"السادي" مريض نفسي ... فكيف يتم التعامل معه؟

بقلم: خالد أحمد

خالد أحمد
  • خالد  أحمد

السادية بشكل عام هي التلذذ بإيقاع الألم بالآخرين سواءً كان لفظيًا أو جسديًا أو معنويًا فالشخص السادي هو شخص متسلط ، عديم الرحمة ، عديم المسامحة لمن أخطأ في حقه سواء بقصد أو بدون قصد، يسعى بكل الطرق لتحقير وإهانة وإذلال الآخرين وسحق أدميتهم ،وجرح كرامتهم .

 

ويتلذذ بذلك ،ولا يشعر بالذنب عند ارتكابه الأخطاء أبدًا ويتصف بعدم الثقة بمن حوله ،والشك الدائم بالآخرين ،والتعصب لرأيه وفكره وعقاب من ينتقده ،وغالبًا ما يعاني الشخص السادي من الوسواس القهري .

                                                                                                                                                                                                    

ويقول علماء النفس إن بداخل كل منا شخصية سادية قد لا تطغى علينا لكنها تظهر في مواقف بسيطة، مثل أن تستمتع بألم لاعب في الفريق المنافس، أو أنك تفرح وتستمتع بألم أحد أبطال أفلام الأكشن، إذ إن استمتاع الشخص بآلام الآخرين جزء من الشخصية السادية .

 

والسادية Sadism"" يعرفها علماء النفس بأنها عبارة عن اضطراب سلوكي قد يُصاب به أي من الجنسين على السواء ،ولكن السلوك السادي ينتشر في المجتمعات الشرقية بين الذكور بصورة أكبر وفقاً لما تشير إليه بعض الدراسات .

 

وتختلف صفة ودرجة هذا الألم إلى حد كبير، فقد يتلذذ السادي بوخز الطرف الآخر أو عضه أو ضربه أو سبه أحيانًا ،وقد تصل درجة الألم إلى حد القتل ،وهناك شبه ارتباط بين الشخص السادي والمُغتصِب، رغم اختلاف دافع كل منهما فقد بينت الاحصاءات أن بين كل أربعة مغتصِبين يوجد واحد على الأقل له ميول سادية.

 

من أين جاءت التسمية؟

 

تعود تسمية "السادية" للروائي الفرنسي المعروف ( ماركيز دي سادا ) الذي كان من دعاة أن يكون المبدأ الأساسي في الحياة هو السعي للمتعة الشخصية المطلقة دون أي قيود أخلاقية أو دينية أو قانونية، وظهر ذلك من خلال مؤلفاته ذات المحتوى العنيف في الممارسات الجنسية ، لكن مصطلح السادية لم يعد مقتصرًا على العلاقة الجنسية وحصول المتعة فيها بإنزال الألم بالشريك سواء بالضرب أو التقييد أو الشتم أو التوحش بحق الطرف الآخر.

 

 بل تعدى ذلك إلى ضرب الإخوة أو الأبناء ضربًا مبرحًا وكذلك إلحاق الأذى بمن هم تحت إمرته، والاستمتاع بسماع توسلاتهم، ليصبح مصطلح "السادية" "Sadism بشكل عام مرادفًا للعنف والدموية والشخص الذي يعرف بالقسوة والعدوان المتكرر ويشعر بالمتعة عند رؤية الآخرين يعانون الألم والعذاب يوصف بأن شخصيته سادية.

 

أما "السادية الجنسية sexual sadism"" فتظهر بوضوح في أثناء العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة، فالرجل السادي يستمتع بصراخ المرأة وتعذيبها في أثناء العلاقة الجنسية.

 

 

أسباب اضطراب الشخصية السادية :

 

قد يكون حدوث اضطراب الشخصية السادية مرتبطًا باضطراب في مناطق معينة من الدماغ ،وقد يكون ھﺬا السلوك نوعًا من التعبير عن الانفعالات السلبية والمحتقنة داخل النفس، أو قد يكون نتاجًا لخبرات الطفولة، فالتجارب السلبية خلال مرحلة الطفولة أو النمو الجنسي في المراحل المبكرة قد تكون أحد العوامل الرئيسية التي تُسهم في تنمية الشخصية السادية ،و مع أن هذا الاضطراب يشاهد في الذكور أكثر من الإناث إلا أن الأدلة على وجود أسباب وراثية ضعيفة.

                                   

 

ما هي أنواع الشخصية السادية ؟

1- السادي المتفجّر: لا يمكنك أن تتوقع رد فعله، إذ إنه عنيف بشكل غير متوقع، وفي بعض الأحيان قد يفقد السيطرة على ذاته. تنشأ هذه الشخصية عند البعض نتيجة اليأس والخيبة من الحياة، فيسعى إلى الانتقام من الآخرين حوله لا سيّما أسرته، ويحاول تفريغ كل المشاعر السلبية المحبوسة داخله مما عاناه من ألم.

 

2- السادي الإجرامي "المستبد" : وهذا أخطر أنواع السادية، إذ إنه يلجأ لأساليب منهجيّة لتعذيب الآخرين، ويستمتع بإجبار ضحاياه على الخضوع وتصغير ذواتهم ويبدو أن هذه التصرفات تعطيه إحساسًا بالرضا والمتعة، وهو عادة ما يختار ضحاياه من الضعفاء من حوله، وسلوكه ليس نتيجة الإحباط، وإنما نتيجة فقد ثقته بنفسه فيسعى لفرض سيطرته على الآخرين ليغطي على ضعف الشخصية لديه وأنه يتفوق عليهم.

 

3-السادي المسيطر: يوجد عادة في الوظائف الإدارية، فيكثر لدى الضباط والعسكريين، ومشرفي السجون، وعمداء الجامعات، والمديرين، إذ إنهم يمارسون ساديتهم ضمن القوانين والأنظمة، ولكنهم يخترقونها ولا يشعرون بتأنيب الضمير لأنهم يعتقدون أنهم يحمون بذلك المصلحة العامة، فيتمادون في تعذيب الناس، وكلما زاد عقابهم للآخرين كلما زاد رضاهم عن أنفسهم وإحساسهم بالسلطة، والمشكلة أن هؤلاء لا ينتقدهم أحد لأنهم يتذرعون بتطبيق القانون.

 

4- السادي الضعيف: يتصرف السادي هنا كالجبناء، فهو ضعيف الشخصية، ولا يبادر بالهجوم ويبقى في حالة ترقب دائم للخطر، ويخاف من أشياء كثيرة حوله ولكنه يظهر لعدوه وخصمه أنه واثق بنفسه وأنه لا يخاف شيئًا ،و يبحث عن كبش فداء لإلقاء اللوم عليه .

 

كيف للمرأة ان تتعامل مع زوجها السادي ؟

 

يجب ان تدرك الزوجة جيداً ان علاج مثل هذه الحالة يستغرق وقتًا طويلًا، فسمات الشخصية مثل المعتقدات وأنماط السلوك تتغير ببطء وهناك عدة نقاط يجب اخذها بعين الاعتبار :ـــــ

  • الاحتواء والرعاية رغم الألم و الاذى الصادر منه ورفضه للمساعدة في الأخذ بيده لطريق العلاج.
  •  محاولة التخفيف من أعراض القلق والاكتئاب والسلوك المتهور ،والعزلة الاجتماعية، ونوبات الغضب.
  • اللجوء للعلاج النفسي لتعديل السلوك، ويمكن أيضًا المشاركة في مجموعات المساندة.

 

وهناك ثلاثة مراحل  للعلاج :

 

تتمثل مرحلة العلاج الأولى في نصح الشخص من الناحية الدينية، إذ إنها المرجع الأقوى الذي ينصاع له كل الأشخاص بمختلف الديانات.

 

أما المرحلة الثانية فهي العلاج النفسي ،ويتم عن طريق التفريغ النفسي بالحديث مع المريض وجعله يعبر عن مكنوناته الذاتية ،و إحتقاناته النفسية ،والعلاج السلوكي بإشغال المريض بالأعمال التطوعية التي تخدم الآخرين حتي يلمس من خلالها المشاعر الجميلة في مساعدة غيره، وإبعاده عن المشاهد المحببة إليه من آلام للآخرين ،والثناء على الجهد الذي قام به  لكن مع تذكيره بأنه كان عملًا جماعيًا والفضل يرجع للجميع وليس له وحده.

 

والمرحلة الثالثة هي العلاج الدوائي وبالرغم من أنه مفعوله غير مضمون وقد لا يأتي بالنتائج المرجوة، إلا أن  هذه الادوية قد تفيد في الأمراض الأخرى المرافقة له كالاكتئاب أو الفصام ،والعلاج السلوكي يكون له أكبر الأثر ولإبد من المتابعة مع طبيب متخصص.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت