- بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
تحلُ علينا في هذه الأيام المباركة الذكرى العطرة لثورة البعث العظيمة في السابع عشر الثلاثين من تموز المجيدة في العام 1968م بالقطر العراقي الشقيق .. تلك الثورة التي أحدثت زلزالاً وإنقلاباً جذرياً في الواقع العربي, ونقلة نوعية في المسيرة النهضوية التحررية للأمة العربية , كما وشكلت رافداً ومعولاً وسنداً لثورة الشعب العربي الفلسطيني طليعة ورأس حربة النضال القومي العربي في مواجهة المؤامرات والمخطاطات والمشاريع الصهيونية والإمبريالية والرجعية, وتلك الإنتصارات التي تحققت في كافة الصعد والميادين والناجمة عن هذا التلاحم الأسطوري المصيري بين ثورتي تموز ومنظمة التحرير الفلسطينية والذي إنعكس إيجاباً على صعيد المد الثوري في كافة أقطار الوطن العربي وإنحسار التمدد الصهيوني الإستعماري في المنطقة العربية بفعل نور الثورة المجيدة التي أسجت خيوطها القمرية المضيئة على كافة أرجاء وطننا العربي الكبير .
وعلى وقع ثورة تموز المجيد إنفجرت طاقات الأمة وإمكاناتها براكين خلاقة راحت تترجم على شكل إنجازات عظيمة وإبداعات فريدة في مختلف الميادين , عكست صورة الإنسان العربي القادر على التغيير والإنقلاب والإنبعاث .. والقادر على النهوض والتقدم والإنتصار على الأعداء ودحر كافة المشاريع التاّمرية والمخاطر المحدقة بواقع أمتنا .. والقادر أيضا على البناء والرقي ومحاكاة الواقع المعاش وبعث صلته الوثيقة بماضي أمته الحضاري التليد وبما يمكنه من إستشراف اّفاق المستقبل الزاهر العتيد لأبناء الأمة وأجيالها القادمة.
ولأن ثورة تموز المجيدة تكللت بكل هذه الإنتصارات في شتى الميادين والصعد والمجالات وعلى كافة المستويات وطنياً وقومياً وإقليمياً ودولياً , وسجلت إنجازات هائلة في البناء الحضاري والمسار العلمي التقدمي, والعمل على ترصين الجبهة الداخلية وإعدادها بما يلزم في ملاقاة الجيوش المعادية وكبح جماح أطماعها.. بل والإنتصار عليها بشكل جعل من ثورة تموز المجيدة تشكل تهديداً وجودياً على الإحتلال الصهيوني القاعدة العسكرية المتقدمة في قلب الوطن العربي والحامية للمصالح الإستعمارية الإمبريالية في المنطقة العربية, وكذلك إنموذجاً ثورياً فريداً وتجربة رائعة يحتذى بها على مستوى العالم وبشكل أثار حفيظة القوى المعادية التي حشدت كل الأشرار في العالم وزجت بهم في أتون معركة تدمير العراق وإجتثاث جذوة البعث المتقدة هناك في محاولة بائسة للنيل من مسيرة نهوض الأمة وتحررها .. وحيث تداعت الأمم على قصعتها في حرب كونية قذرة صبت كل تلك الحمم من الحقد والموت .. وحرقت الأخضر واليابس وصهرت أجساد أطفال رضع وشيوخ عجز ونساء بلا حول ولا قوة.. تلك الحرب الملعونة التي إستخدمت فيها الولايات المتحدة الامريكية وحشد التابعين لها كل أسلحة الفتك والدمار المحرمة دولياً , وقتلت الملايين هناك من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال ولم تسلم الحيوانات ولا الشجر وحتى الحجر من حقدهم اللعين الذي إستهدف تدمير العراق تدميراً شاملاً وعميقاً وبما يضمن لهم قبر ثورة تموز ووأد مسيرة البعث الظافرة.
ومنذ اليوم الأول لإحتلال العراق تفاجأ جمع الأطراف المعادية وحشودهم بل وعلوجهم بالتحول السريع لثورة تموز المجيدة وإستجابتها السريعة لنداء الواجب ودخولها صفحة جديدة في فصول الصراع تجسدت في إنطلاق مارد ثورتها المسلحة وحرب الشوارع والإرادات على الأرض وجها لوجه التي كبدت الإحتلال الأمريكي وفلوله ومعاونيه خسائر لم يُشهد مثلها في التاريخ , ودفعتهم نحو التخبط والانسحاب تارةً وتارة أخرى نحو الإستعانة بالفرس وجلب الإحتلال الإيراني لمستنقع العراق الذي لم يخرج منه الغزاة يوماً وعبر كل مراحل التاريخ سالمين.
ونحن في حضرة الذكرى الثالثة والخمسين على ثورة تموز المجيدة لا زلنا نشهد تألق مناضليها في سوح المنازلة .. ولا زال رجالها على العهد والقسم مع قادتها الشهداء.. وعلى ذات الدرب الذي سلكه قادة البعث العظام الذين قدموا أرواحهم رخيصةً في سبيل رفعة المبادئ وسموها ..ولا زالت الثورة المجيدة ورغم كل التحديات الجسام مُشتعلٌ أوارها حتى تحقيق كامل أهداف أمتنا وطموحات جماهيرها الكادحة في الوحدة والحرية والإشتراكية.
بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
تموز – 2021م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت