رأى مراقبون فلسطينيون أن قمة القاهرة الثلاثية الفلسطينية المصرية الأردنية قد تمهد لمبادرة عربية جديدة لتحريك عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل وصولا لحل الصراع الثنائي الممتد منذ أعوام طويلة.
وعقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أمس الخميس بالقاهرة قمة ثلاثية لتكثيف التنسيق المستمر بين الدول الثلاث إزاء المستجدات والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
وأكد القادة الثلاثة في بيان ختامي على أهمية تكاتف جميع الجهود من "الأشقاء والشركاء للعمل على إحياء عملية السلام واستئناف المفاوضات وفق مرجعيات الشرعية الدولية"، أخذا في الاعتبار التبعات الجسيمة من عدم حل القضية الفلسطينية على أمن واستقرار المنطقة بالكامل.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن القيادة الفلسطينية أمام تحديات جديدة بوجود إدارة أمريكية جديدة لديها مواقف مختلفة عن مواقف الإدارة السابقة من حيث العملية السياسية والعلاقة مع الجانب الفلسطيني، وكذلك حكومة إسرائيلية جديدة وصلت في يونيو الماضي مختلفة عن السابقة في بعض الجوانب ولا تختلف في جوانب أخرى.
وأضاف المالكي في تصريح للصحفيين في رام الله، أنه لذلك كان لابد من تنسيق وتكاتف الجهود المشتركة المصرية والأردنية والفلسطينية.
وتابع المالكي أن من المهم بذل الجهود بما يعزز ويقوي الموقف الثلاثي، ولهذا السبب جاء توقيت هذه القمة لبلورة تحرك وايجاد أفكار ومقترحات نستطيع من خلالها أن نواجه ما يقال في الأروقة بواشنطن أو في تل أبيب أو في أي مكان آخر.
ورأى المحلل السياسي الفلسطيني من رام الله رجب أبو سرية، أن الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن لا تولي الاهتمام الكافي بالشق السياسي في الملف الفلسطيني، وتكتفي بإيلاء الاهتمام بالشق المالي.
وقال أبو سرية لوكالة أنباء "شينخوا" إن الإدارة الأمريكية مترددة بممارسة الضغط على الحكومة الإسرائيلية، لذا من المهم أن تعوضه القاهرة وعمان اللتان لهما مصلحة في حل ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأشار أبو سرية إلى أن أهم الأسباب لهذه المصلحة يكمن بجوارها لفلسطين، حيث التبعات الأمنية والديموغرافية على البلدين العربيين، اللذين تربطهما من جانب علاقة الأخوة مع فلسطين، ومن الجانب الأخر اتفاقيات السلام مع إسرائيل.
ويعتقد أبو سرية أن الموقف العربي الثلاثي سيحاول إقناع واشنطن بأهمية وضرورة إطلاق عملية أو مبادرة سياسية وعدم الاكتفاء بإجراءات بناء الثقة على الصعيد المالي، وبعد ذلك يمكن للموقف العربي الموحد مسنودا بموقف أمريكي إيجابي الضغط على الحكومة الإسرائيلية للدخول في المسار التفاوضي، الذي لا بد منه في نهاية الأمر لإقامة دولة فلسطينية.
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في نهاية مارس عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق أي تقدم.
وقال المحلل السياسي من غزة طلال عوكل، إن الحكومة الإسرائيلية لا ترغب في البدء في عملية تفاوضية سياسية جادة لتحقيق اختراق في عملية السلام، خاصة أن رئيسها من اليمين المتطرف، لذلك هي تسعى إلى تركيز خطواتها حول القضايا الإنسانية الاقتصادية بالدرجة الأولى، والتي تتعلق بتسهيلات حياتية وليس حوارا أو مفاوضات ثنائية.
وتابع عوكل أنه رغم أهمية التسهيلات الاقتصادية لحياة الفلسطينيين إلا أنها يجب أن لا تعزز فكرة السلام الاقتصادي، الذي تسعى إسرائيل لتنفيذه بعيدا عن أي حلول سياسية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية.
وجاءت القمة الثلاثية قبل انعقاد الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة، وانعقاد قمة متوقعة بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، تلبية لدعوة وجهها السيسي ونقلها رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل إلى بينيت الشهر الماضي.
كما جاءت القمة بعد اجتماع نادر عقد بين الرئيس عباس ووزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس الأحد الماضي في رام الله.
ورأى المحلل السياسي من رام الله عبد المجيد سويلم، أن ثمة حراكا سياسيا نشط في المنطقة يحمل سمات روح المبادرة، وهو أمر افتقد لفترة طويلة على صعيد حل الصراع الفلسطيني.
وتوقع سويلم أن تقدم الأردن ومصر وفلسطين "مبادرة واحدة وموحدة" في الأمم المتحدة للربط المحكم بين الجانب السياسي التفاوضي مع السلطة الفلسطينية والتسهيلات الاقتصادية.
وأشار سويلم إلى أن الإدارة الأمريكية على ما يبدو ليست بصدد الانخراط المباشر في هوامش الصراع في إسرائيل ولا هي بصدد متابعة الصغائر والمناكفات التي تولدت عن هشاشة وضعف بنية الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وما يهمها قبل كل شيء تخفيف التوتر، أملاً في أن يؤدي كل ذلك إلى حل يقوم على أساس التفاوض.