين، الى جانب انتخاب ثلاثة نواب اخرين من بينهم ممثل البرلمان الجزائري، فيما تسلم رئيس البرلمان ممثل البرلمان الإيطالي.
وكان الوفد الفلسطيني، قد تقدم بمجموعة من التعديلات والإضافات الخطية على مشاريع التوصيات التي أعدتها لجان برلمان البحر الأبيض المتوسط، ونظرا لكون الجلسة عقدت بشكل افتراضي فقد تم تحويلها الى مقرري اللجان الثلاث في البرلمان لإبداء الراي فيها وادراجها في التقرير النهائي لأعمال هذه الدورة للبت فيها في الدورة القادمة التي ستعقد وجاهيا في بداية العام القادم.