- بقلم : حسني شيلو
مع الذكرى 54 لانطلاقة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني التي تصادف الخامس عشر من الشهر الجاري استطاعت الجبهة أن تؤسس لمرحلة حزبية جديدة باختتام أعمال المؤتمر الوطني العام الثاني عشر نحو "رؤية جديدة لمرحلة جديد"،وانتخب المؤتمر بأجواء من الديمقراطية وبروح المسؤولية الوطنية العالية اللجنة المركزية للجبهة التي ضمت الشباب والمرأة باطار الرؤية الجديدة للتحول لحزب اشتراكي، ولمواجهة التحديات وتداعيات شديدة التعقيد والحساسية على مختلف الصعد الوطنية والإقليمية والدولية، في مواجهة أسئلة المصير والمستقبل على الصعد كافة التي أعلن مؤتمرها في ختام أعماله تحولها إلى حزب اشتراكي ديمقراطي فلسطيني، المؤتمر الذي انتخب لجنة مركزية جديدة ضمت كوكبة من الشباب المتطلع للعمل الحزبي والقادر على أن يكون رافعة للبناء والتغيير .
وأقر المؤتمر البرنامج السياسي، وادخل التعديلات التي تواكب التطورات وتنسجم مع الفكر الاشتراكي الديمقراطي الذي تتبناه الجبهة منذ تأسيسها وهي التحول إلى حزب اشتراكي ديمقراطي، يؤمن بالتعددية والمساواة والعدالة الاجتماعية في كل المجالات ومناحي الحياة بحيث يتناول قضايا وهموم واحتياجات الطبقة العاملة والفقراء والمهمشين في المجتمع الفلسطيني .
إن الاحتفال بالانطلاقة ليس بحجم الفعاليات التي تقيمها فروع الجبهة أينما تواجدت رغم أهميتها، وإنما هي محطة هامة للمراجعة والتقييم لمسيرة نضال الجبهة على المستويات كافة بدءاً من النضال السياسي بكافة اشكالة إلى النضال الاجتماعي دفاعاًعن الطبقة العاملة والفقراء والمهمشين .
ونعتبر هذه الذكرى مناسبة للنقد والنقد الذاتي وتقويم الاداء وتصويبه والاستفادة من الايجابيات للبناء عليها وتطوير اليات نضالنا الوطني والمجتمعي وتطوير ادواتنا الكفاحية بالبناء الحزبي والمعرفة النظرية والعملية كحزب اشتراكي ديمقراطي ، وكجزء من الاشتراكية الدولية والتحالف التقدمي العالمي .
جبهة النضال الشعبي الفلسطيني التي انطلقت بعد هزيمة العرب في 5 حزيران 1967م، وأعلن المؤسسون الأوائل لجبهة النضال الشعبي استقلال النضال الوطني الفلسطيني من مدينة القدس، وهؤلاء هم: صبحي غوشة، وفايز حمدان "الرائد خالد"، وخليل سفيان "أبو الحكم"، وسمير غوشة، إبراهيم الفتياني، مصطفى وزوز، خالد الخروف، ورفعت عودة، وبهجت أبو غربية.
خطت الجبهة بيانها السياسي الأول في يوم انطلاقتها، فعبرت فيه عن فهمها للصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وإيمانها بقدرة الجماهير على تحقيق الانتصار من خلال حرب الشعب طويلة الأمد.
ولم تتأخر انطلاقة العمل العسكري المقاوم للاحتلال، فأعلنت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني عن تنفيذ أولى عملياتها العسكرية في الرابع والعشرين من شهر كانون الأول من العام 1967م، ولم تلبث الجبهة أن زادت من نشاطها على صعيدين المقاومة الشعبية السلمية، والمقاومة المسلحة ضد الاحتلال.
بدأت الجبهة في بداية عام 1968 بتشكيل خلايا ومراكز تدريب في الأردن وبزيادة نموها أصبح لها قواعد عسكرية ومراكز للتدريب وميليشيات شعبية في مخيمات اللاجئين والمدن الأردنية وعددا من الأقطار العربية.
ومع بدايات العام 1969 كانت جبهة النضال قد شكلت ركيزة جيدة نسبياً من الحضور العسكري والتنظيمي في الساحة الأردنية، وكان الدكتور سمير غوشة في عداد آخر المجموعات الفدائية التي خرجت من الأردن عام 1971 من القوات التي حوصرت في أحراش جرش، وهي المجموعات التي ولجت إلى الأراضي السورية، فأعادت تركيز بعض منها على امتداد الهضبة السورية المحتلة وانتقل بعضها الآخر إلى الساحة اللبنانية. حيث أعادت جبهة النضال بناء ترسانتها العسكرية جنباً إلى جنب مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
تمكنت الجبهة من توسيع دائرة علاقاتها مع عمقها العربي فزودتها سوريا بالعتاد، وساعدتها على افتتاح أول قاعدة عسكرية لها في غوطة دمشق (بلدة جسرين) ومكنتها من نشر مجموعاتها الفدائية على امتداد هضبة الجولان، وحصلت على الدعم المالي من العراق. وبحكم علاقاتها الجيدة مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تمكنت الجبهة من إيفاد دفعتين من فدائييها إلى مصر، حيث أنجزت إحداها دورة عسكرية خاصة في معسكر حلمية الزيتون، بينما أنجزت دورة صاعقة ثانية تحت إشراف وتدريب الجيش المصري في معسكر أنشاص في مصر.
وساهمت الجبهة بشكل فاعل في العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد خروج قوات الثورة من بيروت جنبا إلى جنب مع المقاومة الوطنية اللبنانية. وكذلك في معارك تحرير جبل لبنان والدفاع عن المخيمات الفلسطينية في لبنان حيث سقط في تلك المعارك العديد من الشهداء والجرحى.
وتجسيداً لإستراتيجية الجبهة التي اعتمدتها وهي حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد كانت بنيتها التنظيمية تتشكل من: التنظيم العسكري السري الذي كان يضم أعضاء الجبهة الذي يعملون في الوطن المحتل، والمقاتلون في قواعد الجبهة في الأردن وسوريا ولبنان.
وتعد جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أول تنظيم فلسطيني ينجح في تحرير أسرى فلسطينيين، ففي يوليو 1970 قام ستة مناضلين من الجبهة بخطف إحدى طائرات شركة الخطوط اليونانية المتجهة من بيروت إلى أثينا واحتجزوا أفراد الطاقم والركاب رهائن وطالبوا بالإفراج عن سبعة فدائيين أسرى في اليونان، وبعد عملية تفاوض عبر الصليب الأحمر تكللت العملية بالنجاح وأطلق سراح الجميع.
ومن عمليات الجبهة التي استهدفت تحرير الأسرى من سجون الاحتلال الإسرائيلي" عملية المطلة" تموز - يوليو 1975، حيث اقتحمت مجموعة الشهيد يوسف كلوسة من جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، المنطقة الغربية من مستعمرة المطلة في الجليل الأعلى، وتمكنت من أخذ عدد من الرهائن، ووزعت في شوارع المستعمرة منشورات باللغة العربية والإنجليزية والعبرية، تطالب فيها بإطلاق سراح عشرين معتقلا فلسطينياً، وتمكن مناضلو الجبهة من الانسحاب مع الرهائن، إلى البساتين خارج المستعمرة في انتظار موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على مطالبهم إلا أن العدو ماطلهم، ثم دفع بعدد من قواته المدعومة بالطائرات لمحاصرتهم ودارت معركة انتهت باستشهاد الفدائيين الثلاثة، ووقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف الرهائن والقوات الإسرائيلية.
دعت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني منذ انطلاقتها إلى توحيد صفوف المقاومة الفلسطينية، وانضمت الجبهة إلى صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، منذ الدورة السادسة للمجلس الوطني الفلسطيني، المنعقد في القاهرة، بين الأول والسادس من سبتمبر عام 1969، وتم تمثيل الجبهة في اللجنة التنفيذية، والمجلس المركزي، والمجلس الوطني، والاتحادات الشعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ويعد بهجت أبو غريبة أول أمين عام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني ومندوبها في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حتى العام 1972، وتسلم الأمانة العامة من بعده الدكتور سمير غوشة، الذي أصبح بدوره ممثلها في اللجنة التنفيذية للمنظمة منذ العام 1991، وبعد وفاة غوشة عام 2009م، انتخبت اللجنة المركزية للجبهة الدكتور أحمد مجدلاني أمينا عاماً للجبهة وممثلاً لها في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت