تلجأ سيدات فلسطينيات إلى صناعة الكعك منزليا قبل أيام من عيد الأضحى المبارك في الضفة الغربية من أجل تسويقه عبر العلاقات الاجتماعية والأصدقاء في نطاق مكان سكناهن.
وتستغل أخريات موقع التواصل الإجتماعي (فيسبوك)، لعرض منتجاتهن بأشكال وأحجام مختلفة في محاولة لإغراء الزبائن على الشراء وكسب أكبر قدر من الداعمين لهن.
وتسعى النسوة من وراء تلك الخطوة لزيادة الدخل وتحسينه، خاصة أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يقبلون على شراء الكعك كأحد مظاهر العيد ومنهم من يصنعه داخل البيوت.
وتحاول السيدات مساعدة أزواجهن في تأمين مصاريف البيت وتحسين الوضع الاقتصادي في ظل تدني مستوى الرواتب الشهرية التي يتقاضونها، خاصة أن بعضهن يتحملن مسؤولية تأمين تلك المصاريف دون معيل لهن.
وتقضي السيدة أم يوسف من بلدة قباطية جنوب جنين شمال الضفة الغربية سنوات في صناعة كعك العيد بعد وفاة زوجها لتعيل أسرتها وتوفير سبل العيش الكريم لها.
وتقول أم يوسف بينما تقلب بعضا من عجينة الكعك في إناء مزركش بالورد لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن موسم العيد يمثل "طوق نجاة من أجل توفير الأموال لإعالة الأسرة من وراء بيع الكعك".
وتضيف السيدة التي تعول توأمين بعمر (10 أعوام) وفتاة (16 عاما)، أن "موسم العيد رغم مشقة العمل لساعات طويلة يوميا في صناعة الكعك إلا أن المردود المالي من وراء ذلك لجلب الطعام يدخل الفرحة".
وعادة ما تقوم أم يوسف بترويج المنتجات التي تقوم بإعدادها عبر معارفها والمحيطين بها، بينما بدأت حديثا في نشر صور الكعك الذي تعده عبر صفحتها على (فيسبوك)، أملا في أن تتلقى طلبات أكبر.
وتقول السيدة التي تحرص على إتباع الطرق التقليدية القديمة في صناعة الكعك عجنا وخبزا كجزء من العادات والتقاليد الفلسطينية، إن "منتجها يمتاز بالجودة والنظافة كونه مصنع منزليا وتعتني به بشكل جيد كأنه معد لأبنائها".
وتضيف أم يوسف بينما تحضر طلبية لإحدى الزبائن لديها، أن "العجوة المحشوة داخل الكعك طبيعية يتم صناعتها داخل المنزل من تجفيف التمر ولا تعتمد على العجوة الجاهزة المصنعة".
أما عن أسعار الكعك المكون من الطحين والسميد والحليب والسمن وبهار الكعك والسمسم، ليطهى بعد تخميرها في الأفران البيتية على شكل قوالب متعددة الأحجام والأشكال، تشير السيدة إلى أنه أقل من السوق المحلي لكن الجودة تفوقه.
وعادة ما تلجأ بعض ربات المنازل إلى شراء كعك العيد المعد منزليا نظرا لانشغالاتهن وعدم قدرتهن على إعداده بسبب الالتزام بوظائف معينة، ومن بينهن كفاح علاونة.
وتقول علاونة التي تعمل مديرة مدرسة لـ((شينخوا)) إن صناعة الكعك منزليا من قبل سيدة شجعها على الشراء منه رغم قلة توجهها لشراء الطعام المصنع خارج البيت حرصا على صحة أفراد عائلتها.
وتضيف علاونة، التي بدت سعيدة بعد استلامها كمية من الكعك لتقديمه لزوارها في أول أيام عيد الأضحى، أن التعامل مع أم يوسف والتزامها بالنظافة والحرص وطعم الكعك اللذيذ جعل نوعا من الثقة المتبادلة بيننا.
ولم يختلف الحال على الستينية أم محمد من الضفة الغربية التي تعمل منذ سنوات في إعداد كعك العيد وتحضير الكميات المطلوبة منها لزبائنها قبل أيام من حلول الأعياد.
وتقول أم محمد إن كعك العيد المعد منزليا عادة ما يكون أكثر جودة من المباع في المحال التجارية، وهذا السبب وراء إقدام الناس وتجاوبهم على شرائه من ربات المنازل.
واعتادت أم محمد التي يشاركها نساء أخريات في صناعة الكعك على بيع كميات تصل في بعض الأحيان ل70 كيلو في موسم الأعياد، لكن هذا العام يبدو الأمر مختلفا كون الكميات المطلوبة أقل من ذلك.
وتشير السيدة بينما تصطف في أواني حديدية قطع الكعك الدائرية، إلى أن توجهها للعمل رغم كبر سنها هي مساعدة عائلتها في توفير احتياجاتهم اليومية بسبب صعوبة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
ويرى المحلل الاقتصادي من رام الله نصر عبد الكريم، أن توجه السيدات للعمل غير الرسمي يأتي بهدف تحسين مردودهم الاقتصادي أو الحصول على مصدر دخل في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وزيادة البطالة.
ويقول عبد الكريم لـ((شينخوا)) إن هناك عوامل عدة وراء لجوء الأشخاص للاقتصاد المنزلي، أبرزها ارتفاع نسبة البطالة بصفوف الشباب من ناحية وكذلك تدني مستوى الرواتب، بينما هناك ارتفاع في الأسعار وتكاليف المعيشة.
ويشير عبد الكريم إلى أنه في ظل هذه الظروف فإن مثل هكذا أعمال تنتشر بشكل واسع في المجتمع الفلسطيني بحثا عن تحسين مستوى المعيشة لدى بعض الأسر.