- كتب وليد العوض:
تعصف بالساحة الفلسطينية أزمة عميقة شملت كافة المجالات الوطنية السياسية والإقتصادية والإجتماعية وأثرت هذه الأزمة سلباً على مختلف الإنجازات التي حققها شعبنا الفلسطيني بتضحياته الجسام، ظواهر هذه الأزمة عديدة لا يمكن لمقال واحد أن يحددها بل إنها بحاجة لمراكز أبحاث مختصة يمكن لها أن تضع يدها على الجرح في توصيف هذه الظواهر لكنني أشك في قدرتها على معالجتها، خاصة وإن أصحاب الأزمة وصانعوها هم من يتنطعون مواقع المسؤولية من قوى وأحزاب سياسية سواء كانت هذه أحزاباً وطنية أو يسارية أو إسلامية وهذه جميعاً تشكل مكونات النظام السياسي الفلسطيني مع فوارق قد تزيد أو تنقص في موقع المسؤولية لهذا الفصيل أو ذاك، المهم في الأمر إن ما تقف عليه الساحة الفلسطينية يتمثل في أزمة عميقة شاملة استمرارها يعني استمرار التآكل في مكانة القضية الفلسطينية وعدم معالجتها يعني الوصول من الأزمة الشاملة للانهيار الشامل.
محاولات عدة جرت للوصول لهذه المعالجات التي لو قدر لها النجاح يمكن ان تفضي لوضع خارطة طريق لمعالجة الأزمة، أهم هذه المحاولات التي تكررت وفشلت هي تلك التي قامت بها القوى التي تصنف نفسها كقوى وأحزاب يسارية من المفترض إنها تمثل القاعدة الاجتماعية الأوسع فلسطينيا، كما و تمثل القاعدة الاجتماعية الأوسع لمواجهة الاحتلال والطامحة للاستقلال الوطني وبالتالي من المفترض أن تكون هذه القوى صاحبة المصلحة في الخروج من الأزمة ومعالجتها الأمر الذي يفترض وحدتها أولاً لتحدث حالة توازن على الصعيد السياسي الفلسطيني تقطع الطريق على استمرار حالة الإنهيار وتفتح الآفاق للخروج من الأزمة،لكن بكل أسف فإن محاولات هذه القوى وصلت الى طريق مسدود بل تكللت بالفشل التام وعند البحث في أسباب يمكن للمرء ان يجد دون عناء أن لا مبرر لذلك سوى الغرق في مستنقعات الغرور والذاتية وحالة الصراع والتنافس الداخلي التي تعصف بهذه القوى وتجعل من قدرة هيئاتها القيادية على اتخاذ قرارات جريئة تتعلق بوحدة او حتى ائتلاف قوى اليسار امراً مرهوناً بحسابات ضيقة وتحالفات آنية تحول دون ذلك، التجارب عديدة في هذا المضمار لا مجال للعودة لكل تجربة منها لكن القاسم الوحيد الذي يجمع بين مختلف تلك التجارب هو الفشل والمسؤولية عليه من القوى ذاتها وخاصة من يديرون تلك العملية، الملفت في الأمر انه في الوقت الذي كانت فيه قيادات هذه القوى خلال حوارات تشكيل قائمة موحدة تتصارع على الفتات في ذات الوقت كانت الكوادر والقواعد والجمهور يناشد ويضغط باتجاه تحقيق هذا الامل الذي تحول بفعل الغرور وسوء الأداء والمراهنات الخاسرة الى سراب.
اليوم وما زالت الأزمة الداخلية تعصف بكل البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمخاطر تزداد وتتعاظم على القضية الوطنية الفلسطيني في وقت يتعمق الانقسام وتمتد اثاره لكل مناحي الحياة، وتنشب السلطات الحاكمة في الضفة وغزة مخالب حكمها في أعناق الشعب الذي تتدهور اوضاعه وتنتهك حقوقه صباح ومساء، يبرز السؤال المهم الى متى يمكن ان يتم الانتظار؟ ألم يحن الوقت بعد لان يتلاقى اليساريون الفلسطينيون في مختلف اماكن تواجد شعبنا للبحث الجدي في تأسيس حزب اليسار الفلسطيني الموحد بعد أن فشلت كل قوى اليسار في تحقيق ما هو أدني من ذلك؟ انها دعوة للحوار والنقاش أضعها بين ايدي كل من هو حريص على ماضي وحاضر ومستقبل اليسار في فلسطين.
٢١-٧-٢٠٢١
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت