تقرير يكشف عن ثلاثة عناوين لحوارات القاهرة .. خرق أوّلي بملف التبادل وجولة إلى بيروت وطهران

مواطن يجلس في مواجهة جنود الاحتلال اثناء مسيرة لرفض الاستيطان في بلدة بيتا

رجح تقرير لصحيفة "الأخبار" اللبنانية تمديد فترة وجود القيادات الفلسطينية في العاصمة المصرية القاهرة، مع رفع مستوى الاتصالات التي يقودها رئيس المخابرات المصرية، الوزير عباس كامل، ومساعده الجديد "اللواء عمر"، بالإضافة إلى مسؤول ملفّ غزة أحمد عبد الخالق.

بحسب التقرير، فإن مُمثّلي قوى المقاومة لمسوا أن هناك رغبة دولية في التعاون مع عواصم عربية تضمّ القاهرة، باستخدام ملفّ الإعمار في سياق تثبيت هدنة سياسية ــــ عسكرية طويلة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. وذلك من خلال طرح ثلاثة عناوين تمّ وضعها في مسار موازٍ لمهمّة أخرى تضغط القاهرة لإنجازها، وتتعلّق بملفّ تبادل الأسرى والمعتقلين بين المقاومة وسلطات الاحتلال.

الأول: ضرورة المباشرة بتفاوض فلسطيني ــــ فلسطيني برعاية مصرية، وصولاً إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولّى الإشراف على عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة، ومعالجة ملفّات اقتصادية ومعيشية في بقية المناطق الفلسطينية.

الثاني: معالجة كيفية إدارة المؤسسات الرسمية في قطاع غزة بعد إعادة ربطها بقرار مركزي في رئاسة الحكومة في رام الله، بما في ذلك البحث في ملفّ الأجهزة الأمنية والعسكرية.

الثالث: إعادة البحث في ملفّ الانتخابات التشريعية وفق آليات لا تفرض حصولها سريعاً أو ربطها بما يجري في القدس، وتأجيل البحث في إعادة تشكيل "منظّمة التحرير الفلسطينية" في هذه المرحلة.وفق التقرير

وبحسب مصادر تحدثت لصحيفة "الأخبار"، فإن خلفية المبادرة المصرية تتّصل بكلام وصل إلى القيادات الفلسطينية، يحاكي آخر نُقل إلى جهات فلسطينية غداة وقف إطلاق النار في أيار الماضي، عن استراتيجية جديدة تعمل عليها الدوائر الغربية، وتقوم على "رشوة" الغزيين بمشروع إعمار ضخم، لكن يحتاج إلى عشر سنوات على الأقلّ، وأن يتمّ ذلك بإشراف إقليمي ودولي، وبالتعاون مع سلطة رسمية معترَف بها دولياً، على أن يترافق مع إقرار ولو ضمني بهدنة طويلة مع الاحتلال.

وفقا للتقرير "هذه الفكرة ترافقت مع رسائل معلَنة، وأخرى بواسطة أطراف عربية وإقليمية، بينها قطر وتركيا، إلى القيادات الفلسطينية، حول استعداد أوروبا لفتح قناة تواصل غير مباشرة مع حركة "حماس". لكن الواضح أن هذه القناة مشروطة بموافقة الحركة على برنامج الحلّ الحكومي والهدنة الطويلة. وهو ما لم تُجِب عنه "حماس"، بخلاف ما أعلنته سابقاً من أن ملفّ إعادة الإعمار هو ملفّ إنساني لا علاقة له بأيّ ظرف آخر، وأن وقف إطلاق النار لا يخصّ قطاع غزة، بل يخصّ هدف الجولة الأخيرة من المواجهة مع الاحتلال من أجل حماية القدس وسكّانها ومقدّساتها، وأن معالجة الملفّ الفلسطيني الداخلي لا تتمّ إلّا من خلال إعادة بناء "منظّمة التحرير" أو الذهاب إلى إطار آخر.

وبشأن الاتصالات الجارية في القاهرة، أشارت المصادر إلى أن فصائل المقاومة لا ترحّب بفكرة الحكومة، انطلاقاً من رفضها ربط الإعمار بأيّ تنازل سياسي، وأن هذه الفكرة لا يمكن أن تعوّض ضرورة إعادة تشكيل السلطة من خلال الانتخابات النيابية، وأن الحكومة مؤسسة تنفيذية لا يمكن أن تحلّ مكان "منظّمة التحرير" كإطار يعالج القضايا الاستراتيجية للشعب الفلسطيني.

وقالت المصادر إن قيادتَي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" أبلغتا الوسيط المصري أنه إذا كانت الجهات المانحة تحتاج إلى سلطة مستقلّة للإشراف والتعاون في ملفّ الإعمار، فإنهما ترحّبان بتشكيل هيئة وطنية فلسطينية عليا للإعمار يشارك فيها كلّ المعنيّين بالملف، من دون ربطه بأيّ أجندة سياسية، مشدّدتَين على أن قوى المقاومة ليست معنيّة بالتعامل مع أيّ مساعدة مخصّصة للإعمار، وهي لا تحتاج إليها في برامج ترميم وتطوير قدراتها العسكرية.

المصريون الذين دأبوا على ممارسة الضغط عبر مستويات عدّة، فهموا من ممثّلي حركة "فتح" أن المشكلة كبيرة في ما خصّ إعادة تشكيل "منظّمة التحرير" وضمّ قوى مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إليها، لأن الطرفين سيفرضان تبنّي مبدأ المقاومة المسلّحة كخيار دائم بيد الفلسطينيين، وهذا يعني إطاحة مندرجات "اتفاق أوسلو" وكلّ الاتفاقات التي عقدتها السلطة الفلسطينية لاحقاً. كما ورد في التقرير

ويرى مُمثّلو الرئيس محمود عباس أن مثل هذا الأمر سيفرض عزلة دولية على السلطة. وبحسب المصادر، فإن اللقاءات التمهيدية لجلسات الحوار التي كانت مفترضة بين الفصائل، أظهرت المناخات السلبية، وهو ما دفع السلطات المصرية إلى طلب تمديد إقامة المسؤولين الفلسطينيين لأيام إضافية، فيما لا يبدو أن هناك ما يمكن أن يقود إلى انفراجة، في ظلّ رفض حركة "فتح" بحث قضية "منظّمة التحرير"، وطلبها في المقابل تشكيل حكومة فلسطينية وفق الاشتراطات الدولية.

وكرّر مندوب "فتح" في الحوار، جبريل الرجوب، ما سمّاه "التخوّف" من أن تتغيّر مكوّنات "منظّمة التحرير"، ما قد يؤدي إلى تغيير ميثاقها وإدخال المقاومة المسلحة ضمنه، ويتسبّب بالتالي في إضعاف الاعتراف الدولي بها كمُمثّل للفلسطينيين، لافتاً إلى أن هذا التغيير سيكون مخالفاً لرغبة الإدارة الأميركية و"المجتمع الدولي" في إعادة إحياء مسار "السلام" مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة.كما ذكر التقرير

وبحسب ورقة قدّمتها السلطة للمصريين، فإن الاستطلاعات التي تملكها حركة "فتح" بخصوص النتائج المحتملة لأيّ انتخابات لـ"المجلس الوطني"، تُظهر سيطرة حركة "حماس" وفصائل المقاومة المتحالفة معها على أكثر من 65% من المقاعد، ما يعني تغييراً كلّياً في بنية "المجلس الوطني" و"اللجنة التنفيذية"، وربّما قيادة المنظمة.

وحسب التقرير ، نقلت السلطة للمصريين أن الإدارة الأميركية أبلغتها أخيراً أن فرصة انطلاق مباحثات "السلام" ستكون سانحة وكبيرة خلال الفترة المقبلة، في حال استطاعات السلطة منع اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة في الضفة، عبر تعزيز التعاون الأمني مع سلطات الاحتلال.

على أن الجانب الآخر الذي يهتمّ المصرين بمعالجته، يتعلّق بموقف "حماس" من محاولات تعطيل كلّ الجهود لإطلاق عملية إعمار القطاع. وفي هذا الإطار، عُلم أن "حماس" أبلغت الوسيط المصري أنها لن تسمح بمرور الوقت وتأخير الإعمار وممارسة الضغط الاقتصادي والإنساني، مؤكدةً أن احتمال عودتها إلى المواجهة العسكرية يزداد يوماً بعد يوم في ظلّ هذه السياسة، وفي ظلّ تصاعد الأحداث في مدينة القدس، وأن تدخّل سلطة "أبو مازن" في ملفّ الإعمار، ومحاولتها وضع اليد على الأموال المخصّصة للعملية، سوف يدفع بقوة نحو كسر حالة الهدوء القائمة الآن مع قوات الاحتلال.حسب التقرير

  •  ملفّ الأسرى: تخبّط إسرائيلي

هذا وقالت مصادر مطّلعة في القاهرة إن المفاوضات غير المباشرة التي ترعاها مصر بين قيادات عسكرية من "كتائب القسام وممثّلين عن قوات الاحتلال بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين حقّقت خرقاً أوّلياً، لكن يبدو أن الأمور تعثّرت من جديد ربطاً بكون قيادة الاحتلال تنتظر نتائج التصويت على الثقة بالحكومة الجديدة.

 وأشارت المصادر إلى أن حركة "حماس" أبلغت الجانب المصري أن بمقدورها الانتظار لوقت أطول، لكنها لن تقبل مقايضة بأيّ ثمن، وأن "على الاحتلال التصرّف وفق نتائج ما يجري على الأرض، وأن يعمل على معالجة الملفّ من زاوية إنسانية، ولا يربط مصير الصفقة بملفّات أخرى. وهو ما تُوافق عليه القيادة المصرية التي تسعى إلى التقدّم بعرض "وسطي" يمكن إقناع الجانبين به."

 لكن المصادر لفتت إلى احتمال أن تتأخّر المحادثات إلى حين تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، حيث يحتمل تغيير الفريق المكلّف بالتفاوض من جانب إسرائيل، فضلاً عن أن الفريق نفسه يسعى إلى الحصول على تفويض واضح بشأن التنازلات المسموح له بتقديمها ضمن المباحثات، الأمر الذي سيؤخّر إحراز تقدّم حول الأسماء والأعداد التي تطالب "حماس" بالإفراج عنها.

 هنيّة إلى بيروت وطهران

إلى ذلك، علمت "الأخبار" من مصادر مطّلعة أن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، الموجود في القاهرة، ينوي القيام بجولة على عدد من العواصم العربية والإقليمية، وقد باشر ترتيبات لزيارتَين إلى لبنان وإيران، حيث سيعقد لقاءات مع المسؤولين في الدولتَين ومع قادة الفصائل الفلسطينية وقيادة "حزب الله".

ويفترض أن يلتقي هنية المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران علي الخامنئي، إضافة إلى الرئيس حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، ومسؤولين كبار في الدولة والحرس الثوري.

وفي بيروت، يسعى هنية للاجتماع بالرؤساء الثلاثة وقيادات لبنانية بارزة، إلى جانب اجتماعه المرتقب مع الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - غزة