- بقلم عدنان الصباح
بالضبط كما كان متوقعا جاءت حكومة بينيت لتقف على يمين اليمين لنتنياهو وحزبه وقد يكون بينيت هو اول رئيس حكومة اسرائيلي يعلن بوضوح ان لا سلام ولا مفاوضات ولا دولة وان الاستيطان سيتواصل بلا توقف والاهمية في هذه التصريحات انها تأتي من واشنطن وقبيل لقاء بينيت مع الرئيس الامريكي بايدن واثناء اللقاء وبعده وقد تمكن بينيت من ان يغيب الموضوع الفلسطيني والاحتلال والحل السلمي عن لقاءه مع بايدن بشكل شبه تام وتحويل القضية الفلسطينية الى قضية رخاء اقتصادي وتلبية مطلب حياتية للفلسطينيين وعاد من هناك ليظهر كمن يلتزم بوعوده ونظهر نحن وكأننا نقبل بهذه النتائج. نتائج زيارة بينيت لواشنطن ظهرت في لقاء جانتس مع الرئيس ابو مازن في رام الله بتقديم 5000 لم شمل لمواطنين ومواطنات فلسطينيين مقيمين على ارض وطنهم وقد منحهم جانتس ومن خلال وزير دفاعه ومنسق شؤون المناطق حق الاقامة وكان الامر بيد الاحتلال لا بيد شعبنا وكان حقنا في الاقامة على ارضنا يملكه الاحتلال وجيشه وان لا علاقة لشعبنا بالأمر لا من قريب ولا من بعيد والمنح التي قدمت من جانتس اعتبرت تسهيلات حياتية واقتصادية ومنها السماح ل 15 الف عامل بالعمل في اسرائيل علما بان هذا حادة اقتصادية لدولة الاحتلال لا علاقة لها بتسهيل حياتنا بل برفد اقتصادهم بادي عاملة رخيصة ورثة تقوم الاعمال السوداء فقط.
خطورة لقاء وزير دفاع دولة الاحتلال مع الرئيس الفلسطيني تكمن في منصب الرجل ورمزيته فدولة الاحتلال ارادت ان تؤكد ان لا محادثات سياسية ولا حلول سياسية ولا مفاوضات سياسية وان علاقة الفلسطينيين بهم تأتي من بوابة الجيش والادارة المدنية التابعة له وذلك بحضور منسق شؤون المناطق لهذا اللقاء وهم بذلك ارادوا ان يضعوا سقف واضح لا لبس فيه لهذه العلاقة وقد سبق ان رفض رئيس وراء دولة الاحتلال التحدث الى الرئيس وقام بإرسال وزير دفاعه للتحدث اليه.
بينيت الذي فعل ما لم يفعله نتيناهو يقدم نفسه اليوم على اكتافنا كأكثر رئيس وزراء يميني في تاريخ اسرائيل عابرا بذلك الى حلمه بخلافة نتنياهو كزعيم صهيوني يميني وقائد بلا منازع وما يجعل الامر اكثر خطورة ان من يقف خلفه هم العرب واليسار وهو وحزبه اليميني اليتيم في الحكومة فمعه احزاب العمل وميريتس والقائمة العربية وارتكز في تصويت الثقة على تغيب اعضاء القائمة العربية المشتركة ويعني ذلك ان لا احد سيمنع بينيت من فعل ما يشاء غدا ضد الفلسطينيين بعد ان قدمنا لأنفسنا صورة اننا اصحاب مطالب حياتية لا حقوق شرعية لشعب تحت الاحتلال فما حصلت عليه القائمة العربية مقابل اشتراكها في تشكيل حكومة بينيت كانت مطالب حياتية لا علاقة لها بحقوق قومية عربية فلسطينية تعيش تحت سلطة دولة كولونيالي احلالي توسعي وما اخذناه من جانتس في رام الله كانت فتات لمطالب يمكن ان يحصل عليها أي لاجئ بفعل الامر الواقع في أي مكان في العالم اجمع.
دولة الاحتلال تعود من جديد الى لعبة السلطة والمعارضة التي تتقنها كل الاتقان في حين لا ندري نحن أي معنى لها ففي حين ينجح اليميني بينيت في اسكات حلفاء اليسار عن انشطة الاستيطان والاحتلال ورفض التفاوض والسلام حتى لا تسقط الحكومة من قبل معارضة اليمين المتربص لها بزعامة نتنياهو وبالتالي تتحول المعارضة الى حامية له وليمينيته بدل ان تكون سببا في اسقاطه نفعل نحن على الجانب الآخر محاولين منع وجود معارضة قوية نتكئ اليها في مواقفنا وقراراتنا وبدل ان نهدد العالم بالمقاومة والمعارضة نذهب الى حد المشاركة بالضغط عليها لتقديم تنازلات لا احد يريدها ولا احد يطلبها كالاعتراف بالشرعية الدولية الاخطر من ذلك ان لا احد في هذا العالم الاعمى بما في ذلك نحن ان المطلوب منه الاعتراف بالشرعية الدولية هي اسرائيل اولا واذا كان هناك اعتراف فلسطيني فليأت من السلطة الرسمية فقط لا ان يصبح سيفا مسلطا منا على انفسنا قبل ان نضمن اعتراف العدو به.
كل المؤشرات تقول اننا ذاهبون الى شهر عسل اقتصادي مع الاحتلال لكنه سيكون عسلا اسود فيما يخصنا فلا احد يتفق على ما يجري وتدور المفاوضات في القاهرة حول والاسرى وفي رام الله حول الخبز ولم الشمل وسيكون صمت بايدن الرئيس الامريكي الاضعف هو البوابة لتكريس قرارات ترامب وتوسعة المستوطنات ولن يجد بايدن لا الوقت ولا الدعم ولا الرغبة في الضغط على حكومة الاحتلال وهو يدري ان لا احد سيحرجه حتى في موضوعة القضية الفلسطينية وسيكتفي بمواصلة تسهيل حياة الفلسطينيين والامتناع عن ضم مناطق جديدة من اراضي الضفة الى دولة الاحتلال مع مواصلة الاستيطان وتنميته مما يعني تهديد جدي لكل القضية الوطنية بتحويلها الى قضية انسانية لا اكثر ولا اقل وتظل الخطورة الاكبر قائمة من طرفنا الى أي مدى سنتساوق مع هذه الرية الجديدة للسيطرة على بلادنا والغاء حقوق شعبنا بصمت دولي واضح وعلني يصل حد الضغط علينا من الجميع للقبول بالأمر الواقع.
حالة الارتباك الذي يعيشه الفلسطينيون مقلقة فالسلطة التي اغلقت عنها ابواب مغارات علي بابا من المانحين باشتراط مواقف سياسية واضحة منها لجأت للاقتراض من العدو المباشر لها مما يعني انها ذهبت برقبتها الى مقصلته طواعية لتقترض من مالها المسروق في خزائنهم سواء مما يتم سرقته شهريا من المقاصة او مليارات العمال المكدسة منذ العام 1967م وبالتالي فنحن سنقترض منا لحسابهم وبفوائد وان تواصل الاقتراض على هذه الطريقة فقد نصل لمرحلة تحتجز فيها المقاصة بدل عمولات القروض ولن يكون بوسعنا مقايضة أي شيء بديوننا سوى الوطن.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت