نحبكما .... كما كنا دائما... ومعكما في الحضور والغياب

بقلم: حنا عميره

  • بقلم/ حنا عميره *

في 9 من أيلول سنة 2000 رحل عنا بشير البرغوثي (أبو العبد) اول امين عام للحزب الشيوعي بعد إعادة تأسيسه في العام 1982 ومؤسس حزب الشعب الفلسطيني في العام 1991 وشيعنا جثمانه الى قرية دير غسانة – مسقط رأسه.
وفي 12 من أب 2001 رحل عنا سليمان النجاب (أبو فراس) عضو المكتب السياسي للحزب وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وشيعنا جثمانه بعد وصوله من الخارج الى القرية الاحب الى قلبه جيبيا حيث دفن فيها.
رحل أبو العبد عن عمر يناهز 69 عاما (من مواليد العام 1931) بينما رحل رفيق دربه سليمان بعده بحوالي العام عن عمر يناهز 67 عاما (من مواليد العام 1934).
كلاهما رحلا بشكل مبكر بعد صراع مع المرض ولكن بفارق ان سليمان النجاب تسنى له ان يؤبن بشير البرغوثي بقوله " وداعا يا رفيق الدرب، وداعا يا رفيق العمر، منذ قرابة نصف قرن ارتبط مصيرنا الوطني والحزبي ولم يفرقنا الا الموت". وبنفس الكلمات تقريبا قالت ام فراس رفيقة دربه وحياته " نحن معك في الحضور وفي الغياب".
ونحن بدورنا نقول وداعا أيها الرفيقان المؤسسان، وها هو البيت الذي شيدتماه لا يزال وسيبقى يجمعنا وسنبقى ندافع عنه وسنتركه امانة لمن يستحق البقاء فيه ويواصل رفع راية الدفاع عن أهدافه ومبادئه وليس من يحاول ان يقايضه بثلاثين من الفضة.
لقد تميز هذان القائدان بكل الصفات التي بتنا نفتقدها في الزمن الحالي ليصبحا نموذج مدرسة اصيلة في النضال عكست أثرها على أجيال كاملة من مناضلي الحركة الوطنية الفلسطينية. كان أكثر ما يخشاه أبو فراس على الحركة الوطنية الفلسطينية وعل الحزب هو القصور الذاتي بسبب عدم الكفاءة وكان يستشهد بكتاب المؤلف المعروف نورمان ديكسون عن ظاهرة غياب الكفاءة السياسية ورداءة الأداء لدى العديد من القادة والسياسيين الذين تسببوا بكوارث لشعوبهم واحزابهم والامثلة كثيرة.   
وكان جل اهتمام هذين القائدين ضرورة التحلي بأكبر قدر من الصدق والنزاهة والصراحة واعتبرا ان الأمانة والنزاهة في التعامل مع الذات ومع الجمهور لهي دليل قوة وليست دليل ضعف. وعن الشروط التي تحدد مستقبل الحزب السياسي قال بشير البرغوثي في كتابه " مساهمة في النقاش حول مستقبل الحزب السياسي" ان مسلك قيادة وأعضاء الحزب يجب ان يعكس الصدق والوفاء للأهداف التي ينادي بها لذلك فقد وصف حزبه بانه حزب الصدق السياسي.
ومن الضروري القول ان كلا من ابي العبد وأبي فراس كانا عاشقين عظيمين للحياة ومستوعبين لتعقيداتها وتقلباتها ومتقبلين لكل جديد فيها ومكافحين على طريق صعب هو طريق الحرية والتقدم. وكانت امنيتهما ان نواصل حمل الأمانة وان نحافظ عليها ونصونها ونطورها ونخطو بها الى الامام لا ان ننوء بحملها ونعود بها الى الوراء ثم نبدأ بالبحث عن أسباب فشلنا الحالي والقائه على من سبقونا والادعاء بان التغييرات والإصلاحات التي جرت في الحزب في عهد بشير وسليمان وباقي القادة هي السبب في هذا التدهور وليس السطو على مقدرات الحزب وامواله وتبذيرها وكأنها ملك خاص لمن يتصرف بها.
نحن نودع جيل قادة الأمس واحدا ً تلو الآخر ولم يبق منهم إلا القليل القليل وهم على الطريق للحاق بمن رحلوا قبلهم لأن هذه هي سنة الحياة. ولكن علينا ألا نخجل من الاعتراف بأننا لم نمارس الديمومة الثورية والحياة المتجددة لأننا لم نمارس الديمقراطية والمشاركة في تحمل المسؤولية وانتقالها من جيل الى جيل الى أن نصل الى الهدف.
ان المسؤول هو الذي يتحمل مسؤولية التدهور الذي يتفاقم يوما بعد يوم لذا بات من الواجب انهاء حالة الصمت وتسمية الأمور بأسمائها.
ومن هنا فإننا نجدد ٌالعهد بمواصلة حمل الامانة. ونقول في ذكرى رحيل بشير وسليمان " نحبكما كما كنا دائما .... ونحن معكما في الحضور والغياب.

*عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
  11 أب 2021

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت