محللون : تخفيف إسرائيل قيودها على غزة ينزع فتيل مواجهة كانت محتملة

يشتري الفلسطينيون الآيس كريم خلال يوم حار ، في مدينة غزة ، في 31 يوليو 2021

رأى مراقبون فلسطينيون أن تخفيف إسرائيل القيود المفروضة على قطاع غزة ينزع فتيل مواجهة كانت محتملة مع الفصائل الفلسطينية المسلحة، معتبرين أن قرار توسيع مساحة الصيد وعودة الحركة التجارية يزيد من استقرار حالة الهدوء.

وقررت إسرائيل أول أمس الخميس تقديم المزيد من التسهيلات المدنية إلى غزة، بما في ذلك توسيع مسافة الصيد أمام عمل الصيادين في عرض بحر القطاع من 6 إلى 12 ميلا بحريا اعتبارا من صباح أمس الجمعة.

وقال بيان صادر عن مكتب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان، إنه اعتبارا من يوم غد الأحد سيتاح إدخال معدات وبضائع إلى غزة من أجل استمرار تنفيذ المشاريع، التي تتم برعاية المجتمع الدولي في القطاع في مجالات الغذاء والمياه والطب وصيد الأسماك.

وأضاف البيان أن القرار يتضمن إدخال أدوات كهربائية وزراعية من إسرائيل إلى غزة، بينما سيتاح تصدير المخلفات المعدنية من القطاع إلى الجانب الإسرائيلي.

ويسمح القرار بمرور سكان القطاع عن طريق جسر اللنبي (معبر الكرامة في الضفة الغربية)، كما سيتاح إدخال 29 مركبة خصوصية تركت في معبر بيت حانون / إيرز منذ موجة التوتر الأخيرة في مايو الماضي، بحسب البيان.

وأشار البيان إلى أن الخطوات المدنية جاءت في ختام تقييم للأوضاع الأمنية وبموافقة المستوى السياسي ومشروطة باستمرار الحفاظ على الاستقرار الأمني في المنطقة.

قرار إسرائيل نتيجة ضغط الوسطاء

وقال المحلل السياسي من غزة حسام الدجني، لوكالة أنباء "شينخوا" إن التسهيلات الإسرائيلية المعلنة جاءت ضمن جهود الوسطاء "لمنع انفجار الأمور في ظل المؤشرات، التي بدأت تخرج مؤخرا وتحذير الفصائل الفلسطينية المسلحة".

ورأى الدجني أن ملف حل الأزمة الإنسانية في القطاع، الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة، بات ضرورة من كافة الأطراف، بما في ذلك الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت.

واعتبر أن إعادة السماح للصيادين بالدخول إلى عرض البحر على مسافة 12 ميلا وإدخال تحسين على عمل معبر (كرم أبو سالم / كيرم شالوم) التجاري الوحيد مع القطاع، إجراءات من شأنها "منع سيناريو انفجار الأمور في غزة".

وبشأن ما إن كانت القرارات سترضي الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تسيطر على القطاع، أكد الدجني أن "إنهاء الحصار بشكل كامل عن القطاع وإعادة إعماره سريعا هو الحل الذي يرضي الفلسطينيين".

وقال إن الخطوات الإسرائيلية الجديدة يمكن البناء عليها من قبل الوسطاء، الذين يحاولون إدخال تحسينات لتخفيف واقع الحياة في غزة، والتي "ربما تؤجل فرص أي مواجهة".

وكانت إسرائيل قد أغلقت معبر (كرم أبو سالم/ كيرم شالوم) عقب اندلاع تصعيد عسكري في العاشر من مايو الماضي استمر 11 يوما مع الفصائل الفلسطينية المسلحة، وأدى إلى استشهاد أكثر من 250 فلسطينيا و مقتل 13 شخصا في إسرائيل.

وفي 21 مايو تم التوصل لاتفاق تهدئة بوساطة مصرية، ما دفع إسرائيل إلى إعادة فتح المعبر بشكل جزئي بعد قرابة 40 يوما من الإغلاق، وذلك عبر تصدير ملابس وبعض المنتجات الزراعية إلى الضفة الغربية وإدخال عدد محدود من شاحنات البضائع، بينها ملابس وأحذية وأدوية.

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل شددت من حصارها على غزة رغم إعلان وقف إطلاق النار، في وقت حذرت الفصائل من عودة المواجهة في حال فشلت جهود إنهاء الحصار المفروض على القطاع وعملية إعادة إعماره.

وشهد القطاع توترا ميدانيا محسوبا قبل أيام عقب استئناف الشبان الفلسطينيين إطلاق البالونات الحارقة تجاه المستوطنات الإسرائيلية، مما تسببت بحرائق في مزارع المحاصيل الزراعية.

الوضع في غزة مأساوي

وقال المحلل السياسي من غزة طلال عوكل، إن الإجراءات، التي اتخذتها إسرائيل جاءت بطلب من الوسطاء في ظل صعوبة الوضع الإنساني في غزة، الذي يشهد ارتفاع نسب الفقر والبطالة وتأخر عملية إعادة الإعمار بعد موجة التوتر الأخيرة.

ورأى عوكل أن أطرافا مصرية وقطرية وأمريكية ضغطت على الجانب الإسرائيلي لإحداث "اختراق" حقيقي أولي في ظل عدم إحراز تقدم في ملف إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في القطاع.

وتابع أنه في حال عادت فصائل المقاومة الفلسطينية في توصيل "رسائل عبر استخدام أدوات خشنة مثل إطلاق البالونات الحارقة والمفخخة" فإن إسرائيل ستقابل ذلك بوقف كافة التسهيلات.

وأشار المحلل السياسي إلى أن التجربة الطويلة الماضية بالسياسة الإسرائيلية أنها ثابتة عبر إجراء اتفاق وقف إطلاق النار من خلال الوسطاء، يتبعه اتفاق على تفاهمات معينة، يليه تقديم تسهيلات أولية، ومن ثم تعود عنها.

وأوضح عوكل أن التسهيلات الإسرائيلية المعلنة تجاه غزة "لن ترضي الفصائل الفلسطينية كونها كانت موجودة قبل موجة التوتر الأخيرة"، لافتا إلى أنها "تعطيها بعض الوقت لتدخل الوسطاء باتجاه توسيع الدائرة ومعالجة الملفات الصعبة المطروحة".

وتطالب الفصائل الفلسطينية بالتزام إسرائيل بتفاهمات سابقة للتهدئة تشمل توسيع مساحة الصيد، وبدء تنفيذ مشاريع بنى تحتية، ورفع قيود استيراد وتصدير البضائع، والسماح بدخول المنحة المالية من قطر للدعم الإنساني في غزة وإدخال مواد البناء للبدء في عملية إعادة الإعمار.

في المقابل تربط إسرائيل، بحسب مسؤولين، بينهم رئيس الوزراء نفتالي بينيت، ملف إعادة إعمار غزة وإدخال تسهيلات إنسانية إلى القطاع بإعادة أربعة جنود إسرائيليين لدى حماس في غزة.

وفي هذا الصدد، قالت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية أمس الجمعة إن الهدوء في قطاع غزة مؤقت وفقدان حماس لصبرها في ظل الإجراءات الإسرائيلية وعدم السماح حتى الآن بإدخال الأموال القطرية.

وقالت الصحيفة، إنه في حال وصلت الأموال القطرية إلى غزة فإن حماس تدرك أن هناك عقبة أخرى أمامها تتمثل في أنه دون اتفاق بشأن الجنود الإسرائيليين ستسمح إسرائيل فقط بتخفيف محدود، ولذلك تتخذ تل أبيب إجراءات محدودة للتخفيف عن القطاع.

وأشارت الصحيفة إلى أن الفجوة في المواقف بين الطرفين الفلسطيني (حماس)، والإسرائيلي ما زالت كبيرة، وأنه بدأت تدق ساعة جولة جديدة من الأحداث على جبهة غزة.

وسبق أن أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس عام 2017 للمرة الأولى أنها تحتفظ بأربعة جنود إسرائيليين، من دون أن تحدد مصيرهم.

وأبرمت إسرائيل اتفاقا لتبادل الأسرى مع حماس أطلقت عليه الحركة الإسلامية (وفاء الأحرار) برعاية مصر عام 2011 تضمن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أسرته حماس منتصف عام 2006 مقابل إطلاق سراح أكثر من ألف أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية على دفعتين.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - غزة (شينخوا)