- اشرف صالح
أولاً وفي الحديث عن قضية الناشط السياسي الراحل نزار بنات رحمه الله , يجب أن نحرر بعض المصطلحات ونضع الأمور في نصابها الطبيعي , لأن هذه القضية قضية رأي عام ولها أبعادها السياسية والقانونية والشرعية والعشائرية , فإما أن نتحدث وفق القانون وهذا لأننا في دولة القانون والمؤسسات , وإما أن تكون الفتنة , وخاصة بعدما ظهر خصوم حركة فتح السياسيين وكأنهم ملائكة , فهم حاولوا زج حركة فتح في القضية كمتهم رئيسي , وهم رافضين من الأساس أن يفهموا ما هو الفرق بين حركة فتح كحركة تحرر أو كحزب سياسي , وبين الحكومة كمؤسسات دولة يحكمها القانون والدستور , وهي جامعة لكل الفلسطينيين بغض النظر عن إنتمائاتهم السياسية , وقد تخطئ وقد تصيب كأي دولة أو أي حكومة في العالم , وهذا هو مربط الفرس في هذه القضية , لأنه لا يجوز شرعاً وقانوناً تسمية الخطأ وتجاوز القانون الذي قاموا به أفراد الأمن والمتمثل في الضرب والإهانة , الى إغتيال أو قتل عمد , وهذا التوصيف الدقيق لا يبرر خطأ أفراد الأمن ولا يعفيهم من المسؤولية القانونية , ولكنه يضع الأمور في نصابها الطبيعي ومكانها الصحيح , لأنه وفي النهاية ستعود الحقوق لأصحابها , وكل من تجاوز القانون في هذه القضية سيأخذ عقابه , وهذا ما أكد عليه رئيس الوزراء محمد اشتية عندما أوعز بتشكيل لجنة تحقيق مختلطة "حكومة , ومؤسسات حقوقية , ومجتمع مدني , وأهل المتوفي" وذلك كي تتحقق النزاهة والشفافية .
أركان القضية..
من حيث المنطق يجب أن نتابع القضية بالتسلسل ومن البداية حتى نضع يدنا على نقطة الخلل أو التجاوز القانوني , فعندما ذهبوا أفراد الأمن لإعتقال الناشط نزار بنات كان معهم مذكرة قانونية من النيابة العامة , وهذا يعتبر إجراء سليم قانونياً , ولكن الإجراء الغير سليم قانونياً هو إعتداء أفراد الأمن على نزار بنات بالضرب أو الإهانة أثناء الإعتقال , والمنطق يقول أن هذا الضرب لا يعتبر إغتيال أو قرار بالتصفية رغم أنه غير قانوني , لأنه وبكل بساطة لو إفترضنا أن السلطة تريد إغتيال نزار بنات كما يروجون منافسين حركة فتح , فهناك ألف طريقة وطريقة لإغتيال نزار بنات في ظلام الليل والخفاء ودون أن يدري أحد , فلا داعي للحصول على مذكرة إعتقال من النيابة , ومن ثم مداهمة المنزل أمام أعين الناس , ومن هنا فكل الوقائع وملابسات الحادث تشير الى أن صفة التصفية والإغتيال بعيدة كل البعد عن هذه القضية , وتبقى صفة تجاوز القانون والإفراط بالضرب والإهانة أثناء الإعتقال , والذي أدى الى موت نزار بنات , علماً بأن أسباب الموت الحقيقية طبياً لم تظهر بعد , لأن الطب الشرعي لم يقل كلمته بعد , وكل التحقيقات في هذه القضية ستكتمل بعد نتيجة التشريح والتقرير النهائي للطب الشرعي .
في هذا المقال لم أتطرق الى سبب إعتقال الناشط نزار بنات , فربما يرى البعض أنه هاجم السلطة بشكل مفرط أو غير قانوني , وربما يرى البعض أنه كان يعبر عن رأية بحرية ونزاهة , وفي النهاية القضاء سيقول كلمته والنيابة العامة هي صاحية الإختصاص في توصيف وتصنيف أي قضية , ولكن ما هو ملفت للنظر حقاً هو زج حركة فتح في هذه القضية في محاولة خبيثة من منافسين فتح بعدم التفريق بين سلوك فتح كتنظيم قدم الشهداء والجرحى والأسرى , وبين سلوك السلطة كحكومة لها ما لها وعليها ما عليها , علماً بأنه قد يكون أحد أفراد الأمن المتجاوزين للقانون ينتمي لتنظيم آخر غير فتح , وقد يكون موظف ليس له إنتماء حزبي , إذا فلا داعي لخلط الأوراق ونشر الفتنة , وخاصة ممن يدعون أنهم ملائكة مدافعين عن حقوق الناس , وهم في الحقيقية لديهم معتقلات ممتلئة بالمفكرين وأصحاب الرأي والمنافسين السياسيين .
كاتب ومحلل سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت