- بقلم: د. اماني القرم
الفاشل رقم 1 هذا الشهر في العالم هم الفلسطينيون حكومات وكيانات وفصائل ! والجمع مقصود لمأساة التعددية التي نعيشها بدءاً من تعددية المتقاسمين على القوة والسلطات وانتهاءً بتعددية كيانات وفصائل الأفواه والكروش التي ما أنزل الله بها من سلطان.
فبدلا من استثمار الانجاز الذي تحقق بوحدة الشعب الفلسطيني الشهر الفائت، مع هبة أهل القدس وآلام عائلات غزة الثكلى ، وإرهاب فلسطينيي الداخل من قبل قطعان المستوطنين، والتعاطف العالمي الذي عاد بعد غياب طويل .. وبينما نحن في مرحلة العودة لاثبات الذات الفلسطينية وإرجاع الصورة الذهنية للكبرياء والشموخ الفلسطيني، تأتي جملة فضائح داخلية لتنسف ما تم تحقيقه بالدم المسال في غزة والقدس وعكا واللد وباقي المدن الفلسطينية :
مقتل الشهيد نزار بنات / صفقة اللقاحات / فشل حوار الفصائل/ فشل تحقيق أهداف حرب غزة / انشغال الفصائل بادعاء الفضيلة والشماتة بأخطاء السلطة الوطنية/ شلل سياسي ينعكس سواداً على الحالة الفلسطينية الداخلية ..
مجموعة فشل متلاحقة وانحدار ما بعده انحدار ..لكن تبقى كبيرة الكبائر مقتل الشهيد نزار بنات.. فهل يعقل من عذب وقتل مدى حجم الجريمة ؟ ليست بحق نزار فحسب وإنما بحق الكل الفلسطيني . كيف يمكن الحديث عن تعذيب وضرب الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية ، وكيف يمكن المطالبة بالحق الفلسطيني إذا تحولت البوصلة العالمية لمناقشة الاهلية الفلسطينية الداخلية؟
إن الاختلاف حق /الحوار حق / المعارضة حق / احترام هيبة المؤسسات حق / وإعلاء كلمة القانون حق .. حقوق اساسية لازمة ليست نخبوية ولا ترفيّة تستوجبها قيمة الفلسطيني وكرامته ووعيه .. ..
وللمفارقة السوداء فإن المطالبة بالحقوق الواجبة داخليًّا جاءت في ظل تحقيق تقدم على صعيد القضية الفلسطينية خارجيًّا ، فالرسالة التي وقعها ثلاثة وسبعون نائباً ديمقراطياًّ في الكونجرس تحث الرئيس الامريكي على ضمان تدابير متساوية للحرية والكرامة للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء ، وسحب ما يعرف بخطة السلام التي أقرتها الادارة السابقة والاقرار بمخالفة المستوطنات للشرعية الدولية ، تضاف الى مسار التغيير الذي يشهده الداخل الامريكي نحو مزيد من التعاطف مع الحقوق الفلسطينية بفضل الاجيال الشابة في الكونجرس والتنوع الثقافي والفكري والاثني. ثلاثة وسبعون نائباً من جملة مائتان وتسعة وعشرين ديمقراطيا في مجلس النواب الامريكي أي ما يقارب من الثلث منهم يؤيدون الحقوق الفلسطينية ويولون مزيداً من الاهتمام بحل القضية هو أمر ليس بالهيّن يتم المرور عليه ...
اليوم يجب ان نفكر في الكيفية التي يمكننا بها استثمار هذا التعاطف لترسيخ الرواية الفلسطينية وتحدي الرواية الاسرائيلية عبر تفعيل الديبلوماسية الشعبية وتكثيف اللقاءات وإبداء الاحترام للتنوع الثقافي والعرقي والخلاف في الرأي ودعم زيادة منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تتحدث عن فلسطين وربطها بحقوق الأقليات في العالم ...
وإلا فهل يعقل أن نساعد الاخرين في تحويل فلسطين الى قضية خاسرة؟ ما هذا الغباء !!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت