مؤشرات عودة التصعيد تهيمن على المشهد في غزة بعد نحو شهر من وقف إطلاق النار "الهش"

معرض صور لشهداء غزة من الأطفال والنساء من على ركام البنايات السكنية التي دمرها الاحتلال على رؤوس ساكنيها 21

 يرى مراقبون فلسطينيون وإسرائيليون أن مؤشرات عودة التصعيد تهيمن على المشهد في قطاع غزة بعد نحو شهر من وقف إطلاق النار "الهش" بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، ومنها تعثر المحادثات بين الجانبين عبر الوسطاء.

ويجمع المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء (شينخوا)، على أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى جولة تصعيد عسكري استمرت 11 يوما ووصفت بالأعنف منذ سنوات، ما يزال "هشا وقابلا للانهيار" بفعل تطورات ميدانية متوترة.

واستشهد أكثر من 250 فلسطينيا و قتل 13 شخصا في إسرائيل بجولة التصعيد العسكري الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية الشهر الماضي فضلا عن تسببها بتدمير واسع في المنازل والبني التحتية في غزة.

وفي أحدث تطور عقب جولة التصعيد شنت إسرائيل ليلتي الثلاثاء والخميس الماضيين غارات جوية عنيفة على مواقع تدريب تتبع لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع.

وجاءت هذه التطورات بعد أيام من تنصيب حكومة جديدة في إسرائيل برئاسة نفتالي بينت والتي أطاحت برئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو بعد 12 عاما على توليه منصبه.

وقالت إسرائيل إن الغارات جاءت ردا على استئناف إطلاق بالونات حارقة ومتفجرة من غزة على جنوب أراضيها ما أدى إلى اندلاع سلسلة من الحرائق في مناطق زراعية.

وذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية، أن الجيش الإسرائيلي يدرس تشديد الردود على استمرار إطلاق البالونات الحارقة من القطاع ما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري جديد.

فيما نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسئول إسرائيلي كبير قوله، إن التقديرات بإمكانية تفجر جولة تصعيد جديدة في غزة قريبا على خلفية الخلافات بشأن تعثر مباحثات التهدئة وإدخال أموال المنحة القطرية للقطاع إلى جانب قضية الأسرى والمفقودين.

ويقول المحلل السياسي من غزة طلال عوكل، إن سكان القطاع يتخوفون من اندلاع موجة جديدة من التصعيد العسكري مع إسرائيل، بينما لم يلملموا جراحهم من جولة التصعيد الأخيرة.

ويشير عوكل إلى قرار الفصائل الفلسطينية إعادة تنشيط وسائل "الإرباك الليلي" بالتظاهر قرب السياج الحدودي مع إسرائيل إلى جانب إطلاق بالونات حارقة ومفخخة.

ويعتبر أن "المرحلة الحالية محكومة لآليات التوتر والتصعيد" في ظل استمرار التوتر في شرق القدس وعمليات القتل اليومية للفلسطينيين في الضفة الغربية وغياب أفق سياسي لحل الصراع".

كما يرى عوكل أن "ثمة صواعق أخرى تتصل بتشديد الحصار على غزة وعدم السماح ببدء إعادة الإعمار وتنصل إسرائيل من التفاهمات السابقة" بشأن إدخال الأموال القطرية للدعم الإنساني في القطاع.

وأبقت إسرائيل على إغلاق معابر قطاع غزة بعد شهر من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار باستثناء السماح بدخول إمدادات طبية ومساعدات إنسانية إلى جانب تقليص مساحة الصيد المسموحة بها قبالة شاطئ بحر القطاع.

ويرى المحلل السياسي من رام الله صادق الشافعي، أن التغييرات في رأس الحكم في إسرائيل لن تؤدي إلى أي تغيير ملموس في المواقف والسياسات بشأن القضية الفلسطينية.

ويعتبر الشافعي، أن العناوين الرئيسة التي كانت السبب المباشر وراء جولة التصعيد الأخيرة في غزة والمحركة لها ما زالت قائمة على حالها مستمرة ومتفجرة.

ويشير في هذا الصدد إلى استمرار التوتر في القدس والتهديد بتهجير سكانها الفلسطينيين فضلا عن حصار قطاع غزة والتهديد الإسرائيلي باحتمالات "الاعتداءات العسكرية بمختلف تعبيراتها ومستوياتها".

واستضافت مصر الأسبوع الماضي وفودا من كبرى الفصائل الفلسطينية عبر محادثات منفصلة في مسعى لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودفع إعادة إعماره.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن وفدا إسرائيليا زار القاهرة الخميس الماضي، لإجراء مباحثات بشأن ملف غزة وآليات تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية بأن وفدا من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بحث في القاهرة، "صياغة مسار للتسوية في غزة بوساطة مصرية بما يحقق الهدوء المنشود" لكن دون الإفصاح عن نتائج ملموسة.

ويقول المحلل السياسي من غزة حسام الدجني إن مصر تبذل جهودا مكثفة في سبيل تثبيت وقف إطلاق النار لكنها بحاجة لإسناد دولي لتحقيق ذلك لاسيما من الإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل.

ويشير الدجني إلى أن احتمال انهيار الوضع الميداني في غزة "وارد لاسيما في ظل تشديد إسرائيل حصارها على القطاع والتلكؤ في ملف إعادة الإعمار وتجاهل تدهور الوضع الإنساني لسكان غزة".

ويرجح أن الفصائل الفلسطينية في غزة تحاول منح الفرصة للوسطاء للتدخل "لأن الأمور ممكن أن تكون مقبلة على انفجار والفترة الممنوحة للمساعي الدبلوماسية لن تكون طويلة".

ويتفق المحلل السياسي من غزة عدنان أبو عامر، على أن اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في غزة ما يزال "هشا وتم إبرامه تحت الضغوط الإقليمية والدولية دون حل أسباب تفجر التصعيد العسكري".

ويعتقد أبو عامر أن عوامل تفجر الوضع الميداني في غزة ما تزال قائمة "رغم وجود تحفظات عند الجانبين" في إشارة إلى إسرائيل والفصائل الفلسطينية.

ويرى أن الحكومة الجديدة في إسرائيل قد لا تكون راغبة أن تبدأ عهدها بمواجهة عسكرية في غزة "لكن الوضع الميداني مرشح لتوتر ميداني قد يكون متدرج دون المسارعة إلى توسيع المواجهة العسكرية في هذه المرحلة".

ويشير أبو عامر إلى أن احتمالات التصعيد من عدمها "أمر مرهون بإسرائيل سواء بإبقاء الوضع متوتراً مع الفصائل الفلسطينية أو الذهاب إلى صفقة اتفاق برزمة شاملة تضمن رفع الحصار وإعادة الإعمار حال استجابت لجهود الوسيط المصري".

وفي السياق ذاته، يحذر المحلل الإسرائيلي في صحيفة (معاريف) العبرية طال ليف رام، من أن الاتجاه حتى الآن هو نحو تصعيد عسكري آخر أكثر من احتمالات تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.

ويشير ليف رام، إلى التطورات الميدانية باستئناف إطلاق بالونات حارقة من قطاع غزة واحتمال إطلاق قذائف صاروخية في ظل التهديدات من الفصائل الفلسطينية حال استمر تشديد الحصار على القطاع.

ويعتبر أن عودة التوتر الميداني "تدل على وجود مشكلة فعلية وهي أن عملية إسرائيل العسكرية الأخيرة على قطاع غزة انتهت من دون أن تثمر عن إنجاز سياسي واضح".

ويرى ليف رام، أن تهديدات قيادة الجيش الإسرائيلي بشأن تشديد الغارات على غزة "يتوقع أن تخضع لامتحان في الفترة القريبة المقبلة، فيما واضح أن احتمالات تصعيد متدحرج أكبر من احتمالات نجاح الوسطاء بتحقيق وقف إطلاق نار طويل الأمد".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - غزة (شينخوا)