أكد رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية داخل الخط الأخضر، محمد بركة، أنه لا ينبغي توقع الشيء الكثير من الحكومة الإسرائيلية الجديدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومكانة المجتمع الفلسطيني في الداخل، أو حتى الملف الاقتصادي – الاجتماعي، مضيفا "لا أعتقد أنه يمكن التعويل على تغيير جذري في مواقف هذه الحكومة، لا سيما أنها تصرح بذلك".
وكان بركة يتحدث خلال ندوة حوارية حول "مستقبل العمل السياسي الفلسطيني في الداخل ما بين الهبة الشعبية وحكومة التغيير"، نظمت افتراضيا الثلاثاء (13/7/2021)، بمبادرة من المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار".
وقال بركة: هذه الحكومة ستكون بالنسبة للقضية الفلسطينية كسابقاتها في أحسن الأحوال، أما على صعيد المجتمع الفلسطيني في الداخل ومكانته، فلا أرى تغيرات جوهرية، فقد تكون هناك بعض الموازنات المحدودة. ولفت فيما يتعلق بالمجال الاقتصادي، إلى أن الحكومة الإسرائيلية تواصل سياسة سابقتها، بيد أنه أشار إلى أنها أكثر تطرفا. واعتبر أن مساندة القائمة العربية الموحدة للحكومة وانضمامها إليها يمثل خطأ جسيما، محذرا من خطورة هذا الأمر.
وقال: انضمام القائمة للحكومة يختلف عن أي شيء شهدناه من قبل، ويعني قبول السياسة المنتهجة من قبل الحكومة، فنحن أمام حكومة تتنكر بالكامل لمنظمة التحرير، ومكانة المجتمع الفلسطيني في الداخل.
وبين أن بعض أعضاء لجنة المتابعة، اقترحوا إخراج القائمة من اللجنة، مشيرا إلى معارضته لهذه المسألة. وقال: إخراج القائمة من اللجنة، سيدخلنا في نقاشات لا أول لها ولا آخر، كما أنه سيمس بعمل اللجنة القطرية للسلطات المحلية، وسيصب في صالح سياسة تفكيك المجتمع الفلسطيني في الداخل، التي تنتهجها اسرائيل. وذكر أن مخاطر خروج القائمة من اللجنة أكبر من تلك المرتبطة باستمرار الوضع الحالي، أي بقائها فيها.
وأوضح أن محاولات القائمة لتبرير انضمامها للحكومة الإسرائيلية، بالسعي لتحسين الوضع الاقتصادي –الاجتماعي للمواطنين الفلسطينيين في الداخل، أمر في غير محله. وأكد أن المجتمع الفلسطيني في الداخل يسعى إلى تحسين واقعه، بيد أنه يرفض أن يكون ذلك على حساب حقوق الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال.
وقال: في كل اختبار للانتماء والهوية الوطنية، أثبت شعبنا في الداخل انحيازه وانتصاره لهما.
ورأى أن السياسة الإسرائيلية تستهدف الوجود الفلسطيني في الداخل، مضيفا "الإسرائيليون يريدوننا دون قيادة".
وأوضح أن الأحزاب العربية مقصرة في التعاطي مع احتياجات المجتمع الفلسطيني في الداخل، لافتا بالمقابل، إلى أن الانقسام يمثل أحد العوامل التي تعزز الطرح الذي تقدمه القائمة الموحدة.
ونوه إلى أن الهبة الشعبية أبرزت مدى قوة تأثير المجتمع الفلسطيني في الداخل على غير صعيد، مبينا أن دور هذا المجتمع يحتاج إلى تطوير ورعاية.
وذكر أن لجنة المتابعة تعنى بتنظيم رأس المال البشري في الداخل، ما دلل عليه بمؤتمر القدرات البشرية الذي يقام بشكل دوري كل عام، وانطلق قبل خمسة أعوام. كما دلل على حيوية دور المجتمع الفلسطيني في الداخل، بما تقوم به الكوادر الطبية خاصة على صعيد مواجهة جائحة "كورونا". وأوضح أن اللجنة تعمل لإعادة تفعيل الحركة الطلابية العربية في الجامعات الإسرائيلية، مضيفا "تنظيم العمل الشبابي وفي أوساط الجامعات، أمر ملح بالنسبة إلينا، وأعتقد أن الظروف نضجت لتحقيق ذلك".
ورأى بركة أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة قد تصمد وتستمر لفترة أطول مما يتوقع البعض، باعتبار أن بعض الكتل المنخرطة فيها، قد تختفي من المشهد السياسي في أي انتخابات قادمة.
وقال: آمل أن يتغلب التزام القائمة الموحدة بقضايا شعبها على مكونات الحكومة وبقائها فيها.
وأوضح أن المستفيد من أي انتخابات قادمة، سيكون نتنياهو، ويائير لبيد، بيد أنه لم يستبعد خروج نتنياهو بالكامل من المشهد السياسي، ما سيفتح المجال لتشكيل حكومة سيكون فيها لحزب الليكود أو أعضاء فيه دور مركزي.
وذكر أن تفسخ القائمة المشتركة لم يكن له أي مبرر سياسي أو اجتماعي، إلا أنه كان هناك توجه من قبل الحركة الإسلامية للخروج منها. وقال: الأسباب الموضوعية التي دعت لتشكيل القائمة المشتركة لا تزال قائمة، مشيرا إلى تطلعه إلى إعادة هذه التجربة إلى سابق عهدها، وإن أكد صعوبة ذلك.
وفي ما يتعلق بتقييمه للمشهد الفلسطيني، أكد أن الانقسام مؤلم، ولا يخدم مصالح الشعب الفلسطيني. وقال: لا يوجد أي رابح فلسطيني من موضوع الانقسام، والرابح الوحيد والأخير منه هو اسرائيل والحركة الصهيونية، وإن تأثيره كارثي على الكل الفلسطيني. وأضاف: يجب إنهاء الانقسام على أساس الاتفاقات الموقعة، منتقدا بالمقابل قرار تأجيل الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية. وأوضح أنه ينبغي تحويل موضوع الانتخابات في القدس إلى فرصة، عوضا عن انتظار والتعويل على موافقة إسرائيل على إجرائها.
ورأى أن إمكانية انخراط لجنة المتابعة في منظمة التحرير ولو كعضو مراقب، يحتاج إلى نقاش وحوار موسع من قبل مكونات المجتمع الفلسطيني في الداخل، كي لا تستغله اسرائيل للمس بالمجتمع الفلسطيني.
وكانت افتتحت الندوة بمداخلة لمدير وحدة "المشهد الإسرائيلي" في "مدار" أنطوان شلحت، أشار فيها إلى أن الندوة جاءت في ظل تطورات ملفتة شهدتها الساحة السياسية الإسرائيلية، من أبرزها الهبة الشعبية الفلسطينية التي جاءت للاحتجاج على الأوضاع الإسرائيلية والوضع الذاتي الفلسطيني، وتشكيل حكومة جديدة من دون وجود بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء السابق، فيها وعبر مشاركة فصيل عربي فيها لأول مرة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية وهو ما وصفه البعض بأنه زلزال فيما وصفه بعض آخر بأنه تجاوز لخطوط حمر. ولفت إلى أن تساؤلات عديدة تفرض نفسها في ما يتعلق بالمشهد الإسرائيلي، مثل العلاقة ما بين الهبة الشعبية في الداخل والحكومة الإسرائيلية، وكذلك علاقة فلسطينيي الداخل بقضية فلسطين.