عن الفقر في غزة اتحدث ...؟

بقلم: هاني العقاد

هاني العقاد
  • د.هاني العقاد

ليس بعد الفقر في غزة فقر ,وليس بعد هذا الفقر قهر يجعلني احمل كل مسؤول فلسطيني المسؤولية مهما كانت مكانته فكل مسؤول سوف يسأل ,وكل حاكم سيقاضي امام الله وكل ثري فلسطيني وعربي سوف يكشف التاريخ اين ولمن وكيف انفق امواله  . سيكتب التاريخ ان اموال عربية ذهبت لفقراء اسرائيل بدلا من فقراء الفلسطينين في الضفة وغزة والقدس  واهلها الذين باتوا وحدهم يقفوا في وجه سماسرة  عرب من يدفعوا اموالا طائلة لشراء عقارات المقدسين وبيعها للمستوطنين اليهود . خمس اثرياء امارتيون يدفعون اموال طائلة لبرنامج يهتم بفقراء الشعب الاسرائيلي ,ليس  اليوم فقط وانما منذ العام 2003 , مؤخراً كشف النقاب عن ان ثري اماراتي من بين خمس اثرياء دفع 170 مليون دولار لتصل علي شكل مساعدات لاسر اسرائيلية في دولة الاحتلال وجاء هذا التبرع خلال مؤتمر "الامان الغذائي" الذي عقد في تل ابيب الاسبوع الماضي وشارك في رجال اعمال واثرياء امارتيون . هؤلاء الاثرياء لا يبحثوا سوي عن العار ويجلبوه لسمعتهم وسيرتهم الذاتية ودولهم  وتاريخهم ,يتبرعوا لدولة حرب ودولة احتلال تصرف مليارات الدولارات علي حروبها ضد الفلسطينين وتصنع القنابل الذكية والمدمرة والصواريخ التي تخترق التحصينات الفولازية والخرسانية  , فقد بلغت تكلفة الحرب الاخيرة علي غزة 3 مليار دولار وحرب عام 2014  بلغت 18 مليار دولار.

يعرف هؤلاء الاثرياء انه في غزة  الالاف  البيوت تكاد تخلوا من مقومات الحياة سوي قليل من الطعام ,مئات البيوت من الصفيح وسعف النخيل يقيم اصحابها في عشوائيات تفتقر لادني عناصر الحياة البشرية , لا ماء ولا كهرباء ولا اثاث , بيوت متناثرة بكل ارجاء القطاع لجأ اصحابها لاقامتها من الصفيح لعدم قدرتهم علي دفع ايجار شقق كانوا يسكنوها بالايجار وتقطعت بهم السبل ولم يجدوا دخل ثابت يعينهم علي قضاء حوائجهم, هي مأوي ليس اكثر لا يقيي حر الصيف ولا برد الشتاء لكنه يقي اصحابها من سؤال الناس والتذلل امام الجمعيات والمؤسسات الاغاثية  ومكاتب وزارة الشئون الاجتماعية . الارقام مخيفة وتنزر بكارثة محدقة بقطاع غزة ان لم ينتهي الانقسام ويرفع الحصار ويتدخل المجتمع الدولي  والعربي  لتخصيص برامج للحد من الفقر والقضاء علي البطالة في القطاع . الارقام ترسل اشارات انزار للجميع , المستوي الرسمي والفصائل والامم المتحدة والاقليم  واثرياء العرب وتكشف حالة خطيرة من الفقر والبطالة تجتاح كافة محافظات قطاع غزة  حيث بلغت نسبة البطالة فوق 50% ونسبة الفقر اكثر من 60%  ما يعني اكثر من مليون و 300 الف فلسطيني في قطاع غزة بلا عمل ادرجت اسمائهم في سجلات المحتاجين دون امل ان ينالوا اعانات مالية او حتي بطالات تشغيل مؤقت .   

مسالة الفقر في غزة اصبحت اكبر من اي حكومة فلسطينية او فصيل سياسي او  منظمة اغاثية ,فقد باتت  مسالة معقدة لا يستطيع طرف واحد حلها بل يتطلب الامر اشتراك دولي وعربي مع الفلسطينيين  لايجاد حلول دائمة وليس مؤقتة لعشرات السنوات مع برامج اقتصادية انعاشية للقطاع المدمر لتدور عجلة الاقتصاد وتفتح افاق عمل دائم لالاف الشباب العاطلين عن العمل .  ما يطرح من برامج للمساهمة في الحد من الفقر ليس الا حقن انسولين مؤقته سرعان من يتحكم فيها الاحتلال كالاموال القطرية التي كانت تصل الي 100 الف اسرة غزية ولا يفعل المبلغ المقدم كاعانة وهو 100 دولار شيء لكننا عادة نقول" رائحة البر ولا عدمة " وهذه الاعانة تصل اقل من 10% من حجم المعاناة . الانقسام والحصار والكورونا من الاسباب المركزية لهذه الحالة التي يمر بها القطاع , تدني دخل الفرد او حتي انعدامة في كثير من الاوقات وارتفاع الاسعار مما يحول بين ارباب البيوت وتلبية احتياجات اسرهم والاعتماد على بعض الاعانات والقسائم الشرائية التي تقدمها الهيئات والمنظمات الاغاثية والتي يقصد منها توفير الطعام للالاف من الاسر الفقيرة في غزة .   

 التشخيص واضح ودقيق والارقام صادقة وصادمة تتغير كل عام بل اقل صاعديا والبطالة في ارتفاع مستمر مما سبب ارتفاع معدلات العنوسة والعزوف عن الزواج وانشاء اسر جديدة   واوقف نمو وتطور المجتمع  حسب المعدلات الطبيعية . ما جاء في بداية مقالي هذا يضعنا امام مسؤولية كبيرة لان نعمل معا من اجل محاربة الفقر دون انتظار الاخرين لان فلسطين ما عادت قضيتهم واصبح نصر الاسرائيلي عندهم اهم من المساهمة في الحد من الفقر ليس  في غزة بل بالعالم العربي  , ان مساهمة اثرياء عرب في الحد من الفقر في اسرائيل  مع بقائها دولة ارهاب واحتلال وقتل للفلسطينين جريمة  وهذه الجريمة اكبر برهان ان بعض العرب غيروا معتقداتهم وانتمائهم وفكرهم وعروبتهم   .الحلول غائبة وتكاد تكون معدومة او محدودة في ظل بقاء الانقسام علي حاله وفي ظل استمرار الحصار الاسرائيلي المستمر منذ اكثر من 14 عام ومازال في ظل توقع موجة رابعة متوقعة لكوفيد 19 القاتل والذي يحول بين المواطن والعمل الذي يوفر له دخل ما يسد رمق اطفالة ويلبي بعض الاحتياجات الخاصة لعائلته . لا اعتقد ان يلتفت احد للكارثة في غزة , ويسارع  للتقدم بدعم وتمويل برامج اغاثية وخلق مشاريع اقتصادية تساهم في  الحد من الفقر والبطالة في غزة  دون ان ينتهي الانقسام ويستعيد الفلسطينين الوحدة الوطنية ويتشاركوا اولا في تحمل المسؤولية باعتبار الانقسام  سبب رئيس لحالة الفقر والبطالة التي تضرب قطاع غزة اليوم.    

[email protected]

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت