- بقلم: د. أحمد بحر
- رئيس المجلس التشريعي بالإنابة
تلك هي حكاية فلسطين كما لخصها فجر يوم الاثنين الماضي الموافق 6-9-2021م ستة أسرى فلسطينيين، حفراً بأظافرهم التي أنشبوها في الصخر ليعانقوا فجر الحرية والخلاص.
من فتحة صغيرة في الجدار الأمني المحيط بغزة جاء الموت الزؤام لقناص صهيوني خرّ صريعا برصاص شاب مجاهد ثأر لأبناء شعبه.. ومن نقب صغير في جدار سجن جلبوع كان الخزي للمنظومة الأمنية الصهيونية.. ويوما ما، ومن ثغرة صغيرة في منظومة الكيان الغاصب سينفرط العقد ويزول الكيان بإذن الله، وعسى ذلك أن يكون قريبا.
فكل التحية للأسرى الأبطال الذين قهروا السجان وكسروا قيد الظلم وسلاسل الظالمين.. وكل التحية للمقاومة الفلسطينية التي أنجبت مثل هؤلاء الرجال الأفذاذ الذين أذلوا ناصية الكيان الصهيوني ومرغوا كرامته في الوحل والعار، وكل التحية لشعبنا الفلسطيني الذي يحتضن المقاومة ويدافع عنها مهما كانت التحديات والتضحيات.
إن تمكن الأسرى الفلسطينيين في التحرر من قيود سجن جلبوع الصهيوني شديد التحصين يشكل انتصارا كبيرا للمقاومة الفلسطينية يُثبت أن إرادة وعزيمة الفدائي والمقاوم والمجاهد لا يمكن أن تقهر أو تهزم بأي حال من الأحوال.
ولا شك أن هذه العملية الأسطورية تشكل رافعة مهمة للمقاومة الفلسطينية وضربة مدوية للاحتلال الصهيوني من شأنها أن تضعف من معنويات المفاوضين الصهاينة، وتعيد التأكيد على أن تحرير الأسرى خيار ممكن وواقعي للغاية، وأن كسر قيود وجدران السجون لم يعد شيئا مستحيلا في عرف وفهم المقاومة الفلسطينية.
لقد بذل الأسرى الأبطال جهدا خرافيا فوق العادة في التحضير والتخطيط والتنفيذ لهذه العملية النوعية التي يقدّر الخبراء الصهاينة أنها استغرقت وقتا طويلا للغاية، بالرغم من كل الاحتياطات والإجراءات الأمنية المشددة على مدار الساعة داخل السجن الذي أعدّ خصيصا كقلعة حصينة لمنع عمليات التحرر والانعتاق، فكانت الضربة القاصمة للأمن الصهيوني من حيث لا يحتسبون، وفي ذلك أبلغ دلالة على أن الإرادة الصلبة والعزم الفتيّ قادر على مواجهة وقهر ما يراه الكثيرون مستحيلا بإذن الله.
لن يستيقظ الصهاينة من هول الصدمة والذهول الذي هيمن عليهم عقب هذه العملية الرائعة، ولن تفلح لجان التحقيق التي يشكلونها، والإجراءات والتوصيات التي سيخلصون إليها لاستخلاص العبر من هذه العملية، والعقوبات القاسية التي سيوقعونها بحق ما يرونهم مقصرين أو متهاونين في تنفيذ الإجراءات الأمنية، في تغيير الحقيقة شيئا، ومهما عملوا فلن يصمد مكرهم أمام مكر الله، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
إن يوم تحرر الأسرى الستة هو يوم عيد وطني فلسطيني بامتياز، ويوم ذل وانكسار لدولة الكيان الصهيوني، وحقّ لشعبنا الفلسطيني بكافة فئاته وشرائحه أن يفرح ويسعد بهذا الإنجاز العظيم، وأن يوقن بأن دولة الكيان الصهيوني هي دولة هشة بكل معنى الكلمة، وأنها أوهن من بيت العنكبوت، وأن يوم الغلبة وتحقيق الانتصار والعودة لم يعد بعيدا بإذن الله.
لقد آن الأوان كي تعيش السلطة الفلسطينية معاني التلاحم مع شعبها ومقاومته في هذه اللحظات التاريخية، ولن يغفر لها شعبنا أي انجرار إلى الخطيئة بتقديم أي معلومات إلى الصهاينة حول أي من الأسرى الأبطال، فأي طعن من الخلف لهؤلاء الأبطال هو خيانة عظمى، وشعبنا لن ينسى، والتاريخ لن يرحم.
وختاما.. فإن عملية هروب الأسرى الستة من سجن جلبوع بقدر ما تشكل تطورا نوعيا للغاية زلزل المنظومة الصهيونية السياسية والعسكرية والأمنية والاستخبارية، وحدثا تاريخيا في إطار الصراع مع الاحتلال، فإنه يشكل بالقدر ذاته دفعة معنوية هائلة من شأنها أن تلقي بظلالها الإيجابية على جهود المقاومة الفلسطينية لتحرير الأسرى وإنجاز صفقة تبادل مشرفة في المستقبل القريب إن شاء الله، وفي ذلك بشارة عظيمة قادمة لأسرانا الأبطال في سجون الاحتلال وأهلهم الكرام الذين يترقبون ساعة الفرج والخلاص بفارغ الصبر وكامل الثقة واليقين بنصر الله.
"ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم"
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت