- جهاد حرب
يعد احترام سيادة القانون وخضوع الحكام قبل المحكومين؛ أي المسؤولين قبل المواطنين، له وتطبيق أحكامه - وفقا للممارسات الفضلى- روحا ونصا أحد أركان الحكم ونزاهته، فيما الوصول إلى الحكم "أي المناصب السياسية منها" تعتمد على الركن الثاني الخاص بالانتخابات العامة النزيهة والحرة. وكلاهما أي إعمال سيادة القانون وإجراء الانتخابات يوفران مبدأً أساسياً قائماً على تكافؤ الفرص في الوصول إلى الحكم، إلا أن ذلك "نزاهة الحكم" لا يكتمل إلا بإعمال الركن الثالث الخاص بالفصل بين السلطات القائم على مبدأ أن السلطة تحد السلطة في إطارٍ من التعاون؛ بما يمنع أيا منها الحصول على سلطة مطلقة في عملها لوحدها إنما تحتاج إلى مصادقة أو مراجعة من سلطة أخرى لمنع الاستبداد والتعسف في استخدام السلطة الممنوحة لها أو التعدي على اختصاصات أي من السلطات الأخرى.
إن إعمال الأركان الثلاثة هذه (احترام سيادة القانون، والانتخابات، والفصل بين السلطات) وفقا لما هو منصوص عليه في القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية ينتج نظاما ديمقراطيا، أو ما يعرف بالتطبيق العملي بالدولة لجميع مواطنيها التي تستثمر الثروات والموارد المتوفرة لها لصالح المواطنين دون تفرقة أو تمييز على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الرأي السياسي. أي دولة تعلي حقوق الإنسان وتصون حقوق المواطنين وتضمن للمعارضة قبل الموالاة حرية التعبير والتجمع، وتمنع تغول أيا من السلطات أو الأجهزة على حقوق المواطنين أو تستخدم القوة والقوة المفرطة لقمعهم أو لاعتقالهم بسبب تعبيرهم عن رأيهم.
إن دولة لجميع مواطنيها تعني دولة القانون والمؤسسات وتكريس الحريات وتحرم الاعتقال السياسي، وهي دولة قائمة على شعب من الأحرار لهم حرية اختيار ممثليهم في المؤسسات السياسية عبر الانتخابات الوسيلة الأكثر حضارية والأقل تكلفة في هذه البلاد، وهي قائمة على علاقة سوية بين النظام الحاكم وبين المواطنين الذين أبرموا عقداً اجتماعياً مجسداً في القانون الأساسي "الدستور" ومجسماً في قيم الدولة المنصوص عليها في وثيقة إعلان الاستقلال الصادرة من المجلس الوطني الفلسطيني في الخامس عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر عام 1988.
إن هيمنة السلطة التنفيذية على النظام السياسي الفلسطيني على مدار السنوات الأربعة عشر عاماً الماضية، واستحواذها على مقدرات البلاد للحفاظ على ذاتها وتقوية أجهزتها دون اكتراث لما تنتجه من انعزال وفرقة يقابله غضب وإحساس بالظلم وجور لدى المواطنين ناجم عن غياب العدالة في توزيع الثروات والموارد، وحرمان من تكافؤ الفرص.
مما لا شك فيه أن الحكم في فلسطين اليوم يحتاج إلى إعادة النظر في ضوء تجربة السلطة الفلسطينية القائمة منذ العام 1994 "سبعة والعشرين عاماً الماضية" في إطار عملية إصلاح جدية قائمة على أساس احترام أسس وقواعد ومبادئ المواطنة؛ للحفاظ على شعب حر مقاوم ملتزم بالمشروع الوطني، وبمقاومة الاحتلال، وبالبناء الديمقراطي للوصول إلى دولةٍ لجميع مواطنيها.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت