نفتالي بينت الأمريكي المستعمر الصهيوني المستوطن

بقلم: مصطفى يوسف اللداوي

مصطفى اللداوي
  • بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

لا جذور له فيها ولا أصول، ولا تاريخ له فيها ولا ذكريات، فهو منبتٌ عنها وافدٌ إليها غريبٌ فيها، مستعمرٌ لها ومستوطنٌ فيها، لا تربطه بها غير أحلامٍ مهووسةٍ وأساطير مختلقةٍ، وخرافاتٍ مبتذلةٍ، وأطماعٍ غير مشروعةٍ، ويريد أن يكون فيها هو المالك الصاحب، الواحد المتفرد، المسيطر المتصرف، ولا يريد لأهل الأرض الأصلاء أن يكونوا فيها، أو أن يشاركوه الإقامة فيها والتمسك بها، فيحاربهم ويكذب بباطله روايتهم، ويدحض بقوته حقائق وجودهم، وينتزع بسلاحه حقوقهم، ويريد أن يغير بالقوة الغاشمة هوية الأرض وصبغة البلاد، ويطرد منها ظلماً وعدواناً أهلها.

 

يهودي الديانة أمريكي الجنسية والمولد والنشأة، ولد لأبوين أمريكيين في ولاية نيوجرسي الأمريكية في العام 1973، ومنها هاجرا كمستوطنين غازيين إلى فلسطين المحتلة في العام 1967، لكن الحياة فيها لم ترق لهما، وهما المترفين الغنيين، فلم يتمكنا من العيش في ظروف الحرب القاسية وعمليات المقاومة الفلسطينية المستمرة، فعادا أدراجهما إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليهاجرا منها بعد عامٍ واحدٍ خلال حرب أكتوبر عام 1973 إلى فلسطين المحتلة من جديدٍ، وكان معهما طفلهما الجديد نفتالي، الذي ولد لأشهرٍ قليلةٍ مضت في نيوجرسي، التي ما زال يملك فيها مسكناً ويدير فيها أعمالاً تجارية واسعةً.

 

ورث نفتالي بينت من أبويه ميوله الدينية المتطرفة، وأفكاره التلمودية العنصرية، وزاد عليها ما اكتسبه من المدارس الصهيونية والمفاهيم الاستيطانية، التي تعرف عليها خلالها وجوده المتقطع في فلسطين المحتلة، إذ حافظ على تنقله الدائم بين فلسطين والولايات المتحدة الأمريكية، ما مكنه من اتقان اللغة الانجليزية إتقاناً تاماً، واكتساب المهارات والخبرات العلمية والتكنولوجية، التي بنى عليها شركاته الالكترونية ومصالحه التجارية الكبرى، التي بقي محافظاً عليها مستفيداً منها حتى دخوله معترك السياسة الإسرائيلية.

 

التحق بينت خلال الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال بوحدة النخبة "سبيرت متكال"، وقاد بعض مجموعاتها الخاصة، ونفذ فيها عدداً من العمليات الأمنية التي يفتخر بها ويزهو، وأعلن أكثر من مرةٍ أنه سعيدٌ جداً وراضٍ عن نفسه كثيراً، إذ قتل بيديه عدداً من الفلسطينيين في مناطق مختلفة، وخلال مواجهاتٍ مباشرةٍ وأثناء تنفيذ بعض العمليات الخاصة، وصرح أكثر من مرةٍ وهو في مناصبه الرسمية، أنه غير نادمٍ عن جرائمه التي ارتكبها، وأنه مستعدٌ لتكرارها إذا تطلب الأمر، وما زال يحرض المستوطنين على ممارسة القتل بحجة الدفاع عن النفس، ويدعو الجيش والشرطة إلى عدم الإصغاء إلى الشكاوى الفلسطينية، وعدم محاسبة المستوطنين أو التضييق عليهم، لمنعهم من الدفاع المشروع عن أنفسهم.

 

ما كان بينت يحلم أن يكون يوماً رئيساً للحكومة الإسرائيلية، أو وزيراً فيها، ولكن نتنياهو استثمر فيه واستخدمه لخدمته، واستغله في تنفيذ مهامه والوصول إلى غاياته، واستغلته زوجته ساره في تحقيق ما تريد، وفي الوصول إلى ما لا تستطيع الوصول إليه مباشرةً، وتعاملت معه على مدى سنواتٍ طويلةٍ كصبيٍ موظفٍ عند زوجها، ينفذ المهام القذرة المكلف بها، وينتظر من سيده الرضا والقبول والدعم والمباركة، ولم يستنكف نفتالي عن تلقي الأوامر والتعليمات من يائير نتنياهو، الذي كان يستخدمه بجرأةٍ ووقاحةٍ بوقاً وأداةً حادةً خشنةً في الهجوم على بعض مناوئي ومنافسي وخصوم والده.

 

ظن نتنياهو أن بينت سيبقى عنده عبداً أجيراً إلى الأبد، وخادماً مطيعاً مدى الحياة، وأنه لن يتمكن من رفع صوته ضده معارضاً، ولا رفع رأسه في وجهه منافساً ومتحدياً أبداً، ولهذا شكل له حزبه السياسي، وأشرف على تكوين إئتلافه اليميني "يمينا"، وشجع الكثير من غلاة المتدينيين وقادة المستوطنين للانظمام إليه والعمل معه، وجاء يإيليت شاكيت التي عملت في مكتبه سنين طويلة، فألحقها به وجعلها شريكةً له، تساعده في توجيهه، وتسهل عليه استخدامه والتحكم به، ظناً أنه سيبقى خاضعاً له مطيعاً، وعاملاً له أجيراً، وأداةً بيده أميناً، يهش به خصومه، ويرد به على منتقديه، ويمتص به أصوات المتدينيين المتشددين، لئلا يصوتوا لغيره ويكونوا في الكنيست ضده.

 

لكن هذا الصبي الذي عينه نتنياهو يوماً وزيراً لحربه، وأسكنه الكرياه نيابةً عنه، ليقوم بتنفيذ المهام نيابةً عنه، ويهوش به على المقاومة، ويحمله بضحالة فكره وقلة خبرته مسؤولية بعض قراراته، شب عن الطوق، وكسر القيد وانطلق، وانقلب على سيدته وتغلب عليه، وغدر به ونكث عهده معه، وأصبح رغم تمثيله القليل في الكنيست الإسرائيلي رئيساً لحكومة التغيير، إلا أن سيده القديم ما زال يرفض مغادرة مقر إقامة روؤساء الحكومات في بلفور، ويصر على البقاء فيه رغم أنه فقد موقعه وخسر منصبه، وأصبح في المعارضة أقرب إلى المحاكمة والسجن بكثير من إمكانية إسقاط الحكومة وخوض غمار انتخاباتٍ جديدةٍ، أملاً في العودة إلى رئاسة الحكومة من جديد.

 

يخطئ هذا الأمريكي الوافد الصهيوني المستوطن، أنه يستطيع أن يحقق أحلامه الخبيثة في أرضنا، وأن يطرد أهلها الأصلاء منها، ويستقيم لكيانه اللقيط المقام في بلادنا، فالمقاومة له بالمرصاد، وأهلنا في الأرض سيبقون له ولغيره شوكةً في حلقه، فلا يحقق أحلامه، ولا تعلو في أرضنا آماله.

 

بيروت في 20/6/2021

[email protected]

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت