- د. هاني العقاد
جاء لقاء الرئيس الأمريكي (جو بايدن) و(نفتال بينت) رئيس وزراء إسرائيل علي غير المعتاد هذه المرة ,لقاء قصير ولم يكن في المكتب البيضاوي للبيت الأبيض بل في غرفة طعام البيت الابيض ,هذا ترك انطباع لدي (نفتالي بينت) ان الملفات التي يحملها لطاولة البحث مع (بايدن) لن يتم بحثها بالتفصيل ولعله اخذ يتساءل في نفسه هل تغيرت علاقة البيت الأبيض بإسرائيل بعد تولي بايدن إدارة البيت الأبيض..؟؟ , لكن سرعان ما أجاب (بايدن) علي تساؤلات (بينت) حول العلاقة مع إسرائيل عندما اكد ان العلاقة بين إسرائيل و واشنطن هي في اقوي حالاتها اليوم ,لكن اعتقد انها ليست كما كانت في عهد (ترامب) الذي جند كل ما تمتلك أمريكا من قدرات سياسية وامنية لصالح دعم اسرائيل، لم يبقي شيء الا وفعله (ترامب) لإسرائيل اعترف بالقدس عاصمة لهم واعتدي علي القانون الدولي وتجيير مواده لصالح هذا الاعلان وانتهك كل القرارات الدولية والاممية التي تعتبر القدس منطقة محتلة ينسحب عليها قانون الحماية الدولية وبطلان تغير واقعها الديموغرافي والجغرافي, اعترف (ترامب) بالسيادة الإسرائيلية علي هضبة الجولان السورية المحتلة والكثير من القرارات التي لم تتصور اسرائيل يوما من الأيام ان تحصل عليها بهذه السهولة . لم يتطرق (بايدن) لاي من هذه القرارات في لقاء (نفتالي بينت) وكأنها لم تكن وخرج (نفتالي بينت) بانطباع ان (بايدن) لن يؤيد بالمطلق استمرار الاستيطان الذي ينسف حل الدولتين ويوتر المشهد بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبالطبع لن يؤيد ضم أجزاء من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية.
عدة ملفات حملها (بينت) الي الإدارة الامريكية واولها ملف النووي الإيراني ومحاولة رئيس الحكومة الإسرائيلية أولاً جسر الفجوة القديمة التي تركها سلفة (نتنياهو) بين الإدارة الأمريكية واسرائيل فيما يتعلق بالمعلومات الاستخبارية الإسرائيلية والعمليات السرية داخل ايران فقد كان (نتنياهو) قد اعطي تعليمات بحجب معلومات سرية عن الولايات المتحدة حول عمليات سرية إسرائيلية داخل ايران وقد يتوصل (نفتالي بينت) الي تفاهم يقضي بإعلام واشنطن عن الاعمال السرية لإسرائيل في أي مكان وخاصة داخل ايران في المستقبل ومن جانب اخر حاول (نفتالي بينت) السعي لدي واشنطن للمساهمة في تدويل هذا الملف وتجسيد ان ايران ليست عدوة اسرائيل وحدها بل انها تعادي المجتمع الديموقراطي وتصنع التوتر بالمنطقة وتهدد إسرائيل من خلال وصولها للقنبلة النووية كما حاول (نفتالي بينت) الطلب من الولايات المتحدة ان تبقي قواتها في سوريا والعراق حتي تكبح أي تمدد إيراني يؤثر علي سياسة إسرائيل في المنطقة .لم يكن وقت كاف امام (نفتالي بينت) ليتحدث في الاتفاق النووي الإيراني لكن (جو بايدن) قال "يجب إيلاء الدبلوماسية الخيار الأول مع ايران واذا لم ينجح علينا وقف عمليات الطرد المركزي في المفاعلات النووية الإيرانية باي طريقة" وهذا اقنع (نفتالي بينت) الي حد ما وهذا يعني ان واشنطن ستحافظ علي سياسة النفس الطويل في هذا الشأن وسوف يستمر التفاوض لتجديد الاتفاق النووي مع ايران .
الملف الاخر الذي حمله (نفتالي بينت) لمناقشته مع بايدن هو ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهنا لم يعطي الرجل الوقت الكافي لإقناع سيد البيت الابيض بسياسة إسرائيل في الصراع ولم يستطع اقناع ( بايدن) بالا تعترض ادارته علي استيلاء إسرائيل علي مساكن الفلسطينيين في حي الشيخ جراح وسلوان باعتبار ان القدس الكبرى هي عاصمة لإسرائيل وهنا اكد( بايدن )ان اسرائيل يجب ان تستعد لعملية سلام قادمة وهذا يعني ان عملية الاستيطان قد تتوقف حتي لو كانت لدواعي التوسع الإسرائيلي الطبيعي في الضفة الغربية والقدس وهذا قد يشكل نقطة خلاف بين الإدارة الامريكية وإسرائيل فإسرائيل تعارض تجميد الاستيطان بالضفة الغربية لكنها تري ان ضم مناطق c) ( لن يكون في الوقت الحالي بسبب رفض إدارة بايدن لكونه يغلق الطريق امام الإدارة الامريكية الجديدة لتهيئة الأطراف لمفاوضات علي أساس هذا المبدأ . إذا كانت هذه الادارة تتبني ما تصرح به وهو المساواة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الحرية والازدهار والكرامة فاعتقد ان (نفتالي بينت) لم يتمكن من اقناع (بايدن) بمواصلة سياسة الاستيطان والهدم والتمدد الاستيطاني خاصة في منطقة الاغوار .
الواضح ان الادارة الامريكية لم يكن لديها الوقت الكثير لتضيعه مع (نفتالي بينت) ولم يتم فتح ملفات كبيرة لنقاشها بالتفصيل وهذا ما اضطر (بايدن) لاختصار اللقاء في اقل من نصف ساعة ليقدم التوجيهات والنصائح التي تعني شراكة أمريكية إسرائيلية في كثير من القضايا وأهمها قضية النووي الإيراني والصراع مع الفلسطينيين وهنا فهم (نفتالي بينت) ان إدارة بايدن تريد من إسرائيل تخفيض التوتر وعدم استخدام القوة نحو الفلسطينيين لان هناك انتقاد واسع للإدارة الامريكية التي تدفع الأموال وترسل السلاح لإسرائيل والذي يستخدم ضد الأطفال الفلسطينيين وهذا الانتقاد بدأ يأخذ شكل احتجاجات وتظاهرات كبيرة لإصلاح مسالة العدالة الامريكية التي تضررت بسبب الانحياز الأعمى لإسرائيل وقد وصلت رئيس وزراء إسرائيل توجيهات بان تسارع إسرائيل في تحسين العلاقة مع السلطة الفلسطينية وفيما يخص لبنان وحزب الله علي الحدود الشمالية فقد نصحت إسرائيل بان تتفادي فتح جبهات جديدة و الدخول في معارك غير ضرورية تؤثر الاستقرار بالشرق الأوسط وتربك المنطقة بالتالي الحفاظ علي الهدوء الحالي بالجبهة الشمالية ,اما بخصوص الفلسطينيين فقد نصح (نفتالي بينت) بتكريس سياسة لاستعادة الثقة مع الفلسطينيين بإجراءات حقيقية تساهم في تعزيز ثقة الفلسطينيين بالعملية السياسية والحلول السلمية وهذا ما كانت إدارة بايدن قد ارسلته مع مندوب خارجيتها (هادي عمرو) الذي هيئ لزيارة (نفتالي بينت) للولايات المتحدة بل ان إدارة باين اليوم قد تقترح لقاء بينت بالرئيس أبو مازن لفتح افاق حوار يهيئ لمسار سلمي علي أساس حل الدولتين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت