-
لا تجوز محاكمتهم أو مساءلتهم
“قررت نيل الحرية بطريقتي الخاصة، بسبب عدم وجود أفق للإفراج عني، خاصة أن المؤبد غير محدد المدة”، هذا ما قاله الأسير محمد العارضة عقب لقائه بمحامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين خالد محاجنة.
تلك الكلمات تدلل على الوجه الإسرائيلي القبيح في التعامل مع قضية الأسرى والنظر إليها كجنحة جنائية، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني في التعامل مع قضية الأسرى، وهذا ما دعا رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدري أبو بكر، إلى توجيه نداء في 12 أيلول الجاري لإثارة وإبراز الحالة القانونية الدولية للأسرى الذين تمكنوا من تحرير أنفسهم من سجن “جلبوع”، وأُعيد اعتقالهم.
وحسب وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة، فإن هروب الأسرى الستة وفق المادة (91) من اتفاقية جنيف الثالثة، يعتبر ناجحا، أي أن انتزاع الحرية يعتبر من الصفات الوطنية والنضالية في القانون الدولي الإنساني، ولا تجوز مساءلتهم ومحاكمتهم أمام المحاكم الإسرائيلية، وهذا نص ملزم للسلطة القائمة بالاحتلال وعليها احترامه وتطبيقه، لكن ما تقوم به إسرائيل بحقهم يعتبر انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي بشكل عام.
وتابع: “في القانون الدولي الإنساني، إذا كان الهروب فاشلا، فتوقع فقط العقوبات التأديبية على هؤلاء الأسرى، ولكن الأسرى الستة لا تجوز مساءلتهم ومحاكمتهم وفق اتفاقية جنيف الثالثة، ولذلك على الأطراف الموقعة لاتفاقية جنيف والمجتمع الدولي في هيئة الأمم المتحدة العمل على إلزام إسرائيل باحترام تطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة بالقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، وحتى الآن إسرائيل لا تحترم ذلك”.
ووفق الشلالدة، فإن الحكومة تتابع موضوع الأسرى من خلال سفاراتنا بالخارج، منوها إلى أن هناك ملفا قانونيا مطروحا أمام المحكمة الجنائية الدولية يضم ثلاثة ملفات: الأسرى، والاستيطان، والحرب الأخيرة على قطاع غزة، مشددا على ضرورة تحريك هذا الملف ليس على المستوى المحلي، إنما أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وتابع: المركز القانوني للأسرى حسب المادة الأولى من البند الرابع من البروتوكول الأول الذي ينطبق على حركات التحرر، يعتبر ما يقوم به مناضلو حركات التحرر من أجل نيل حق تقرير المصير وضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي في الحرب التي يخوضونها، نزاعا مسلحا دوليا.
وأوضح الشلالدة، أن المقصود بالنزاع المسلح الدولي أي أنه يترتب للأسرى الآثار القانونية، ولا يجوز مساءلتهم أو محاكمتهم، وبالتالي يعتبرون محميين أمام القانون الدولي الإنساني، ولا تجوز مساءلتهم، بل يتم إيداعهم في المعتقلات والسجون لحين انتهاء العمليات العسكرية، وما تقوم به السلطة القائمة بالاحتلال داخل سجونها بحق الأسرى من حيث حرمانهم من حقوقهم المادية والمعنوية وفق القانون الدولي الإنساني، يعتبر انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي.
وقال: يعتبر الأسرى مقاتلين وسكانا مدنيين تنطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة، وفي هذه الأيام وفي ظل انعقاد الجمعية العامة لا بد من مطالبة المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل باحترام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والبروتوكول الأول لعام 1977 حتى تكون هناك حماية قانونية للأسرى، وبخلاف ذلك تنعقد المسؤولية الدولية والمسؤولية الجنائية لدى السلطة القائمة بالاحتلال.
وشدد على ضرورة تدويل قضية الأسرى أمام الأجهزة الرئيسية، خاصة الجمعية العامة ومجلس الأمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة العفو الدولية، ومجلس حقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع الدولي الخاصة بحقوق الإنسان، لأن إسرائيل كسلطة قائمة بالاحتلال لا تطبق الحد الأدنى من اتفاقية جنيف الرابعة، بل تحدد القوانين والأوامر العسكرية والتشريعات العنصرية الصادرة عن الكنيست بحق الأسرى. فالقانون الذي يجب أن ينطبق على الأسرى ليس الأوامر العسكرية ولا التشريعات العنصرية، بل ينطبق عليهم القانون الدولي الإنساني خاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وبرتوكول الأول عام 1977.
بدوره، قال مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير المحامي جواد بولس: إن إسرائيل تتعامل مع الأسرى الستة “كفارين من العدالة وتفرض بحقهم اجراءات القانون الجنائي الذي من الأساس كان مفروضا على الفلسطينيين منذ عام 1967، حيث فرضت إسرائيل هذه المعادلة على أن المقاوم مجرم بحقها، يحاكم وفق معادلة الحاكم والمحاكم، وهذه المعادلة لا تتفق مع المناضل ضد الاحتلال، وعمليا لن يؤثر نتائج القضاء الإسرائيلي في هذه المسألة تحديدا، خاصة أن أربعة منهم محكومون بالسجن المؤبد.
وأردف: “ردة الفعل الإسرائيلية العنيفة بحق الأسرى في سجون الاحتلال تأتي في وقت يدلل على نجاح هذه العملية، في وقت تحاول فيه إسرائيل أن ترسخ موضوع اليأس والخنوع ليس فقط في الشارع الفلسطيني بل داخل الحركة الأسيرة أيضا، وجاءت هذه العملية لتبث رسائل هامة في زمن الإحباط العام”.
وتابع بولس: “إسرائيل لم تحترم مطلقا قواعد القانون الدولي في أي ميدان، لا في طريقة تعاملها مع الأسرى ولا في طريقة حكمها للأراضي المحتلة، والشعب الفلسطيني كشعب محتل تنطبق عليه جميع المواثيق الدولية التي وضعت بالأساس بعد حربين عالميتين لمنع هضم حقوق الشعب المحتل”.
ولفت إلى أن إسرائيل منذ اليوم الأول لاحتلالها الأراضي الفلسطينية تنكرت لهذه القواعد وما زالت تحتل الأرض الفلسطينية، وفقا لمفاهيمها الاستعمارية والاستعلائية.
وأوضح، أن قضية الأسرى هي الحالة الأكثر وضوحا لهذا التضاد اليومي بين الاحتلال ودولة محتلة ومصلحة السجون وما بين المقاومين للاحتلال، وهؤلاء كان يجب أن يحظوا بكل ما نصت عليه القوانين الدولية، ابتداءً من كيفية مواجهتهم واعتقالهم وأين يعتقلون، فالمواثيق الدولية تحظر نقل أي مجموعة سكانية محتلة إلى داخل أرض الدولة المحتلة، وهنا نجد أن كل سجون إسرائيل عمليا تحتوي على 4500 أسير، وهذه إحدى أهم قواعد خرق القانون الدولي، إضافة لأهمية توفير حقوق المحاكمة العادلة النزيهة التي يجب أن تضمن لأي أسير أدنى حدود للحقوق للدفاع الصحيح المتكامل، ولكن كل هذه القواعد معدومة في القضاء الإسرائيلي، الذي أثبت عمليا أن دور المحكمة يأتي مكملا لأجهزة سلطات الاحتلال وخروقاتها”.