قال خبراء قانونيون وسياسيون إن نهج الأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية عكس إخفاق عميق في انجاز العدالة وتحقيق الشرعية الدولية المتمثلة في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
جاء ذلك في لقاء نظمه مجلس العلاقات الدولية – فلسطين- بالتعاون مع مركز المبادرة الاستراتيجية فلسطين ماليزيا، بعنوان: “موقف الأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية في أثناء عدوان مايو 2021 وبعده” بمشاركة المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة البروفيسور مايكل لينك ووزير الخارجية الماليزي الأسبق أحمد البار، والأمين العام السابق للمجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور نافذ المدهون.
وشارك في اللقاء عشرات المختصين والحقوقيين والقانونيين والدبلوماسيين من داخل غزة وخارجها عبر الانترنت.
أهمية الأمم المتحدة
رئيس مجلس العلاقات الدولية – فلسطين د. باسم نعيم، أكدّ أن قضية فلسطين هي قضية دولية بامتياز وأن شهادة ميلاد دولة الاحتلال كُتبت في أروقة الأمم المتحدة، وبالتالي أي تعاطي مع القضية بعيدًا عن المجتمع الدولي سيكون قاصرًا.
وقال نعيم في افتتاحيته للقاء: "قد نتفق مع سلوك الأمم المتحدة أو نختلف، ولكن تبقى بوابة الأمم المتحدة أساسية في إطار أي رؤية لحل هذا الصراع."
قرارات بدون إجراءات
من جهته، قال البروفيسور مايكل لينك المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن الأمم المتحدة أخفقت في المساءلة وهذا أدى إلى زيادة الاحتلال وتوسع الاستيطان.
وأوضح لينك في مداخلته، أن غياب الردع الدولي يشجع إسرائيل على التوسع والضم وتهديد حل الدولتين مما جعلها تمارس احتلالًا بدون أي تكلفة وتصر على ادعائها بامتلاك هذه الأراضي.
وأكدّ أن مجلس الأمن خلال العقود الماضية رسخ ثلاثة مبادئ متعلقة باحتلال الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وغزة وتتلخص تلك المبادئ في انطباق اتفاقيات جنيف على هذا الاحتلال، وأن الاستيلاء على الأراضي بالقوة هو أمر غير شرعي، وأن بناء المستوطنات وتوسيعها يخالف القانون الدولي ويهدد حل الدولتين.
وأضاف: “منذ فبراير 2009، تبنى مجلس الامن أكثر من 700 قرار، ولكن من بينهم قرار واحد فقط ينتقد الاحتلال الإسرائيلي وهو القرار 2334، ولم يصدر أي قرار آخر حتى عندما شهدت حالة حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية سوءًا متزايدًا.”.
وشددّ على مهمة أعضاء مجلس الامن التحرك والتوضيح بأن عصيان قرارات المجلس يجب أن يكون له عواقب.
وردًا على مداخلات الحضور، قال لينك بأنه يتفهم حالة الغضب المبرر والظروف التي يعيشها الناس في غزة، مشددًا على أهمية دعم التحقيق الذي تجريه محكمة الجنايات الدولية في التحقيق في الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية.
ووعد بينك بأنه سيفعل كل ما في وسعه لأن يعكس وجهات نظر الحضور في تقاريره التي يصدرها في حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.
أدلة كافية
من جانبه، قال وزير الخارجية الماليزي الأسبق حميد البر إنه من الواضح أن لدينا ما يكفي من البيانات والكثير من الرفض، ومن الواضح أننا نواجه حالة من عدم الانصياع للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وأشار البر إلى أن قيام دولة إسرائيل هو دليل فشل المنظومة الدولية، لأنها لم تتمكن من الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
وقالت البر في مداخلته، إن “لدى أجهزة الأمم المتحدة آليات كافية ولكن الموقف تجاه القضية الفلسطينية لم يتغير إن تأسيس دولة إسرائيل يظهر اخفاق الأمم المتحدة في الحفاظ على حقوق الفلسطينيين منذ البداية”.
وأوضح أن اخفاق الأمم المتحدة في محاسبة إسرائيل يعود لموقف الولايات المتحدة التي يجب أن تكون أكثر توازنًا.
وذكر بأن لدينا أدلة كافية للمساءلة وبدون حدوثها لن يكون هناك حل أو استقرار في الإقليم. ورأى وزير الخارجية السابق بأن حل الدولتين لم يعد قابلًا للتطبيق والحل الأكثر قابلية هو حل الدولة الواحدة بوجود عرقيات دينية مختلفة.
وردًا على مداخلات الحضور، دعا الوزير السابق إلى عدم الشعور المفرط بالإحباط، مطالبًا بتشكيل قوة لحماية الفلسطينيين، ومشيرًا أن الأمم المتحدة وحدها لا يمكن أن تؤدي جهودها لحل الدولتين ولكن يجب تعزيز إجراءاتها في نفس الوقت.
الحلول ضعيفة
من جانبه، أكدّ د. نافذ المدهون الأمين العام السابق للمجلس التشريعي الفلسطيني أن هناك أعداد كبيرة من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ولكن خطوات التنفيذ بطيئة مما يدلل على وجود خلل.
وقال المدهون في مداخلته، إنه من خلال متابعته فإنه لا يوجد رؤية تجاه القضية الفلسطينية في البعد السياسي أو القانوني وبأن الحلول باتت ضعيفة، مؤكدًا ان الشعب الفلسطيني أمام مسؤولية كبيرة للاستمرار في المقاومة التي تحميها قرارات الأمم المتحدة.
وأوضح أن سياسة الأمم المتحدة منحازة للجانب الإسرائيلي، وهذا يصعب من مهمتها في تنفيذ قراراتها، ولا بد أن يكون هناك آليات جديدة لتنفيذ هذه القرارات.
إحباط شعبي ومطالبة بالضغط
وفي مداخلاتهم، أكد جانب من الحضور أن البيانات والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة غير كافية، وينبغي تنفيذها والضغط من أجل إنهاء الاحتلال.
ووصف جانب آخر موقف الأمم المتحدة بالضعف خلال عدوان مايو 2021 ولم تصل لدراجة الإدانة داعين إلى تشكيل أجسام أخرى على غرار متحدون من أجل السلام لكسر الجمود في المنظومة الدولية، مبدين إشادتهم بقرار مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة تحقيق دائمة.
في جانب السلوك التصويتي، أشار عدد من الحضور إلى تأثر هذا السلوك بالضغط الذي تتعرض له بعض الدول وخاصة الضعيفة منها، داعين إلى قراءة سبب تراجع هذا السلوك، وهل له علاقة بالتغيرات والتوازنات في العالم.
وتسائل أحد الحضور في نهاية الندوة: هل نحن جاهزون فلسطينيًا؟ في ظل وجود مجتمع مدني وقوى فلسطينية تريد أن تتحرك دولياً وقيادة تتعامل مع الاحتلال بمنزلة الشريك؟