- عبد اللطيف لعبي
قرأت مقالا في جريدة يسارية ألمانية مفاده ان اسرائيل استهدفت مدرسة في غزة تقول الأونروا انها كانت تحتوي على نفق أقامته حماس داخلها .
ولأنني لا أثق في المصادر الأوروبية لأنها معظمها يستنذ الى أجندة تحمل عداءا لكل معاني المقاومة، أردت التأكد من صحة الخبر، للرد على هذا المقال الذي يشن هجوما لاذعا ضد منظمات المقاومة الفلسطينية ويبعث برسالة للرأي العام في ألمانيا مفادها أن ما يحصل في غزة ارهاب مطلق تستعمل فيه البراءة كدروع بشرية، وأن ماتفعله اسرائيل ماهو الا محاولة لتجفيف منابع الارهاب مهما كان موقعها ومهما كانت الخسائر فالغاية تبرر الوسيلة.
لم يمكن ممكنا كتابة هذا المقال، من دون الاطلاع على حيثيات الموضوع والتأكد من صحة مانشر في هذه الجريدة اليسارية، وكعادتي حاولت ان أبحث عن الخبر من مصدر محايد، وفعلا تأكد لي أن الخبر قد تم نشره منذ شهر تقريبا عبر وسائل اخبارية تتمتع بشيئ من المصداقية.
ومازاد صدمتي ان الأونروا وثقت بالفعل أن المدرسة المستهدفة من طرف جيش الاحتلال كانت فعلا تحتوي على نفق ربما استعمل في نقل السلاح أو تسهيل تحركات أفراد حماس من منطقة الى اخرى دون ان تقتفي أثرهم أجهزة الرصد الاسرائيلية،
لايمكننا شرعنة المقاومة بمثل هذا الأسلوب، عندما تتجاهل حماس الوسائل السلمية وتختار طرقا ملتوية معرضة بها المدنيين الى خطر القصف في أماكن يفترض بها ان تكون بعيدة عن مسرح المواجهات،
يبدوا أن حركة حماس تجهل ما لهذا الخبر من وقع على المجتمعات الغربية التي لا تتعاطف بأي شكل كان مع استعمال المدارس في المواجهات تحت أي ظرف كان، وبما أن الآلة الاعلامية للطرف الآخر تبرر ردة فعل جيش الاحتلال على أنها قصفها لمدرسة في قطاع غزة ماهو الا ردة فعل طبيعية لموقع يفترض به أن يكون مدرسة ولكنه تحول الى ملجأ للارهابين، وهذا مايجعل الرأي العام الغربي يشرعن الحرب على الارهاب التي تقودها سلطات الاحتلال في غزة اذا كانت حماس تستعمل في حربها الأبرياء كدروع بشرية.
ان الخطأ الجسيم الذي تقع فيه حماس دائما هو تسويق صورة سيئة على القطاع للرأي العام العالمي، إما من خلال استعمالها للمدارس والأسواق الشعبية كمخازن للسلاح او نقاط اطلاق صواريخ اتجاه المستوطنات الاسرائيلية أو من خلال تحالفاتها مع قوى مصنفة في خانة قوى الشر في العالم حزب الله وايران وبهذا تفقد شرعية المقاومة مصداقيتها وتصنف في خانة الارهاب الذي لا يمكن لعاقل أن يتعاطف معه تحت أي ظرف كان.
ان الاستمرار في هاته الأخطاء التي تقترفها حماس بين الحين والآخر لا يخدم القضية الفلسطينية بأي شكل كان على الصعيد الدولي بل يعطي لإستهداف أي منطقة سكنية أو مدرسة أو مسجد نوعا من الشرعية على اعتبار أن حماس والفصائل الفلسطينية لاتتخد أي أسلوب آخر للمقاومة سوى منطق السلاح والارهاب والرد على التصعيد بتصعيد.
من الغباء ان تتجاهل حماس وأخواتها خطورة الرسائل التي تصل للمجتمعات الغربية عندما تستعمل مدرسة لمآرب أخرى غير التي أنشأت من أجلها ومن الصعب جدا تبرير أي نوع من المقاومة تستعمل فيه البراءة كدرع بشري، بل ان التبرير لما حصل او توجيه الاتهام لأعداءها بممارستهم عدوانا ضد مدارس أطفال لن يجلب الآذان الصاغية ولا التعاطف، بقدر مايوجه لك الاتهام بشرعنة الارهاب.
اقف عاجزا عن الرد على هذا المقال مدافعا عن شرعية المقاومة بهذا الأسلوب، لقد أسست أخطاء حماس لموقف سلبي دولي، اتجاه القضية الفلسطينية وجعلت من الغرب ينظرون الى غزة كمسرح لتحركات ارهابية خطيرة، وهذا مايجعل شعبنا في غزة يعاني الأمرين بسبب سياسة العزلة التي تضعه فيها حماس باستعمالها الحل العسكري الذي لن يجدي نفعا مادام ميزان القوى في صالح اسرائيل ومادام الرأي العام العالمي لايرى سوا الحل السلمي للقضية الفلسطينية .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت