- بقلم: شاكر فريد حسن
يعاني ما يسمى بـ "اليسار" الإسرائيلي، الذي هيمن في الماضي على الساحة السياسية، من انحسار وتراجع كبير حد التلاشي والذوبان والاحتضار.
ويتكون تاريخ الانحدار السياسي لهذا اليسار من فصول عدة بدءًا من الصعود الأولي لحزب الليكود إلى سدة الحكم بزعامة مناحيم بيغين، والفصل الآخر بعد اغتيال اسحق رابين على يد متطرف يهودي يميني متطرف معارض لاتفاق السلام مع الفلسطينيين، بالإضافة إلى فصل اتفاقات أوسلو، التي لم تطبق بحذافيرها على أرض الواقع، وأصبحت موضع معارضة، ما أدى إلى تغيير في أوساط الرأي الإسرائيلي برسالة السلام التي حملها اليسار، والتوجه لدعم الأحزاب اليمينية المتطرفة.
ولعل السبب الأبرز لانحسار وتراجع قوى اليسار هي سياساته المتأرجحة تجاه القضايا الجوهرية الكبرى، والالتباس والتأتأة في مواقفه واخفاقاته في اتخاذ مواقف يسارية حقيقية وحاسمة، ما جعله يسارًا اجتماعيًا أكثر من كونه يسارًا سياسيًا.
وفي الحقيقة والواقع أن ثمة تحولات سريعة وتشظيات شهدتها وتشهدها الأحزاب الإسرائيلي، وبغض النظر عن تصنيفات الأحزاب، يسارية أو يمينية أو مسميات أخرى، هنالك شيه اجماع على القضايا الجوهرية والأمنية واستمرارية الاحتلال للأراضي الفلسطينية، خاصة القدس، وصولًا لضمها، ناهيك عن تفاقم ظاهرة العنصرية ضد الأقلية العربية في وطنها وأرضها. والأخطر من ذلك الاجماع الإسرائيلي على ترسيخ يهودية الدولة من خلال شرعن قانون القومية الفاشي.
إن تأثير اليسار الإسرائيلي على الخريطة للدولة العبرية يكاد يكون معدومًا، في ظل تصاعد قوة اليمين في مختلف المجالات. وحضور هذا اليسار في المشهد الإسرائيلي ينحصر الآن في قلة ضئيلة جدًا، ممثلة في الكنيست من خلال حزبي "العمل" و"ميرتس"، وهما شريكان في الائتلاف الحكومي اليميني بزعامة نفتالي بينيت، وليس لهما أي تأثير في اتخاذ القرارات السياسية، ولا يحركان ساكنًا لما يجري من اقتحامات يومية للأقصى، وتهجير قسري في الشيخ جراح وسلوان، ويدعمان العدوان العسكري على قطاع غزة واستمرارية محاصرته.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت