فسحة أمل "اقتصاد فلسطيني تحت الاحتلال "

بقلم: بكر نعالوة

بكر نعالوة
  • بكر نعالوة *

 

هل يُمكن بناء اقتصاد فلسطيني تحت الاحتلال أو بمعنى أدق خلال مرحلة التحرر التي نخوضها مع المحتل من أجل إقامة دولتنا الفلسطينية على حدود الـ 67 , والأمر الآخر هل بناء هذا الاقتصاد ضرورة ؟

في الحقيقة ، لا مُستحيل إذا توفرت الإرادة من أجل بناء هذا الاقتصاد وفق أدوات يجب أن تُراهن عليها قيادة الشعب الفلسطيني مستغلة العامل الزمني وكذلك اعتقاد حكومة بينت بأنها تقدم لنا حلول جزئية واقتصادية متجاوزة حقنا الأساسي في إقامة دولتنا على حدود الـ 67 ..

البعض يرى في ذلك خطورة على فحوى القضية ، ولكن أنا أرى في هذا التعاون الخبيث فرصة تاريخية لا تعوض لبناء اقتصاد فلسطيني قادر على مواجهة التحديات ، وكذلك الأمر تحقيق اندماج أوسع مع المجتمع الإسرائيلي من شأن ذلك أن يخدم مسعى إقامة الدولة الفلسطينية على المدى البعيد  .

السياسة إجمالاً لا تعرف الجمود لذلك أنا أرى بأن كُل فرصة ممكنة للاستفادة من هذا الاحتلال في خدمة الفلسطينيين يجب أن نتعامل معها فوراً , وتحدثتُ سابقاً في مقال عن أهمية الاقتصاد في خدمة حل الدولتين , باعتقادي لا خوف على المشروع الوطني الفلسطيني طالما مُنظمة التحرير والسُلطة الفلسطينية على قيد الحياة  .

لماذا بناء الاقتصاد تحت الاحتلال ضرورة ؟!

لأن المفاوضات ومعركة التحرر قد تستمر 100 عام وفي النهاية لن ينتصر إلا صاحب النفس الطويل ، وإذا كُنا نريد أن نكون من أصحاب النفس الطويل علينا أن نلتفت مطولا للاقتصاد الفلسطيني .

* بلغت نسبة البطالة في عام 2020 (( 25.9% )) .

* بلغ الدين العام والمتأخرات في الربع الأول من عام 2021 (( 8.4 مليار دولار )) نصيب المتأخرات منها ((4.9 مليار دولار )) .

كُل تلك المؤشرات خطيرة ومن المُمكن أن ترتفع أكثر  ذلك في ظل اقتصاد استهلاكي خدماتي قائم على (( الديون والضرائب )) إضافة إلى شُح الموارد .

 

لنتحدث عن  الأدوات والأفكار المُمكنة التي قد تُحقق نقلة نوعية في الاقتصاد الفلسطيني :

 

1_ رُبما لا يجب أن نُفرِط كثيرا في استخدام مُصطلح الانفكاك الاقتصادي حتى لا نغرق في الوهم , أعتقد من الأنسب أن نتحدث عن الشراكة الاقتصادية في العلن وأن نعمل على تحقيق انفكاك نسبي بعيداً عن الشعارات الرنانة من خلال الاعتماد على الذات في القطاعات التي يُمكن أن نستغني فيها ولو جزئياً عن الاحتلال ، وهناك عدة نماذج رائعة بهذا الخصوص ربما أهمها (( محطة مصادر في مدينة جنين لتوليد الكهرباء بالغاز الطبيعي )) .

2_ أن نستغل حالة الغزل ونظرية بينت الاقتصادية في اقتحام سوق العمل الإسرائيلي وصولاً إلى تفاوض مشروع يضمن تنظيم وتوسعة قطاع العمل في إسرائيل من خلال السُلطة الفلسطينية  بحيث تحمل السلطة الفلسطينية في هذا الملف صفة المشغل .

3_ العمل على تأسيس صندوق سيادي ومحافظ استثمارية بهدف الاستثمار خارج البيئة الفلسطينية  أملاً في تحقيق عوائد مادية وتصدير البطالة , وذلك من خلال طرح مفهوم الاقتصاد التضامني كأداة وطنية لسيادة وتقرير المصير, بحيث يُطرح من خلاله برنامج ضرائبي موجه لمدة زمنية معينة  ومستقطعات ضريبية بسيطة ومعقولة يُمكن أن تلقى قبولاً لدى الشارع إذا أحسن فهم الهدف منها ..

4_ إدارة القطاع الزراعي من حيث استغلال الأرض ونوعية الزراعة والعمل على برنامج التأمين الزراعي وكذلك تدوير المُنتج الفلسطيني في السوق الإسرائيلي من خلال إنشاء شركات في الداخل سواء بهدف تسويق المُنتج في الداخل أو بهدف التصدير أو ربما نتوصل لتفاهمات مع الإسرائيليين بخصوص التصدير المباشر .

5_ وزارة الريادة والتمكين يجب أن تحظى بموازنة حقيقية تُمكنها من مُمارسة دورها تحت هذا المُسمى , وكذلك الالتفات إلى الاقتصاد الرقمي وقطاع التكنولوجيا الذي من المُمكن أن يُحقق لنا فُرص حقيقية في القضاء على البطالة وتسويق المُنتجات والخبرات الفلسطينية وكذلك لا أنسى أبداً أهمية تحفيز المُبدعين والمُخترعين على الابتكار .

6_ رُبما علينا أن نوجه أموال المانحين إلى الاستثمار في الإنسان الفلسطيني من خلال إنشاء مدارس مُتخصصة في مجالات يطلبها سوق العمل الحديث تكمُن أهميتها في تخريج كادر فلسطيني مُختص في مجال ما تحتاجهُ دولة ما في العالم بحيث يتم الاتفاق  على تزويدها بالكادر المؤهل والمختص وأيضاً يُجيد لغة هذه الدولة لنعود كما كُنا سابقاً مُصدرين للخبرات الفلسطينية التي ستعود علينا بالنقد الأجنبي وكذلك خفض نسب البطالة .

7_ التعاونيات وإن كانت مهمة صعبة تُعاني من الانهزامية أحياناً إلا أنها قد تبدو وسيلة ناجحة لبناء اقتصادي من خلال توفير الدعم المالي لها , إلى جانب تزويد الفئات المعنية بالدراسات الاقتصادية واستحداث أفكار مشاريع جديدة وغير تقليدية ..

8_ 16 مليار دولار مستحقات العمال الفلسطينيين في الداخل أخفقت الحكومة الفلسطينية في الحصول على تلك المستحقات بفعل طرحها لقانون الضمان الاجتماعي الشامل , رُبما يجب أن يتم تقييم المسألة من جديد بحيث يكون الهدف الأساسي تحصيل تلك المُستحقات وعدم الاحتكاك بالشارع الفلسطيني من خلال جعل الضمان الاجتماعي مسألة اختيارية .

 

  • كاتب ومختص في التحليل الاقتصادي
المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت